الأربعاء 2021/01/13

غارات دير الزور، رسالة إسرائيلية لبايدن قبل دخول البيت الأبيض

 

"عودة الديمقراطيين" إلى البيت الأبيض تعني أمراً واحداً لتل أبيب هو العودة لاتفاق البرنامج النووي مع إيران، الإسرائيليون لم يقتنعوا يوماً بمبررات "أوباما" أن الاتفاق يمنع طهران من امتلاك سلاح نووي "تمحو به إسرائيل من الوجود" كما يكرر قادة النظام الإيراني.

الأسلحة التقليدية التي تمتلكها إيران في سورية سواء كانت قريباً من الحدود الجنوبية، أو مخبأة في أماكن بعيدة أخرى مثل الجبال الساحلية، أو في المنطقة الشرقية قرب الحدود العراقية، على أهميّة مراقبة حركتها، وضرورة تقليل انتشارها، إلا أنها موجودة بالأصل بيد حزب الله في جنوب لبنان، وعلى طول خط التماسّ اللبناني الإسرائيلي، لذا فإنّه لابدّ من سبب آخر للغارات الأخيرة العنيفة بشكل أكبر بكثير مما هو معتاد، وبهذا التوقيت من المرحلة الفاصلة بين إدارتين أمريكيتين تحملان رؤيتين متعاكستين للبرنامج النووي الإيراني، حيث عمد الجمهوريون في عهد ترامب المنتهية ولايته إلى إلغاء الاتفاق النووي مع طهران، فيما لازال الديمقراطيون العائدون بزعامة "بايدن يرون صوابية موقفهم من هذا الاتفاق.

الأمريكيون قتلوا سليماني والمهندس، هما من الأسلحة التقليدية التي لا تلتفت لها تل أبيب كثيراً، كان همُّ الإسرائيليين ينصبّ على البرنامج النووي لذا قتلوا "محسن فخري زادة"، وفي جانب النظام السوري، الغارات الإسرائيلية كانت محصورة تقريباً على برنامج الأسلحة الكيماوية، مع استهداف شحنات الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله اللبناني، فيما لم تتعرّض قوات النظام السوري، وأسلحته التقليدية لشيء كثير من هذه الغارات.

تل أبيب اليوم في وضع مختلف تماماً عن وضعها مع إدارة أوباما حين فشلت في إقناعه بعدم المضي في الاتفاق النووي، يقف إلى جانبها اليوم عدد من الدول العربية، وخصوصاّ الخليجية التي دخلت في علاقات تطبيع معها، وعلى رأس الأولويات التي تجمعها معهم عداوة إيران، والمخاوف المشتركة من امتلاكها للأسلحة النووية التي تمكّنها من رفع مستوى تهديدها الحالي، ونشرها للفوضى في أربع دول عربية هي العراق وسورية ولبنان واليمن.

كانت تل أبيب حريصة إلى اللحظة الأخيرة من ولاية ترامب على تصفية الأجواء العربية العربية، وكسب دول بعيدة جغرافياً مثل السودان والمغرب، سيكون هؤلاء جميعاً إلى جانبها في موقف موحّد يضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة، في أنّ فتح التفاوض مع إيران حول ملفّها النووي مرفوض منهم كلّهم، ويهدد مصالحهم، وبالتالي يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، كذلك تبدو المصالحة الخليجية المصرية مع تركيا قادمة، وبالتالي تصبح إيران الدولة الوحيدة المنبوذة في المنطقة إلى أن تتخلّى عن مطامعها التوسعية سياسياً وعقدياً، وتعود للانكفاء ضمن حدودها، وتحرص على إقامة علاقات طبيعية مع جيرانها.

وإذا كانت الضربات الجوية على المستودعات والمنشآت والقوات الإيرانية شرق سورية، قد " أجريت بمعلومات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة" حسب تصريح مسؤول كبير في الاستخبارات الأمريكية لوكالة أسوشيتد برس، وأنّ "وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ناقش الضربات الجوية مع رئيس الموساد يوسي كوهين بينما كان الأخير يزور واشنطن العاصمة في وقت سابق من هذا الأسبوع" فإن ذلك سيجعل مشروع الديمقراطيين مستحيلاً إذا كانت الاستخبارات الأمريكية ووزارة الدفاع في الموقع الذي يعارض قرار بايدن في العودة للاتفاق مع طهران.

رغم أنّ بايدن يعمل على "تنظيف" الإدارة الجديدة من موظّفي الإدارة السابقة  بسبب مواقفهم المعلنة المطالبة بتحجيم النفوذ الإيراني، والرافضة للاتفاق النووي، إلاّ أنه سيواجه آخرين وخصوصاً من العسكريين وموظّفي الاستخبارات، ممن سيكون على وجهة نظر تل أبيب في هذا الموضوع.