الجمعة 2019/01/18

نازحو “الركبان”.. معاناة بلا حدود على أمل حل موعود

يعيش أكثر من 45 ألف نازح سوري في أوضاع مزرية للغاية بمخيم "الركبان" العشوائي، في المنطقة المحرمة بين الأردن وسوريا.

لا تدير جهة بعينها، سواء من الجانب السوري أو الأردني، ذلك المخيم، الذي كان نازحوه ينتظرون السماح لهم بدخول الأردن؛ هربا من ويلات الحرب.

يقبع هؤلاء في المخيم منذ أن قرر الأردن إغلاق حدوده أمامهم، بعد تفجير في يونيو/ حزيران 2016، أودى بحياة سبعة جنود أردنيين، وتبناه تنظيم الدولة، إذ اعتبرت المملكة حدودها الشمالية والشمالية الشرقية مناطق عسكرية مغلقة.

النازحون، وبينهم أطفال ونساء وعجائز، يفترشون الصحراء ويلتحفون السماء، ويعانون حاليا من برد الشتاء وشح الغذاء والدواء، بعد أن تركوا بيوتهم مرغمين؛ حفاظا على أرواحهم وأرواح أسرهم.

معاناة يومية

"70 بالمئة بيوت طينية سقوفها شوادر بلاستيكية، و30 بالمئة خيام"، هكذا بدأ عمر الحمصي، وهو ناشط في الإدارة المدنية للمخيم، وصف مأساة النازحين.

وأوضح الحمصي للأناضول أن "أغلب سكان المخيم من ريفي حمص والشام ومناطق دير الزور، ونزحوا بسبب المعارك بين تنظيم الدولة والنظام".

وأردف: "يسكن في المخيم ما يزيد عن 45 ألف نازح، 80 بالمئة منهم تحت خط الفقر".

وتابع: "لا يوجد تنظيم في المخيم... مياهنا مصدرها الأردن، وتوجد نقطة طبية واحدة داخل الحدود الأردنية تستقبل حالات معينة".

وزاد بأن "هناك حالات (مرضية) تذهب إلى مناطق النظام مقابل مبالغ مالية عالية جدا عن طريق التهريب".

وتوفي أكثر من 20 نازحا في المخيم، العام الماضي؛ بسبب عدم توفر الخدمات الطبية، وعدم تمكنهم من الخروج من المخيم والتوجه إلى المستشفيات، سواء داخل سوريا أو الأردن.

أما الغذاء، فهي "سلال غذائية غير منتظمة لا تسمن ولا تغني من جوع، تأتينا كل عدة أشهر من الأمم المتحدة، أو عن طريق التهريب من مناطق النظام أيضا بأربعة أضعاف سعرها الحقيقي"، بحسب الحمصي.

وقبل أيام، أضرمت نازحة في المخيم النار في جسدها؛ لعدم قدرتها على مساعدة أبنائها، حيث عانوا من الجوع طويلا، وهي ترقد حاليا في حالة صحية خطرة.

مخاوف من التهجير

النازح محمد موفق، أحد قاطني "الركبان"، قال إن "معظم سكان المخيم يعملون في المخيم من شروق الشمس وحتى مغيبها لتأمين ثمن ربطة الخبز التي يصل ثمنها إلى 900 ليرة سوري (نحو 1.7 دولار أمريكي)".

ويحاول نازحون، بينهم ومدرسون وممرضات وحلاقون، تأمين دخل مالي، ولو قليل، عبر ممارسة أعمالهم في المخيم.

وزاد موفق بقوله للأناضول: "الحالة مأساوية، ومهما وصفت فلن استطع التعبير عما نعيشه".

وشدد على أن "الخوف يعتري جميع السكان، بعد قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا.. نخشى أن تسيطر قوات النظام على المخيم، ويتم تهجيرنا".

لسنا إرهابيين

غسان الفضيل، صحفي في المخيم، قال إن "90 بالمئة من نازحي الركبان من المعدمين".

وأضاف للأناضول: "نحن لسنا إرهابيين، وإنما هربنا من بلادنا حفاظا على حياتنا من الإرهابيين".

وتابع: "ليس لدينا عمل في المخيم.. النظام أغلق كل الطرقات، ولا بد لأي شيء أن يمر من حاجز النظام".

سجن كبير

محمود هميلي، مسؤول إغاثي في المخيم، شدد على أن "الوضع في المخيم بائس.. نحن في سجن كبير، والنظام يحاصر المنطقة، ولا توجد لدينا أي وسيلة للرزق".

وأردف قائلا للأناضول: "نعيش في خيم لا تقي من حر الصيف ولا برد الشتاء، إذا جاء المطر فكله يتساقط علينا".

وتابع: "حاولنا الحصول عما يساعدنا في الشتاء من أغطية وغير ذلك، ولكن كلها وعود من دون تجاوب".

وشدد على أنه "لا تعليم ولا مدارس، بعض من لديهم خبرة تدريسية فتحوا خيمهم لتعليم الأطفال.. ولا يوجد طبيب مختص في المخيم بالنسبة للقطاع الطبي".

شتاء بلا تدفئة

أحمد الزعير، وهو ناشط إغاثي في المخيم، قال إن "فصل الشتاء دخل علينا ولم تلتزم المنظمات الإنسانية بتوفير الدعم لأهل المخيم من إغاثة وطبابة وتعليم ومواد تدفئة".

واستشهد الزغير، في حديث للأناضول، بأسعار عدد من السلع في المخيم: "لتر المازوت بلغ سعره 450 ليرة (0.85 دولار)، وكيلو الحطب الأخضر بـ100 ليرة (0.19 دولار)".

وفي وقت ترتفع فيه أسعار السلع، شدد الزغير على أنه "بالأساس لا يوجد عند الأهالي أموال لشراء هذه المواد... الناس في جوع وفقر شديد".

وأعرب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء لماضي، عن قلقه البالغ حيال الظروف الصعبة التي يواجهها النازحون في مخيم "الركبان".

وقال المتحدث باسم البرنامج، هيرفيه فيرهوسيل، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إن "البرنامج والأمم المتحدة يدعوان جميع الأطراف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين بشكل آمن ومستدام، بما يتماشى مع التزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي".

ولفت إلى أن أخر قافلة مساعدات وصلت إلى "الركبان" في نوفمبر/ تشرين ثان الماضي.

وإلى حين استجابة أي طرف لنداء الأمم المتحدة تستمر المأساة في مخيم "الركبان"، لاسيما في فصل الشتاء، حيث البرد القارس في الصحراء.


المصدر : وكالة الأناضول