الأربعاء 2021/02/17

هل يمنح نظام الأسد “الإدارة الذاتية” اعترافاً دستورياً مقابل سماح “قسد” بنشر صناديق إعادة “انتخاب” الأسد؟

في وقت يُفترض أن تتوقف فيه "قسد" عن إظهار أي مواقف سياسية بانتظار اتجاهات الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن حول الملف السوري، وهل سيكون فيها تغييرات جذرية عن سياسات الرئيس الأمريكي السابق ترامب خلال سنوات حكمه الأربع المنصرمة، نجد وفداً من قسد يزور دمشق، ويعلن عن التوصّل إلى تفاهمات أولية مع النظام برعاية روسية رافقت هذه الزيارة، ويعلن كذلك عن عودة وفد "كبير" قريباً إلى دمشق لإكمال المحادثات هناك.

الزيارة جاءت بمبرر سلسلة الأحداث الأخيرة التي وقعت في مناطق سيطرة "قسد" مع بعض ممثلي النظام الذين لازالوا يحتفظون ببعض مواقعهم في تلك المناطق، ووصلت إلى اعتقال عدد من منهم على يد ميليشياتPYD، وكانت التفاهمات المقصودة في الجزء المعلن من نتائج المحادثات تشير إلى الاتفاق على إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين.

مصادر مطلعة "جدّاً" على حقيقة ما دار في المباحثات بين مسؤولي قسد ومسؤولي النظام  تقول إنّها تمحورت حول أربعة بنود قدّمها الوفدان مناصفة بينهما.

النظام  من طرفه طالب قسد برفع علمه فوق الدوائر والمؤسسات الحكومية، مع موافقته على استمرار تسيير عمل هذه الدوائر والمؤسسات عبر "الإدارة الذاتية" التابعة لـ "قسد"، والطلب الثاني وهو الأهم في هذه المباحثات كان السماح للنظام بفتح مراكز انتخابية، ونشر صناديق الاقتراع لإعادة انتخاب بشار الأسد "رئيساً" للبلاد للولاية الثالثة على التوالي.

"قسد" تدرك في هذه المرحلة الدقيقة مأزق النظام في مسألتين اثنتين:

الأولى: فشل اللجنة الدستورية في جولتها الخامسة، وتحميل المجتمع الدولي النظام مسؤولية تعطيل اللجنة الدستورية.

الثانية: اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي يؤرّق النظام بشكل جدّي نظرة المجتمع الدولي في مدى شرعيتها لمجموعة أسباب من بينها خروج مناطق من البلاد من تحت سيطرته تبلغ نسبتها ما يقارب 40% من مساحة البلاد تتوزعها ثلاث سلطات هي "قسد" شمال شرق سوريا، وهيئة تحرير الشام في إدلب، والمعارضة المتمثلة بالائتلاف والحكومة المؤقتة في ريف حلب الشمالي.

هذه المناطق تحتوي ثلاث مراكز محافظات من بين أربع عشرة محافظة سورية، اثنتان من هذه المحافظات تدخل ضمن مناطق سيطرة "قسد"، وهما الحسكة والرقة، فيما إدلب الثالثة تدخل ضمن منطقة سيطرة هيئة تحرير الشام.

إدلب ليست مهمة للنظام، سيتحدث أنه لا يريد أصوات "الإرهابيين" المنتشرين في إدلب، لكن يهمّه تصويت "الناخبين" في الحسكة والرقة كي يزيد من شرعية انتخاباته في وجه المشككين بشرعيتها، مع استمراره في إلقاء اللوم على الدول التي فرّ إليها اللاجئون السوريون فيما لو لم تسمح لسفاراته بتنفيذ الانتخابات في تلك البلدان.

المعلن من مطالب "قسد" في كل مفاوضاتها السابقة هو تفعيل قانون الإدارة المحلية 107 ومنح الإدارة الذاتية التابعة لها اعترافاً من دمشق وفق هذا القانون، والمطلب الثاني هو اعتبار "قسد" جزءاّ من جيش النظام السوري مع الحفاظ على خصوصيتها وهيكليتها الحالية، لكن هذه المرة وللسببين السابقين فقد طلبت "قسد" من دمشق منح الحكم الذاتي السياسي للمنطقة الشمالية الشرقية، والاعتراف بهذا الحكم دستورياً على غرار الاعتراف الدستوري الممنوح لإقليم كردستان شمال العراق، والسماح ل "قوات سوريا الديمقراطية" بالحفاظ عليها كقوة مسلحة مستقلة عن جيش النظام.

هل سيوافق النظام على هذين الطلبين؟

الأسد يستميت لتمرير انتخاباته بأي ثمن، وهوسبق أن باع أجزاء من بلاده لموسكو وطهران وتل أبيب وحزب الله اللبناني، ولا يفعل شيئاً حيال انتشار قوات أمريكة وتركية في أجزاء أخرى، لذا من المحتمل أن يقبل بفتح مثل هذا الحوار مع "قسد"، وهو ما يشير إلى عودة وفد "قسد" قريباً إلى دمشق، لكن هل سيصل الأمر إلى الاعتراف الدستوري التي تشترطه "قسد"؟

الجواب: لا، إن كان النظام تعلّم من إيران شيئاً، فقد تعلّم منها سياسة "حائك السجّاد" الذي يتمتّع بالصبر الطويل لينجز عمله، وبالتالي فالنظام الذي فاوض ثماني جولات في جنيف، وخمس عشرة جولة في أستانا، وخمس جولات دستورية دون أن يخسر فيها شيئاً، إن لم يكن حقق مكاسب في بعضها، فإنه سيفاوض "قسد" كذلك بنفس هذه السياسة بانتظار تغيّر الظروف التي تمنحه فرصة القضاء على "قسد" عسكرياً ومدنياً وسياسياً.

السؤال الثاني بالمقابل، هل ستقع "قسد" في فخّ النظام؟

الجواب: غالباً نعم!!!

 

الجسر للدراسات