الجمعة 2018/07/06

من سيكون “حفتر” شرق سوريا؟ الجربا، أم نوّاف راغب البشير، أم رياض درار؟


مركز الجسر للدراسات..


مصطلح الضفادع يعود إلى "بسام ضفدع" القيادي البارز في فيلق الرحمن الذي كان ينتشر في الغوطة الشرقية، ضفدع فجّر مفاجأة مدوّيّة بظهوره في فيديو يمجّد فيه رئيسه الأسد، ويبارك له "الانتصار" في الغوطة.

اعترف ضفدع بتعاونه الكامل مع قوات النظام في اجتياحه للغوطة الشرقية، والذي انتهى بهزيمة الفيلق وخروج عناصره إلى الشمال السوري.

صفحات موالية للنظام كتبت أن هذا الضفدع كان في مهمة منذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011، وقام بما هو مطلوب منه على أكمل وجه.

"عمر الرحمون" ضفدع حلب الشرقية، يقول عن نفسه: إنه "قدم من عائلته شهداء، وشارك في تحرير حلب من النظام قبل أن يخطفها الإرهاب، وأنّ وجودها مع النظام أفضل من بقائها أسيرة".

هذا الضفدع مؤسس حركة "أحرار الصوفية" في محافظة حماة أوائل الثورة.

وشقيق سامي رحمون (أبي العلمين)، قائد كتائب "أبي العلمين" في "الجيش الحر" سابقًا، والقيادي العسكري في "جبهة فتح الشام" حاليا.

"أنس الطويل" ضفدع جنوب دمشق، وزعيم تيار المصالحة يدّعي " أنّه المخلّص وهدفه الوحيد إنقاذ المدنيين من المؤامرة التي خدعوا بها تحت مسمى الثورة" هذا الضفدع في تقرير استخباراتي للنظام " يعرفه الجميع من أكبر المحرضين والمؤججين للفتنة"، هرب إلى الأردن، وعاد بعد العفو العام الصادر عن رئيس النظام.

وكانت مكافأته إنشاء مليشيا شبيحة تابعة له، تقوم بسلب ونهب ممتلكات السكان المدنيين وترويعهم، ومهاجمة فصائل الجيش الحر والغدر بها بين الفينة والأخرى."منقذ الدالي" ضفدع ريف حمص الشمالي يجلس إلى جانب بندقيته على مكتب تعلوه صورة بشار الأسد يحيطها علما النظام والمحتل الروسي، بعد سنوات من خدمته في صفوف كتائب الثوار، هذا الضفدع كان قد فقد ابنه وزوجته  ثم فقد بعدهما ابنته في قصف للنظام على الرستن (ربيع 2012)، رغم هذا عاد إلى حضن قاتل عائلته.

لم يكن أحد من أهل ريف حمص الشمالي ولا ثوارها يتخيّل أن يطالب الروس ببقاء "جيش التوحيد" بقيادة ضفدع مزروع هناك اسمه "منهل الصلوح"، لحماية الطريق الدولي الواصل بين حمص وحماة، ولينتشر إلى جانب القوات الروسية في المنطقة. باعتبار "جيش التوحيد" شريكاً استراتيجياً للروس.

لم تكن المرة الأولى التي يطرح فيها اسم "جيش التوحيد" من قبل الجانب الروسي، كان "الجيش" أحد الموقّعين على "اتفاق القاهرة"، برعاية مصرية، وتنسيق رئيس "تيار الغد" أحمد الجربا والجانب الروسي، في 31 تموز/يوليو 2017، كغيره من الضفادع الخفية لم يكن عام كامل كافياً لكشف عمالته للنظام وللروس.

"أحمد العودة" قائد فصيل "قوات شباب السنّة"، أحدث "شرغوف" في درعا، لا يبلغ به الأمر أن يكون ضفدعاً، ضفدع درعا الحقيقي "خالد المحاميد" الذي يسير بالمشروع الروسي الإماراتي لتسليم درعا والحدود الجنوبية للنظام على غرار ما حدث في كل مناطق المصالحات السابقة في سوريا.

الضّباع مصطلح قد يتطور ليكون ظاهرة كالضفادع، مثاله قائد “لواء مغاوير الصحراء” “محمد أحمد شعبان” الملقب بـ “الضّبع” من مدينة الضمير في القلمون الشرقي بريف دمشق.

هذا الضّبع قال في تسجيل مصوّر إلى جانب ضباط في جيش النظام: إنه “بفضل من بشار الأسد، تم الاتفاق على تسوية أوضاعنا، وكافة عناصر لواء مغاوير الصحراء”.في كلتا الحالتين النتيجة واحدة: تسليم المناطق التي كان يعمل بها هؤلاء إلى النظام بعد مفاوضات مع الروس، وترتيب تسوية أوضاع للراغبين بذلك تمهيداً لضمهم إلى جيش النظام لاحقاً، وتهجير من يرفض ذلك نحو الشمال.

بسقوط أرياف حمص وحماة وقريباً الجنوب سيكون مشروع المصالحات الروسي قد بلغ مداه الجغرافي، وبدأ الحيّز الجغرافي التابع لكل من تركيا شمال غرب، والولايات المتحدة شمال شرق.

حسب حساسية المنطقتين وتقاطع المصالح بين روسيا وكل من الولايات المتحدة وتركيا، فمن المستبعد الذهاب بهما بشيء شبيه لما جرى في باقي مناطق سوريا، وبالتالي لا يمكن لضفادع مهما بلغ شأنها أن تستطيع إعادة تسليمها للنظام، الأمر يحتاج المرور بمرحلة انتقالية تطول أو تقصر، لكن لا بد من المرور بها.

وباعتبار أنّ إدلب قد تكون قضية مؤجّلة قليلاً ريثما يتسنّى لتركيا التوصل لتفاهم نهائي حولها مع روسيا، فإنّ القضية الملحّة والتي قد تكون محوراً رئيسياً في لقاء بوتين ترامب في هلسنكي هي المنطقة الشرقية لاعتبارات عديدة أهمها:

1- انتشار عدد كبير من الجنود والقواعد الأمريكية فيها، إضافة لبعض قوات التحالف الغربي من دول حلف الناتو بريطانيا فرنسا ألمانيا وإيطاليا.

2- وجود حلفاء الولايات المتحدة الأساسيين فيها من الميليشيات الكردية وقوات "السوتورو" وبعض القبائل العربية.3- إمكانية عقد صفقة مع الروس تقضي بإخراج إيران من المنطقة وبالتالي قطع الممر البري الذي يشكّل تهديداً لأمن الاحتلال الإسرائيلي.

4- المنطقة غنية بالثروات، وبالتالي هي مؤهلة لإدارة نفسها فترة من الزمن دون الحاجة للإنفاق عليها في مشاريع إعادة الإعمار من باقي الدول.

المعضلة تكمن فيمن سيدير هذه المنطقة، فعدم رضى القبائل العربية الأكثر عدداً في المنطقة سيمنع الأكراد من تولّي إدارتها، يضاف إليه عدم رضى تركي، وتخوّف من التحوّل نحو إقليم شبه مستقل على غرار كردستان العراق، كذلك رضى النظام مطلوب لضمان عدم مهاجمة المنطقة والقبول بالتخلّي عن إيران وتحجيم نفوذها تدريجياً.

الصراع على كسب القبائل العربية في المنطقة بلغ أشدّه الشهر الماضي بين الولايات المتحدة من جهة، وبين روسيا وإيران والنظام من جهة ثانية، فعلى الجانب الأول جمعت الولايات المتحدة 30 أيار/مايو 2018 في مقر قيادة ما يسمى "وحدات حماية الشعب الكردية" في مدينة الحسكة قيادة هذه القوات على مائدة إفطار مع شيوخ ووجهاء عشائر من دير الزور والرقة والحسكة، كان معظم شيوخ القبائل هؤلاء في طريقهم إلى اجتماع حشد له النظام وحلفاؤه في محافظة حلب بمنطقة دير حافر يوم 2 حزيران/يونيو أي بعد يومين من الاجتماع السابق، جرى الاجتماع تحت عنوان "العشائر السورية ضد التدخل الأجنبي والأمريكي في الداخل السوري".

يمكن القول إن المنطقة الشرقية بكاملها كيانات وشخصيات سياسية وعشائرية، وقوات مسلحة، تقوم اليوم بإعادة تموضعها، لتكون جزءاً من المشروع الروسي الأمريكي القادم بعد قمة هلسنكي وسط هذا الشهر.

الولايات المتحدة فشلت في استمالة القبائل العربية إلى جانبها، فالقبائل بقيت غاضبة من انحياز الولايات المتحدة للقوات الكردية، وسكوتها عن جرائمهم وانتهاكاتهم الواسعة بحق السكان المحليين، بالمقابل نجح الروس والإيرانيون والنظام في ذلك، واستطاعوا استمالة شيخ عشيرة البقّارة نواف راغب البشير إلى صفوفهم، وإعادته إلى "حضن النظام"، عشيرة البقّارة تعدّ من أكبر العشائر على وادي الفرات والمنطقة الشرقية، وحتى في منطقة حلب، ووجود مثل هذه الشخصية على رأس إدارة انتقالية إذا وافق الأمريكيون عليه، سيكون مناسباً فتاريخيّاً أبناء محافظتي الحسكة والرقة لا يجدون مشكلة في زعامة شخصية عشائرية من دير الزور، لذا تعدّ حظوظه أكبر قليلاً من "أحمد الجربا" أحد شيوخ عشيرة شمّر، فهو وإن كان قد زار الولايات المتحدة والتقى بالرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أيام ترؤسه للائتلاف الوطني السوري، إلا أن قلة عدد عشيرته مقارنة مع البقّارة، إضافة لعلاقته الوثيقة بالأكراد ترجّح كفة البشير عليه.

مليشيا قوات سوريا الديمقراطية في طور الإعلان عن إعادة تموضعها، وإصدار بيان مطابق لبيان قوات "السوتورو" الآشورية، تعلن فيه أنها لم ولن تقاتل قوات النظام يوماً من الأيام، وأنها فقط ماضياً ومستقبلاً تكافح الإرهاب والعناصر التي تقاتل الدولة السورية، وأنها ستضع يدها بيد "الجيش العربي السوري" لإكمال هذه المهمة، هل سيؤهّل إعادة التموضع هذا "رياض درار" الرئيس المشترك "لمجلس سوريا الديمقراطية" الذي تتبع له الميليشيات الكردية، ليكون أحد الشخصيات المرشحة لإدارة المنطقة الشرقية بعد الاتفاق الروسي الأمريكي القادم باعتباره ينتمي إلى محافظة دير الزور، سيكون درار هو المنافس الأقوى لنوّاف راغب البشير فيما لو سار هذا السيناريو.

في النهاية ستكون المهمة الأساسية لمن يتسلّم الإدارة المؤقتة للمنطقة الشرقية تهيئة الأجواء الملائمة للدخول في الحل النهائي الذي قد يأتي بعد سنوات.