السبت 2021/04/17

 لماذا تذيّلت سوريا جدول التهديدات حسب التقرير السنوي لمجتمع الاستخبارات الأمريكي؟

من بين عشرين تهديداً مباشراً أو خطيراً يمكن أن تواجه الولايات المتحدة خلال العام المقبل حسب تصنيف التقرير السنوي للتهديدات العالمية للأمن القومي الأمريكي، فقد جاء الحديث عن سوريا في ذيل هذه التهديدات تقريباً.

التقرير الذي يعكس الرؤى الجماعية لمجتمع الاستخبارات (IC)، ويقدّم "المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والمستقلة وغير المنمّقة، التي يحتاجها صناع السياسات والمقاتلون، وأفراد إنفاذ القانون المحليون لحماية الأرواح الأمريكية، ومصالح أمريكا في أي مكان في العالم".

مع أن التقرير يذكر أنّ ترتيب المواضيع المعروضة في هذا التقييم لا يشير بالضرورة إلى أهميتها النسبية، أو حجم التهديدات، إلّا أنّ السياسات العامة المتبعة لإدارة بايدن في الفترة السابقة تجاه سوريا، كانت تشير حقيقة إلى انعكاس هذا الترتيب عليها.

يتربّع صعود الصين نحو القوة العالمية، يليها الأعمال الاستفزازية الروسية، ثم الإيرانية، ثم الكورية الشمالية على قائمة التهديدات الدولية الأكبر للولايات المتحدة، لينتقل بعدها الحديث عن مخاطر القضايا العابرة للحدود الوطنية، ووباء COVID -19، وتغير المناخ والتدهور البيئي، والتكنولوجيا الناشئة ، والهجمات السايبيرية،  وتهريب المخدرات، والجريمة المنظمة، والهجرة، والإرهاب العالمي، ليعود لاستعراض الصراعات الدولية وعدم الاستقرار ، وآثاره على الأمن القومي الأمريكي، ويبدأ  بأفغانستان، ثم الهند وباكستان، ثم الشرق الأوسط، ويتطرّق هنا إلى الوضع في سوريا عبر أسطر قليلة، ثم الوضع في بورما، ليختم بالنزاعات المتوقّعة في بعض دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية بسبب الفساد وتزوير الانتخابات.

التقرير يقيّم الوضع في سوريا من ثلاث زوايا رئيسية:

الأولــــــــــــــى: استخدام الورقة السورية كورقة مساومة من طرف روسيا، لتحقيق مكاسب سياسية في ملفات أخرى مثل أوكرانيا، وليبيا، وزيادة نفوذها الإقليمي والدولي "بهدف تقويض النفوذ الأمريكي، وتطوير معايير وشراكات دولية جديدة، وتقسيم الدول الغربية وإضعاف التحالفات الغربية، وإظهار قدرة روسيا على تشكيل الأحداث العالمية كلاعب رئيسي في نظام دولي جديد متعدد الأقطاب" بحسب التقرير. وإيران من جانبها تمارس شيئاً من الدور الروسي، إضافة إلى زيادة نفوذها في سورية يشكّل تهديداً للأمن الإسرائيلي

 الثانيــــــــــــة:  التهديد الذي يشكّله انتشار التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً تنظيم داعش، حيث لازال التنظيم يدعو لشنّ هجمات ضد الولايات المتحدة وأهداف دولية أخرى، مستغلّاً المساحات غير الخاضعة لنظام الأسد لإعادة تجميع صفوفه.

الثالثــــــــــة: التهديد الذي يمكن أن ينتج عن موجة هجرة جديدة للاجئين السوريين نحو دول الجوار، والاتحاد الأوربي، وانعكاس ذلك على الأوضاع الداخلية في تلك البلدان.

حصر النظرة إلى المخاطر والتهديدات الناجمة عن الأوضاع في سوريا على الأمن القومي الأمريكي في هذه الزوايا الثلاث، جعل تقرير مجتمع الاستخبارات الأمريكي لا يولي الأحداث في سوريا أهمية عالية، وخصوصاً مع انعدام مخاطر الإرهاب والهجرة على الولايات المتحدة، فتنظيم داعش لم يعد قادراً على شنّ هجمات كبيرة على المصالح الأمريكية، وبالطبع الولايات المتحدة لن تعاني من أي موجة لجوء قادمة محتملة، بسبب بعدها الجغرافي.

العامل الثاني المؤثر في هذا التصنيف، أنّ النظام  بدوره بلغ من الضعف والانهيار درجة لم يعد فيها قادراً على تشكيل تهديد للمصالح الأمريكية، أو لحلفائها في المنطقة، ويتأكد ذلك من عدم قدرة النظام الرد على مئات الضربات الإسرائيلية التي تطال مواقع قوات النظام، والقوات الإيرانية، ولو في أبعد نقطة على الحدود العراقية.

يرسم التقرير مستقبلاً قاتماً لنظام الأسد للسنوات العديدة القادمة، حيث ستعصف بالبلاد "الصراعات والتدهور الاقتصادي، والأزمات الإنسانية" كما لا يتوقّع التقرير أي تقدّم في الحلّ السياسي، فالنظام" سوف يعطل أي مفاوضات ذات مغزى" ويختم باحتمال حدوث انهيار اقتصادي كامل للدولة السورية.

 التقرير أمني بامتياز، وقد يكون للدبلوماسية الأمريكية رأي آخر في تقييم السياسة  تجاه سوريا، وهو ما بدأت بوادره في تعيين بايدن طاقم جديد للملف السوري.

في كلّ حال سيبقى الضغط والتصعيد الأمريكي ضد نظام الأسد في أعلى درجاته، ومرتبطاً بشكل مباشر مع التهديدات الرئيسية الأربع الأولى مع كلِّ من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، التي تعتبر أكبر داعمي بشار الأسد.

الجسر للدراسات/تقارير