الأحد 2019/06/23

إيران بين طبول الحرب السعودية، وتغريدات الحبّ الترامبية

"النسر العالمي للارتفاعات العالية والبعيدة المدى" “MQ-4C تريتون” أغلى طائرة مقاتلة أمريكية على الإطلاق حيث تبلغ قيمتها أكثر من 120 مليون دولار، وهي الأكثر تطوراً في ترسانة الجيش الامريكي، أسقطتها إيران. يرى بعض الخبراء أنّ إسقاط هذه الدرون المخصصة لمراقبة المحيطات والسواحل كان أقرب إلى المستحيل كونها تحلق على ارتفاع شاهق يبلغ 65 ألف قدم.

بدأ ترامب بالتهديد بإبادة إيران التي لم تبال كثيراً بتهديداته، ويبدو أن النظام الإيراني يدرك تماماً أنها رسالة ليست موجهة لهم أصلاً، وإنما لجيرانهم الخليجيين في أن الولايات المتحدة ستواصل حمايتهم ولن تسمح لإيران بتشكيل خطر عليهم، كان الأمر أشبه بتقاسم أدوار مسرحية يجيدها ترامب وخامنئي، ويؤديانها دون أي خروج عن النصِّ المكتوب سلفاً.

الذي تابع التصريحات السعودية والإماراتية ووسائلهما الإعلامية كان يسمع طبول الحرب تقرع بصوت عالٍ، وكأن ترامب يتلقى التعليمات منهما، أو أن قرار الحرب سيصدر من قصر ولي العهد السعودي لا من البيت الأبيض، لكن ترامب كان له رأي آخر فسرعان ما بدأت تغريدات الحبّ الترامبية تتوالى واضعة في المقدمة أعذاراً لإيران من قبيل "أعتقد أن إيران ارتكبت خطأ، وأعتقد أنه كان جنرالا أو شخصا ما ارتكب خطأ وأطلق النار عليها". مضيفاً: "من الممكن أن يكون شخصا متهورا وغبيا"، إلى قوله حسب موقع "ديلي بيست": "إن إدارته تؤكد مجددًا أنها لا تسعى لحرب مع إيران". وأضاف الموقع: "الرئيس ترامب طلب من مستشاريه تخفيف حدة التصريحات بشأن إيران".

بعد ذلك نقل محللون سياسيون أمريكيون عن ترامب أنه اعتبر الطائرة المستهدفة بمثابة "كمبيوتر طائر" حين غرّد في اللحظة الأخيرة قبل شنّ ضربة انتقامية ضد إيران "أوقفت الغارة قبل 10 دقائق من موعد تنفيذها، لأن الرد لا يتناسب مع إسقاط طائرة بدون طيار"، وأن "الأمر كان سيختلف كثيرا" بالنسبة له لو كانت الطائرة مأهولة".

تصاعد الحب الترامبي حين أثنى ترامب على قرار إيران بعدم إسقاط طائرة عسكرية كانت محملة بالجنود الأميركيين ترافق الطائرة بدون طيار التي سقطت؛ قائلا: "كانت هناك طائرة فيها ٣٨ فردا أمس، هل رأيتم ذلك؟ أعتقد أن هذه قصة كبيرة. كانت في مرمى تسديدهم ولم يسقطوها. أعتقد أنهم كانوا حكماء جداً في عدم القيام بذلك، ونحن نقدّر أنهم لم يفعلوا ذلك. أعتقد أن هذا كان قرارا حكيما للغاية".

كان هذا الرد بعد أن أعلن قائد القوات الجوية بالحرس الثوري الإيراني "أمير علي حاجي زادة" أن إيران كانت قادرة على إسقاط طائرة أمريكية عسكرية أخرى كانت برفقة الطائرة بدون طيار، وكان على متنها 35 شخصاً، لكن لم نفعل هذا الأمر لأن هدفنا من إسقاط الطائرة بدون طيار كان توجيه تحذير "للإرهابيين الأمريكيين".

أسدل ترامب الستار على فصل إسقاط الطائرة حسبما ذكر مراسل شبكة إن بي سي، تشاك تود، بعد إجراء مقابلة مع ترامب إلى أن هذا الأخير "أكد أنه ليست لديه أي شروط مسبقة للتفاوض مع إيران وأنه يرغب في التحدث مع الرئيس الإيراني حسن روحاني أو المرشد الأعلى للثورة على خامنئي".

يبدو أن الحادث كله كان يهدف إلى سحب الشروط الأمريكية الإثني عشر التي كانت وضعتها في وقت سابق على إيران لبدء مفاوضات معها، وإلى تمرير المزيد من صفقات السلاح للدول الخليجية التي تجد بعض المعارضة في الولايات المتحدة بدواعٍ إنسانية لما تسببه من كارثة في الحرب اليمينة، ولذا سارع ترامب إلى الاتصال بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبحسب بيان "هوغان غيدلي" المتحدث باسم البيت الأبيض فقد "ناقش الزعيمان الدور الحيوي للسعودية في ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط، وسوق النفط العالمية إضافة إلى التهديد الذي يشكله السلوك التصعيدي للنظام الإيراني".

يبدو أنها كانت جلسة "علاج نفسي" للأمير السعودي إثر هذا المقلب الأمريكي "اللطيف".