الأربعاء 2021/05/19

تقرير إسرائيلي يهدّد بايدن ويصفه بـ “الكارثة” ويتوقع له مصيراً مماثلاً لـ “كوربين” وحزب العمال البريطاني

 

إنّه " أطول كتيب تعليمات للانتحار في التاريخ". هكذا وصف "إيلي بارنافي" المؤرخ والمحلل الإسرائيلي، موقف خصوم " مايكل فوت" من برنامجه السياسي، عند ترشحه لرئاسة وزراء بريطانيا، عن حزب العمال الذي كان يترأسه، مقابل "مارغريت تاتشر" زعيمة حزب المحافظين.

بالطبع خسر "مايكل فوت" الانتخابات أمام تاتشر 1983، وعلى خطا برنامجه السياسي جاء "جيمي كوربن" بمواقفه المخالفة لما هو سائد في بريطانيا، بما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، فقد كان صوّت سابقاً في البرلمان البريطاني لصالح الاعتراف بدولة فلسطين. وكان يصرَّح أن حماس وصلت للسلطة عبر انتخابات شرعيَّة،  ويجب الحديث معها،  وأن تكون طرفاً في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لتحقيق السلام هناك.

هذه المواقف عرّضته لانتقادات شديدة من اليمين الإسرائيلي المتطرف، وكان من السهل التنبّؤ أنه لن يشكّل حكومة في بريطانيا، في أي وقت من الأوقات، وهذا ما حصل فعلاً  لاحقاً، وأُقصي كوربين وحزب العمال البريطاني من رئاسة وزارة بريطانيا إلى يومنا هذا.

"إلقاء نظرة على مسار حزب العمال البريطاني أمر مفيد، ومثلما أسهمت ظاهرة معاداة السامية في تهميش حزب العمال البريطاني ، فقد تؤدي في المستقبل القريب إلى تقويض الديموقراطيين" .. بهذه التهديدات الشديدة، استهلّ التقرير المنشور في مركز أبحاث "بيغن السادات" الإسرائيلي، حديثه عن ظاهرة "الديموقراطيين التقدميين" -كما يسمّيهم- في إدارة بايدن.

الخطأ الذي يقع فيه الديموقراطيون هو وصف الصراع بالتفرقة العنصرية التي يمارسها "إسرائيليون يضطهدون الفلسطينيين"، على غرار حركات نشأت في الولايات المتحدة تناهض ممارسات "بيض يضطهدون السود" وتحوّلت اليوم بشكل كامل كقضية ثقافية وسياسية، وينتشر بشكل مرعب الربط بين قضية الفلسطينيين والإسرائيليين، وبين قضية البيض والسود، داخل الولايات المتحدة، فيما لا يزال الوضع غير ميؤوس منه مع الساسة الأوربيين الذين وعوا درس كوربين.

" المخاوف التقليدية بشأن أمن إسرائيل" التي "أعربت عنها القيادة المتعثرة للديمقراطيين التي يمثلها الرئيس بايدن نفسه، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي" ليست كافية، وليس هناك تماثل من أعضاء الحزب حولها، بعكس "الجمهوريين فإنهم متماثلون تقريبًا في التعبير عن التزامهم الصريح تجاه إسرائيل".

الصورة التي يراها التقرير في الولايات المتحدة، تسير على النحو التالي الآن:

"الجناح التقدمي للديموقراطيين احتلّ مركز الصدارة. في جلسة أخيرة على أرضية مجلس النواب  نهض عضو تقدمي واحد تلو الآخر لإدانة "إسرائيل"، ولرسم تشابهات غير متوقعة ومبالغ فيها بين غزة والمشهد الأمريكي. هاجمت  "ألكساندريا أوكاسيو كورتيز" بايدن، ودافعت ضمنيًا عن حماس قائلة: "صرّح الرئيس أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس. هل للفلسطينيين الحق في الحياة؟ "

وذهبت النائبة الإسلامية إلهان عمر إلى أبعد من ذلك واعتبرت "إسرائيل" "حكومة فصل عنصري" بينما صرحت النائبة إيانا بريسلي "بصفتي امرأة سوداء في أمريكا ، لست غريبةً عن وحشية الشرطة والعنف الذي تجيزه الدولة. لقد تم تجريمنا بسبب الطريقة التي نظهر بها في العالم ... يتم إخبار الفلسطينيين بنفس الشيء مثل السود في أمريكا: لا يوجد شكل مقبول من المقاومة ".

أوضحت النائبة كوري بوش على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكفاح من أجل حياة السود، والكفاح من أجل تحرير الفلسطينيين مترابطان. نحن نعارض ذهاب أموالنا لتمويل الشرطة العسكرية والاحتلال، وأنظمة القمع والصدمات العنيفة. نحن ضد الحرب. نحن ضد الاحتلال. ونحن ضد الفصل العنصري."

يعود التقرير لتوجيه "السؤال الذي يبقى هو كيف نفهم مستقبل الحزب الديمقراطي"؟

ويجيب عنه بالقول" يتم الحصول على بعض البصيرة من خلال إلقاء نظرة على حزب العمال البريطاني. منذ قيادته من قبل فصيل الزعيم المخلوع الآن جيريمي كوربين .

بنى كوربين ائتلافه للاستفادة من عدم المساواة الاقتصادية والاستياء العرقي ، وهي على وجه التحديد الموضوعات التي تحفّز الديمقراطيين التقدميين اليوم، لقد تمّ عن قصد، استخدام إسرائيل كفتى للجلد، والمطالبة بمقاطعتها، والطعن في ولاءات اليهود البريطانيين. الذين تأثروا كثيراً بتلك السياسات.

توجد العديد من هذه الميزات نفسها في الولايات المتحدة. شهدت نيويورك وشيكاغو تدفقات هائلة من الغضب على "إسرائيل" والولايات المتحدة بشأن غزة . يجب أن يُنظر إلى هذا على أنه موازٍ لـ Black Lives Matters  "حياة السود مهمة" وتيارات Antifa "ضد العنصرية والفاشية" التي أغضبت المدن الأمريكية لأكثر من عام ، والآن بمباركة السياسيين التقدميين، توغلّت "إسرائيل" كقضية بعمق في السياسة المحلية. تم استجواب المرشحين لرئاسة بلدية نيويورك وانتقادهم وتهديدهم بسبب تعبيرهم عن دعمهم للدولة اليهودية. وتواصل العصابة المناهضة لـ "إسرائيل" في الكونجرس العمل بلا كلل للمساواة بين الفلسطينيين و "المجتمعات البنية والسوداء" في الولايات المتحدة. هذه الإثارة العنصرية والمعادية للسامية هي اتجاه ينذر بالسوء.

بشكل سطحي يجري توجيه الروايات عن "إسرائيل" والفلسطينيين هكذا: أبيض مقابل أسود، رابح مقابل خاسر، قوي مقابل ضعيف. هذا النوع من الإمبريالية الأمريكية المعرفية، أو القاطعة مدمّر للغاية ، لكن تم نشره على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، ولا سيما من قبل "المشاهير" مثل عارضة الأزياء "بيلا حديد" ، التي أبلغت متابعيها البالغ عددهم 42 مليونًا على إنستغرام أن "إسرائيل" هي مجموعة من "المستوطنين الذين يستعمرون" فلسطين "حرفياً باستخدام رسم كاريكاتوري.

يختم التقرير بالقول : في غضون ذلك، ما زال الخطر محدقاً، لا سيما في ظل غياب قيادة فاعلة من قبل بايدن ودائرة مستشاريه التي يلفها الغموض. والواقع أن النتيجة حتى الآن تتلخص في الحرب الداخلية الجليّة بين بايدن والتقدميين حيال "إسرائيل". وهي في طور الأخذ والرد أكثر من كونها حاسمة،

يصل التقرير إلى ذروة التهديد بالقول: إن الضرر الذي يلحق بشرعية المؤسسات الحاكمة الأمريكية واسع جداً، و السؤال الأهم الذي يجب على أي مرشح رئاسي ، ديمقراطي أو جمهوري ، التفكير فيه الآن ، قبل انتخابات 2024 بوقت طويل. كيف يمكن إصلاح هذا؟

الجسر للدراسات