الأثنين 2017/06/26

كارثة إنسانية تعصف بسكان 200 قرية جنوب حلب

تعد منطقة جبل الحص الواقعة جنوب حلب منطقة نائية بامتياز ، فهي من أكثر المناطق السورية تأثراً في الحرب الدائرة ،حيث تضم نحو 200 قرية وتعاني جميعها من أوضاع إنسانية وصفها المسؤولون بـ " الكارثية "

تنقسم قرى جبل الحص إلى ثلاثة قطاعات سكنية " جنوبي وشمالي وغربي "

يضم القطاع الغربي نحو 100 قرية تعتمد جميعها على نقطة طبية واحدة وسيارة إسعاف فقط ، إضافة إلى مركز دفاع مدني وهذا يعد الشيء الكثير مقارنة بالقطاعين الآخرين " الشمالي والجنوبي " اللذين يضمان الـ 100 قرية المتبقية من جبل الحص حيث لا يوجد بهما أي نقطة طبية أو سيارة إسعاف أو مركز دفاع مدني ،في الوقت الذي لاتتوقف فيه راجمات الميليشيات الطائفية و مدفعيات نظام الأسد المنتشرة في " جبل عزّان و خناصر والحاضر ومعامل الدفاع " عن قصف قرى جبل الحص المنكوبة أصلاً .

الحديث عن الأوضاع الإنسانية في هذه المنطقة يطول كثيراً فالموت بكل أشكاله يتلخص هنا فلا منظمات إنسانية وصلت بخدماتها إلى هنا ولا حتى أدنى المقومات التي تعين عشرات آلاف المدنيين على العيش هنا .

يقول سكان تلك المناطق : " لاشيء وصلنا في ظل الحرب إلا " قذائف الحقد التي نشرت الموت في كل مكان "

وخلال جولة لفريق قناة الجسر في الريف الجنوبي بمهمة لتصوير تقرير إنساني يخص حياة النازحين في تلك المناطق , لاحظ حجم البؤس الذي غمر وجوه الأهالي , فلا تعليم ولا صحة ولا غذاء ولا حتى مياه نقية صالحة للشرب ،ناهيك عن الهواء الذي تلوثه رائحة البارود المنبعثة من قذائف مدفعيات نظام الأسد وغير ذلك الكثير .

في ذلك اليوم رأى الفريق وسمع من الأهالي كيف أن آلاف الأطفال حُرموا من تعليمهم حيث أجبرتهم قساوة الحياة على ترك مدارسهم فامتهنوا مهن آبائهم التقليدية إما في الزراعة أو رعي الأغنام أو الاثنتين معاً .

والآن و بأسطر قليلة أريد أن نلفت نظرك عزيزي القارئ للأمراض التي انتشرت جنوب حلب نتيجة انعدام الرعاية الصحية و لا سيما مرض " اللشمانيا " الناتج عن غياب الاهتمام بمشاريع الصرف الصحي أو حرق وترحيل مكبات القمامة .

وإن أردت أن تعرف وجهة النظر بعيداً عن تصريحات المعنيين هناك فالوضع في منطقة جبل الحص يتلخص بعبارة قصيرة وهي " الموت بأشكال مختلفة "

أما المسؤولون فيأملون بنظرة عطف ورحمة تحظى بها قرى جبل الحص من المنظمات الإنسانية التي ربما تستجيب لبعض مطالبهم المحقة كما يرونها .

حيث ناشدت المجالس المحلية لقرى جبل الحص في بيان لها نشر على صفحات التواصل الاجتماعي , كلاً من المنظمات الإنسانية و مديرية صحة حلب الحرة و الجهات المعنية الأخرى بتأمين نقاط طبية وسيارات إسعاف وذلك للحاجة الملّحة بحسب البيان .

ووصف البيان بأن أكثر من 40 كم تفصل قراهم عن أقرب نقطة طبية .

وبتصريح خاص للجسر من نائب رئيس المجلس المحلي لبلدة " مربعات بيشة " السيد أحمد ابو معاوية قال ،إن حوادث كثيرة يندى لها جبين الإنسانية وقعت هنا في قرى جبل الحص آخرها مقتل ستة أطفال بعد إصابتهم نتيجة عدم وجود مركزا طبي وسيارة إسعاف .

وتوسع أحمد أبو معاوية للحديث عن تلك الحادثة فقال مفصلاً : كان الأطفال الستة يلعبون في أحد شوارع تلك البلدة فانفجرت قذيفة دبابة من مخلفات قصف نظام الأسد ما أدى لمقتل طفلين على الفور و إصابة الأربعة الآخرين .

وعلى الفور ناشد أهالي القرية الجهات المعنية لإحضار سيارة إسعاف لنقلهم إلى نقطة " السميرية " الطبية ، وبعد نزف أولئك الأطفال في الشارع لأكثر من نصف ساعة متواصلة دون أدنى رعاية طبية أو حتى تضميد جراحهم وبعد الإخفاق في إحضار سيارة إسعاف جاءت سيارة زراعية نوع " بيك أب " لتنقلهم إلى السميرية .

وأضاف أحمد أن نزف أولئك الأطفال ربما كان أكثر ألماً لأهل قريتهم العاجزين عن تقديم أدنى مساعدة لهم حينها . وأردف قائلاً : لحظة وصول الأطفال الجرحى إلى السميرية تم تحويلهم إلى أحد مشافي سراقب طبعاً بعد أن كانت حالتهم الصحية قد تدهورت إلى حد كبير نظراً لنزفهم نصف ساعة في الشارع و بسبب نقلهم بسيارة زراعية غير مجهزة لنقل أدنى حالات الإصابات البشرية .

و أكمل أحمد قائلاً : توفي الأطفال الأربعة قبل وصولهم لمشفى سراقب الذي يبعد نحو ثمانين كم عن قرانا والذي يفصلنا عنه طريق طويلة وعرة . وبذلك يكون انفجار تلك القذيفة قتل 6 أطفال .

ولأن تلك الحوادث كثيرة ولأن غياب الاهتمام بنحو 200 قرية أصبح مطلباً عاجلاً , فهل ستلقى نداءات الاستغاثة لدى المنظمات الإنسانية آذاناً صاغية ؟