الأربعاء 2021/03/24

سياسة روسيا في سوريا: طالما يجب أن يتغير كل شيء، لذا لن يتغيّر شيء!!!

"كل شيء تغير ولم يتغير شيء".. هذا أسوأ وضع يمكن أن يصل إليه بلد في العالم، والسؤال الذي يلحّ على آذان السوريين بمختلف صتوفهم، ما الذي يجب أن يتغيّر أيضاً، حتى يتغيّر شيء في سوريا؟

على طرفي البلاد، أو على أطرافها الأربعة، بشار الأسد وما تبقّى معه من الجغرافية السورية، والمعارضة في الشمال، والميليشيات الكردية في الشرق، وهيئة تحرير الشام في إدلب، في كل هذه المناطق يرى السوريون عمق التغييرات التي طالت حياتهم، لكنها بالمقابل لم توصل إلى وقف الحرب، أو تخفيف المعاناة المستمرة منذ عشر سنوات.

بحسب بيان جنيف وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لعملية سياسية تبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة، وتخوّل بمهام الرئاسة والحكومة معاً، مروراً بالإصلاح الدستوري، وانتهاء بانتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة، فإن هذا سيطيح ببشار الأسد من السلطة، وهنا تكمن عقدة الاستعصاء في المسار الأممي، بالتعطيل الروسي لهذه العملية السياسية، فروسيا لا يزال قرارها التمسك بالأسد، ورفض أي خطوة تؤدي للإطاحة به.

روسيا بسلوكها هذا وضعت الشعب السوري والمجتمع الدولي على مفترق طريقين، الأول منهما جعلته مسدوداً لآنه ينتهي بتغيير الأسد، وهي تريد للجميع سلوك الطريق الثاني الذي يبقيه في الحكم.

السؤال هنا أيضاً هل ستحدث تصدّعات في الموقف الدولي تقبل ببقاء الأسد في الحكم، ولو بذريعة وقف الحرب، وتخفيف المعاناة، وتجنب أزمات تدفق موجات جديدة من اللاجئين خارج سوريا، وبذريعة منع عودة التنظيمات الإرهابية من تنظيم نفسها من جديد؟.

المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، يرى في تقرير له أن روسيا التي تبنّت سياسة أنه " طالما يجب أن يتغير كل شيء، لذلك لن يتغيّر شيء" وأن الشيء المقصود في السياسة الروسية هو الأسد لا غير، وجعلت من هذه السياسة تحدّياً لاستعادة مكانتها الدولية، يمكن للاتحاد الأوربي أن يتفاهم معها حول حلول لا تهدد الأسد "وجودياً" ولذا يطرح التقرير ثلاث محاور يمكن أن تعمل عليها روسيا، وتقبل أوربا، والمجتمع الدولي من خلفها بها.

المحور الأول: محور سياسي يتركز بين موسكو والأسد "للضغط عليه "برفق" لتقديم بعض التنازلات"، وتفتح الباب لتسوية سياسية "حيث لا يتنازل الأسد عن دوره ولكنه يعطي تنازلات سياسية واقتصادية للمعارضة السورية".

المحور الثاني: "هو عودة اللاجئين، وضمان ظروف آمنة للاجئين العائدين للاستقرار في بلدهم، وهذا يحفف مصلحة للحكومات الأوربية "التي عانت من تداعيات الشتات السوري"

المحور الثالث: "هو إعادة الإعمار، "فالروس ليس لديهم وسيلة لتحسين البدائل الاقتصادية لدمشق. وإذا كان الروس غير قادرين على إعادة الإعمار، فعليهم تقدير من يريدون الإعمار، نظرًا لأن الأوروبيين يُخضعون انخراطهم في تنازلات أكثر أهمية من دمشق (إحراز تقدم سياسي، وقضية اللاجئين)، وعلى روسيا أن تكون في موقف تحاول على الأقل ضمان تلك التنازلات".

الموقف الأوربي والدولي المعلن في ذكرى مرور عشر سنوات على الثورة السورية، يعاكس تماماً مثل هذه التقارير السيئة بالفعل، وهي في حقيقتها ترسّخ الشعار الذي رفعه النظام منذ الأيام الأولى "الأسد أو نحرق البلد"، والمتتبع للبيانات الدولية الصادرة في الأيام الماضية يرى الازدراء الواسع بالأسد شخصياً كديكتاتور مجرم مضى في تدمير بلده إلى النهاية في سبيل البقاء بالحكم، ولا يبدو أن له أمل في أن يستعيد قبول المجتمع الدولي به.

 

الجسر للدراسات