الأربعاء 2018/01/31

معهد الحرب الأمريكي: دعم المليشيات الكردية يساهم في بقاء الأسد وليس في إزالته

هذه هي الخلاصة التي توصّل إليها "معهد دراسات الحرب الأمريكي" في التقرير الذي نشره بعنوان " حان الوقت لترامب لمواجهة الواقع في سوريا".

يبدأ التقرير بالاعتراف أنّ إدارة ترامب ورِثت وضعاً سيئاً في سوريا، لكنها تمكنت من جعل الأمور أسوأ من ذلك. ليس هناك توضيح أفضل للمشكلة من حقيقة أن تركيا، الدولة العضو في الناتو، طلبت الحصول على إذن من روسيا الخصم الرئيسي للناتو، لمهاجمة شريك أمريكا المحلي في سوريا على الرغم من الضغوط الأمريكية لعدم القيام بذلك. "لقد حان الوقت للقيام بمزيد من محاولة إدارة هذه الأزمة بالذات. لقد آن الأوان لإعادة التفكير في السياسات الأساسية التي حصلنا عليها هنا".

بينما سياسات أوباما الخاطئة تمثلت في التركيز على تنظيم الدولة، ورفض الاعتراف بالتهديد الإيراني في سوريا، فإن سياسات ترامب حسب التقرير تشمل:

1- اعتبار إيران تشكّل تهديداً رئيسياً.

2- التعهّد بخروج بشار الأسد عن السلطة.

3- الادّعاء بإعطاء الأولوية لإصلاح العلاقات مع تركيا

4- السعي إلى تدمير القاعدة

5- إعادة تركيز الولايات المتحدة على الكارثة الإنسانية في سوريا.

يرى التقرير أنّ "هذه أهداف صحيحة ينبغي أن تسعى السياسة الأمريكية إلى تحقيقها. والواقع أنها هي الحد الأدنى من الأهداف الأساسية التي يجب على الولايات المتحدة تحقيقها لتأمين مصالحها الوطنية الحيوية في الشرق الأوسط وكجزء من استراتيجية عالمية".

لكن يضع التقرير حقائق يجب على الإدارة الأمريكية الاعتراف بها:

1- يجب على الولايات المتحدة أن تعترف بالتهديد الذي تشكله روسيا.

2- يجب أن تقرّ بمحدودية شركائها الحاليين على أرض الواقع.

3- يجب أن تنفذ استراتيجية حقيقية ضد تنظيم القاعدة وإيران.

وأنه في هذه النواحي لا يمكن الثقة بالتمثيلية الدبلوماسية. ولا الاكتفاء بالخطابة والبلاغة. يجب الاعتراف بقيمة الفعل الأمريكي هنا.

يرى التقرير أن استراتيجية وزير الخارجية ريكس تيلرسون الموجزة التي أعلن عنها قبل أيام لن تحقق أهدافها، وأنّ على الولايات المتحدة أن تتغير بسرعة في تنفيذ سياساتها في المجالات الخمسة الرئيسية التي ذكرها تيلرسون:

1- القواعد العسكرية الروسية: لقد سلّمت الإدارة الأمريكية ضمناً إلى فلاديمير بوتين أهم شيء سعى إليه من قبل، في إنشاء القواعد الجوية والبحرية الروسية الدائمة في شرق البحر الأبيض المتوسط. هذه القواعد تجبر الناتو على وضع خطط جديدة للسيناريوهات التي تتضمن تحركاً روسياً يمنع الناتو من الوصول إلى الطرق البحرية الرئيسية، والمجال الجوي فوق الشرق الأوسط. ستحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى قوات جوية وبحرية مستعدة للدفاع عن شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي كان فيما سبق بحيرة لحلف شمال الأطلسي لأكثر من 25 عاماً.

قد لا يكون التنافس على هذه القواعد هدفاً مناسباً على المدى القريب، ولكن رفض الإدارة القول بأن إنشاء هذه القواعد غير مقبول، يُعتبر قبولاً ضمنيّاً لأحد أهم الانتكاسات الجيوستراتيجية منذ نهاية الحرب الباردة.

2- حقيقة السياسة الأمريكية في سوريا: هي قبول الأسد ونظامه بحكم الواقع، بغض النظر عن تصريحات الإدارة القاسية تُجاه الأسد. يقول تيلرسون إن النشر المتواصل للقوات الأمريكية في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" يضع الولايات المتحدة على الطريق نحو رحيل الأسد.

العكس صحيح.. فإن "الوحدات الكردية" تسيطر على الأراضي فقط شمال وشرق سوريا، وبعيداً بشكل عام عن قلب سوريا الأكثر أهمية للنظام والمعارضة. وهي لم تقاتل النظام على نحو فعّال، ولم تكن تنوي التخلي عن الأسد حتى قبل أن يقرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تفكيكها بالقوة.

3- خفض التصعيد: اتفاق خفض التصعيد الذي وقعه الرئيس ترامب في نوفمبر 2017 مع روسيا هو الاستسلام ليس فقط لروسيا، ولكن أيضا لإيران. والاتفاق يحابي الأسد بشِدة. وفي هذه الصفقة، وعدت روسيا بإجبار إيران على سحب قواتها من جنوب سوريا. لم يحدث ذلك أبداً. القوات الموالية للنظام تنتهك منطقة خفض التصعيد دون عقاب.

4- عملية السلام: كانت العملية الدبلوماسية في سوريا مهزلة منذ عام 2015. على الأقل لم يقصد الأسد منح تنازلات جِدية لمعارضته، ولم تفعل الولايات المتحدة شيئاً لإجباره على القيام بذلك. وقد عزّزت روسيا المسار الدبلوماسي لإبقاء الأسد في السلطة بمقاومة أمريكية محدودة. ويبدو أن الهدف الأمريكي هو الانتخابات. لكن الأسد سيفوز: بوتين سيصنع ذلك بالتأكيد.

5- إيران والقاعدة: يستخدم تيلرسون مصطلحات غامضة مثل "لن يحققوا أحلامهم" لوصف استراتيجية أمريكا ضد إيران في سوريا. وهو لا يحدد أي هدف واضح يمكن للولايات المتحدة قياس النجاح من خلاله.

عن القاعدة قال: إن الولايات المتحدة يجب أن تقدم "هزيمة دائمة" للقاعدة –ونحن نقول يجب ذلك بالتأكيد. ومع ذلك لم تقدم وزارة الدفاع الامريكية أي رؤية لكيفية القيام بذلك. إن الخطوط العريضة لاستراتيجية تيلرسون - والتي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها- تتمثل بتصدير المشكلة إلى تركيا، التي تعمل في الواقع مع القاعدة في سوريا.

يختم التقرير بالقول: لقد سعت إدارتان أمريكيتان إلى الاستعاضة بالكلام فقط عن الفعل، وإلى الاستعانة بشركاء محليين لتحقيق المصالح الأمريكية الخارجية. يجب على الولايات المتحدة التخلي عن هذا النهج والاعتراف بأهمية سوريا للأمن الأمريكي.

إنّ تحقيق أي نتيجة في سوريا سوف يستغرق وقتاً طويلاً وصراعاً صعباً، الولايات المتحدة يجب أن تكون على استعداد للتعايش مع هذا الأمر. ولقد حان الوقت للتركيز عليه، وتكريس الموارد له، والاستعداد للقيام بذلك لفترة طويلة.