الأثنين 2019/04/29

تركيا.. قلعة من العهد الروماني تجذب مصوّري الأفلام الوثائقية

ظراً لأهميتها التاريخية والأثرية، وما تحتويه من آثار رومانية، باتت قلعة "زرزوان" في ولاية ديار بكر جنوب شرقي تركيا، مقصداً لمصوّري الأفلام الوثائقية من مختلف بلدان العالم.

ويمتد تاريخ القلعة الواقعة في حي "دمير أولتشاك" القريبة من قضاء "تشنار" بديار بكر، إلى ما قبل 3 آلاف عام.

وتُشير المعطيات التي تم التوصل إليها نتيجة عمليات الحفر والتنقيب في المنطقة، إلى أن القلعة كانت تُستخدم كحامية عسكرية من قبل الإمبراطورية الرومانية.

وفي حديثه للأناضول، قال الأستاذ المساعد أيتاج جوشقون، عضو الهيئة التدريسية في قسم الآثار لدى جامعة دجلة بالولاية نفسها، إن أعمال الحفر والتنقيب المستمرة في القلعة منذ عام 2014، تسلّط الضوء على تاريخ المنطقة بأكملها.

وأوضح "جوشقون"، المشرف على أعمال الحفر والتنقيب في القلعة، أن المعطيات تشير إلى وجود المزيد من الأسرار الأثرية سواء في القسم الخارجي للقلعة، أو في قسمها الباطني.

ولفت إلى انطلاق أعمال الحفر والتنقيب لهذا العام في "زرزوان"، وأنها ستتواصل على مدار أشهر العام كلها.

** المستهدف مليون زائر

وفيما يخص زوّار القلعة، قال "جوشقون" إن 352 ألف شخص زاروها خلال العام الماضي، لافتا إلى استهدافهم استقبال قرابة مليون زائر لهذا العام.

وأرجع الأكاديمي التركي سر الإقبال الكبير على زيارة قلعة "زرزوان"، إلى اكتشافهم خلال عام 2018، معبدا للديانة المثرائية، التي انتشرت إبان العهد الروماني، من القرن الأول للقرن الرابع الميلادي.

وأوضح أن المعطيات التاريخية تشير إلى أن معتنقي هذه الديانة كانوا من العساكر رفيعي المستوى، وطبقة النبلاء وبعض أباطرة الرومان.

والمثرائية هي إحدى أقدم الديانات في العالم، ظهرت كتاريخ ومعتقدات بين الشعوب الهندو أوربية (الآرية) وعن طريقهم انتشرت في منطقة غرب آسيا.

وأضاف بأن المعبد كان يُعتبر الوحيد للديانة المثرائية على الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية، مبيناً أن المؤمنين بهذه الديانة كانوا منغلقين عن العالم الخارجي، حيث كانوا يمارسون الدينية سراً، ولا يكشفون عنها للغرباء.

ولفت إلى أن المثرائية، كانت تقوم على عبادة "إله الشمس" (ميثرا)، وأنه جرت العادة لدى أتباعها إلى بناء معابدهم تحت الأرض.

وأوضح "جوشقون" أن عرض المعبد المكتشف يبلغ 35 متراً، وارتفاعه 2.5 متر، لافتاً إلى أنه فقد أهميته مع انتشار المسيحية في المنطقة.

** آخر معابد المثرائية

وأشار إلى أن عثورهم على آخر معبد للديانة المثرائية على وجه الأرض، ساهم في توجه أنظار العالم إلى زرزوان والمنطقة التي تتواجد فيها.

ولفت الأكاديمي التركي إلى أن أداء الرومان قديماً طقوسهم العقائدية بشكل سري، ساهم في إنشائهم معابد تحت الأرض، من النادر العثور على أشباهها في مناطق أخرى.

وإلى جانب المعبد، قال "جوشقون" إنهم اكتشفوا العديد من الآثار في الأجزاء المكشوفة والسفلية للقلعة، كما وجدوا بينهما قنوات مياه ومساكن للجنود ومقابر صخرية وكنيسة.

وتوّقع أن تستمر أعمال الحفر والتنقيب طيلة الأعوام الـ 50 المقبلة.

وذكر أن المجلس الدولي للآثار والمواقع اختار قلعة "زرزوان" بين 4 أماكن تاريخية، لتصوير سلسلة أفلام وثائقية فيها.

وتابع قائلاً: "من المقرر أن تصوّر قناة ناشيونال جيوغرافي، فيلماً وثائقياً عن معبد المثرائية التي في القلعة. كما نتلقى في الوقت الحالي العديد من الطلبات لتصوير الأفلام الوثائقية حول القلعة والمعبد".

وكانت لقلعة "زرزوان" مكانة هامة في العهد الروماني، بسبب موقعها الاستراتيجي المطل على الطريق التجاري في العصور القديمة، وارتفاعها على تلة عالية يمكنها من استكشاف المناطق التي حولها، فضلاً عن احتضانها معارك كبيرة بين الرومان والساسانيين.