الخميس 2020/10/29

هل ينعى بيدرسن اللجنة الدستورية السورية؟

يتعرض المبعوث الأممي غير بيدرسن لضغوط هائلة لإعلان بيان نعوة اللجنة الدستورية السورية والبحث عن بوابات جديدة للعملية السياسية وتنفيذ القرار الدولي 2254.

التعبير الأوضح عن هذا الاتجاه، عبّر عنه الجانب الأميركي خلال اجتماعات "المجموعة المصغرة" الأسبوع الماضي. موقف واشنطن، أنه طالما أن الجولات الثلاث الماضية من اجتماعات اللجنة الدستورية لم تدخل في صلب مناقشة الإصلاح الدستوري السوري، على بيدرسن، الذي ورث "الدستورية" من سلفه ستيفان دي ميستورا، أن يقوم بخطوتين؛ الأولى، تسمية الطرف المسؤول عن فشل الاجتماعات، أي نظام الأسد. الثانية، فتح مسارات أخرى للعملية السياسية بدل المسار الدستوري، حسب ما جاء في القرار 2254. هناك عناصر الانتقال السياسي، البيئة الآمنة والمحايدة، الانتخابات، المعتقلون، المفقودون.

وخلال مناقشة مسودة البيان الختامي لـ"المجموعة المصغرة"، فوجئت بعض الدول بأن أطرافاً سعت إلى "تبريد النص" عبر حذف فقرات كانت تتضمن كلمات ملموسة إزاء العملية السياسية والانتخابات للضغط على موسكو ودمشق وإعطاء ذخيرة لبيدرسن. لكن المقاومة الأميركية كانت واضحة بالتمسك بعبارات تفصيلية عن المسار السياسي. إذ ثبتت فقرة، نصت على ضرورة "إحراز تقدم جوهري بشأن مناقشة الدستور، بما يتماشى مع ولاية اللجنة وإجراءاتها"، ودعم جهود بيدرسن لعقد جولة رابعة من الاجتماعات تناقش "القضايا الجوهرية بغية تحقيق تقدم فعلي" بالإصلاح الدستوري.

اقرأ أيضاً..بيان مطول لوزراء خارجية “المجموعة المصغرة” حول سوريا.. ماذا جاء فيه ؟

عليه، أضيفت فقرة نصت على أنه "يجب اتخاذ خطوات للدفع بالأبعاد الأخرى كافة للعملية السياسية، بما في ذلك عقد انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة في بيئة آمنة ومحايدة على النحو المبين في القرار 2254. بحيث يتمكن النازحون داخلياً واللاجئون والسوريون في الخارج من المشاركة فيها". اكتسبت الكلمات الأخيرة أهمية لأنها جاءت في وقت تسعى روسيا لعقد مؤتمر للاجئين السوريين في دمشق يومي 11 و12 الشهر المقبل.

بعض الدول المجاورة لسوريا لا تريد التصعيد مع روسيا حالياً، لكن الضغوط الأميركية كانت واضحة بدفع دول أوروبية وإقليمية لعدم المشاركة بالمؤتمر. ولا شك أن جولة المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينييف في بيروت بعد عمان وقبل الوصول إلى دمشق، ترمي إلى الوقوف على آخر المعطيات إزاء عقد المؤتمر وسط وجود اتجاه لتأجيل مكانه، وربما موعده، إلى مدة أعمق من 11 الشهر المقبل.

اقرأ أيضاً..لهذا السبب.. موسكو تتجه نحو تأجيل مؤتمر “عودة اللاجئين السوريين”

وكان لافتاً أن بعض الدول العربية أثارت خلال اجتماع "المجموعة المصغرة" الوجود التركي في سوريا، ونجحت في إضافة عبارات في البيان مثل "القلق من تدويل الصراع السوري بنقل أفراد ومعدات من أطراف متنوعة إلى مناطق صراعات أخرى"، في إشارة لموسكو وأنقرة.

على هذه الخلفية، التقى بيدرسن وزير خارجية نظام الأسد وليد المعلم في دمشق، وعقد اجتماعين مع رئيس وفد النظام أحمد كزبري، على أمل إنجاز اتفاق حول جدول أعمال الجولة المقبلة بالتركيز على الإصلاح الدستوري. "رسالة" بيدرسن، كانت بضرورة التزام الاتفاق الموقع إزاء "معايير عمل اللجنة الدستورية"، وأن يدخل الوفدان في صلب المناقشات الدستورية بدءاً من مقدمة الدستور.

تفصيلاً، كان على مائدة دمشق اقتراح يقوم على أن ينتهي وفدا النظام والمعارضة من مناقشة "الثوابت الوطنية" في الأيام الثلاثة الأولى من اجتماع الجولة الرابعة نهاية الشهر المقبل، ثم يخوضان في مناقشة مقدمة الدستور في القسم الثاني من الجولة الرابعة، وخلال كامل الجولة الخامسة قبل نهاية العام. على الأقل، هذا ما وصل إلى وفد "هيئة التفاوض" المعارضة برئاسة هادي البحرة، الذي وافق على المقترح؛ حيث لا يريد "تحمل مسؤولية إفشال عمل اللجنة أو دفع بيدرسن إلى الجدار".

بقي الأخذ والعطاء بين "الميسر" بيدرسن و"الوفد المدعوم من النظام" و"وفد هيئة التفاوض" إلى آخر لحظة من إيجاز بيدرسن أمام مجلس الأمن، الثلاثاء الماضي. عليه، لم يستطع إعلان الاتفاق. كان هذا السبب في أنه اقترب من تسمية الأمور بأسمائها وتحميل مسؤولية الفشل للنظام خلال حديثه مع أعضاء مجلس الأمن. بداية، ذكّر بيدرسن الحاضرين (خصوصاً ممثلي موسكو ودمشق) بأن اتفاق تشكيل اللجنة الدستورية ومعايير عملها قبل سنة، صدر بوثيقة أممية بحيث تعمل "دون شروط مسبقة" مع "التركيز بشكل حصري على ولايتها، وهي إعداد وصياغة إصلاح دستوري يطرح للموافقة العمومية (استفتاء)"، في إشارة إلى موقف كزبري الذي يشترط الانتهاء من الاتفاق على "المبادئ الوطنية" قبل مناقشة الدستور.

أيضاً، أبلغ بيدرسن مجلس الأمن أن "الرئيس المسمى من النظام اتخذ موقفاً مفاده أن جدول أعمال الجولة الثالثة - الذي يركز على الأسس والمبادئ الوطنية - يجب أن يظل جدول أعمال الدورة الرابعة. بينما كان موقف الرئيس المشارك المسمى من قبل هيئة التفاوض أن جدول أعمال الجولة الرابعة يجب أن يركز على المقدمة، المبادئ وهيكل الدستور».

من جهتهما، ذكّر المعلم وكزبري، المبعوث الأممي أن اتفاق معايير العمل نص أيضاً على أن تعمل اللجنة "من دون تدخل خارجي ودون فرض أطر زمنية مفروضة من الخارج". أي لا بد من إنجاز "المبادئ الوطنية" والعودة إليها خلال مناقشة الدستور.

عليه، يبقى السؤال ما إذا كان بيدرسن سيعلن وفاة "الدستورية"، وأثر ذلك على مهمته أو المسار السياسي في سوريا، خلال هذه المرحلة الانتقالية في أميركا بسبب الانتخابات.