الأربعاء 2019/06/12

تل أبيب تغازل الأسد عبر دراسة جامعية

بشار "القديم الطيّب المألوف" هو من ستجده تل أبيب من جديد بعد نهاية الحرب في سوريا، هذا الاحتمال الذي ترجّحه دراسة صادرة عن جامعة تل أبيب، سننظر هل هي سردية أقرب منها إلى الرغبات والأمنيات المجرّدة والحنين إلى الماضي الجميل مع آل الأسد الذي امتدّ لعدة عقود لم يعكّر صفوها شيء رغم أزمات عاصفة مرّت بها المنطقة-كما تقول الدراسة-، أم هي الخطة الإسرائيلية منذ بداية الحرب في منع سقوط نظام الأسد، والعمل على استمراره في الحكم بأي شكل من الأشكال؟

مواصفات الأسد "القديم الطيّب المألوف" لا تخفيها تل أبيب فهي تتحدث عن نفس الشخص الذي ورث نهج والده كما ورث الحكم، نهج المتناقضات التي تجمع بين العداء والتحدي المزيف الظاهر، وبين أعلى درجات ضبط النفس والالتزام بالمحافظة على الهدوء على طول الحدود، والاستعداد الدائم للدخول في مفاوضات سلام مع تل أبيب، ولا ضير لديها من تحالفه مع إيران وحزب الله، فقط عليه أن يعود إلى المستوى الذي كان عليه قبل 2011، وهو حين يخرج من الحرب منتصراً سيستعيد مكانته الإقليمية والدولية، و قدراته على المناورة والمساومة السياسية، سواء فيما يتعلق بخصومه أو فيما يتعلق برعاته، وسيكون قد تعلّم من درس الحرب أن مفتاح بقائه يكمن في عدم تغيير سياسته اتجاه تل أبيب.

مواصفات الأسد 2019:

تبدو المواصفات التي تتحدث عنها تل أبيب أشبه بحملة ترويجية، ودعاية إعلامية لتسويق الأسد وإعادة تأهيله دولياً، ولا بأس أن تحمل هي الأخرى الكثير من المتناقضات، فهي بين مواصفات حقيقية لكنها في ميزان العقل والمنطق والأخلاق الإنسانية ينبغي أن تسوق الأسد إلى محاكم جرائم الحرب لا إلى سدة الحكم من جديد، وبين أخرى مزيّفة لا تكاد تنطلي على أغبى أغبياء العالم. المهم فيها أنها مطابقة للمواصفات التي ترغب بها تل أبيب، فالأسد 2019 حسب الدراسة " حاكم حازم وواثق اجتاز بنجاح اختبارًا شخصيًا صعبًا لم يكن سوى عدد قليل يعتقد أنه قادر على النجاة منه. بالإضافة إلى ذلك، فهو شخص بارد وحذر ماكر ولا يرحم، يداه ملطختان بدماء شعبه، الذين لم يتردد في ذبحهم أو استهدافهم بالأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى ذلك طرد مئات الآلاف وحتى الملايين من منازلهم. في الوقت نفسه فهو حاكم يتمتع برصانة عقلية ويعرف حدود القوة ويعرف كيف يلعب اللعبة ويتوقف عند حافة الهاوية".

مواصفات الأسد ما بعد نهاية الحرب:

أيضاً تبدو الدراسة هنا وكأنها توجّه الأسد إلى ما ينبغي عليه فعله بما يناسب تل أبيب، أكثر منها إلى توقّع ما سيفعله، فهي تشير إلى أنه:

- "سيركز على بقائه" قبل أي شيء آخر من خلال تعزيز أسس نظامه التي كفلت بقاءه المتمثلة بالجيش وقوات الأمن، وأعضاء الطائفة العلوية. بالطبع الجيش لم يكن يشكل تهديداً لأمن تل أبيب بالأصل، وهو سيكون كذلك في المستقبل.

- سيرفض " استقبال اللاجئين السوريين الذين فرّوا من سوريا، وسيكون سعيدًا بالاحتفاظ بهم كمغتربين. فمن المعروف أن بشار يرى أن اللاجئين نعمة، لأنهم ساعدوا في تخفيف العبء الاقتصادي الناتج عن واحدة من أعلى معدلات النمو السكاني الطبيعية في العالم".

- سيمتنع من الوصول إلى مواجهة مع الغرب وخصوصًا الولايات المتحدة وتل أبيب، وسوف يظهر الولاء التام والالتزام براعي نظامه "فلاديمير بوتين".

- سيواصل العمل لمنع إيران من التأثير الديني والثقافي الشيعي، وبالأخص بين أفراد مجتمعه، الطائفة العلوية. وسيتخلّى عن إيران حال اندلاع مواجهة بين القوات الإيرانية والإسرائيلية على الأراضي السورية.

تخلص الدراسة إلى القول إنه "على الرغم من إحجام إسرائيل عن المشاركة في تشكيل مستقبل سوريا، إلا أنها في الواقع تلعب مثل هذا الدور، وإن كان بشكل غير مباشر في قدرتها على التأثير والترويج، أو بدلاً من ذلك تخريب أو حتى وقف الجهود لإنهاء الحرب في سوريا وإعادة بناء البلد".

وتتوصل إلى استنتاج مفاده أنه "في حين أن السنوات الثماني التي انقضت منذ اندلاع الحرب في سوريا قد غيّرت وجه سوريا بالكامل، فإنها لم تغير إلا الشيء القليل جداً بالنسبة لبشار الأسد، ويبدو أنها عززت بالفعل التزامه بالوضع الراهن وباتجاه ما هو "مجرب وصحيح"، وعلى أي حال تردده في القفز إلى المجهول"