الأحد 2020/03/08

حرب واشنطن بالصومال.. الضحايا والاستنزاف وانعدام الجدوى

يعلن البنتاغون بشكل شبه يومي شنّ ضربات جديدة ضد حركة الشباب الصومالية، بدون أن يُظهر ذلك تأثيراً على قدرة الجماعة المرتبطة بالقاعدة، على زعزعة البلاد في خضمّ ما يبدو "حرباً بلا نهاية" تخوضها الولايات المتحدة.

في حين تعتزم واشنطن تقليص حضورها في أفريقيا لتركيز جهودها على منافسيها الإستراتيجيين "الصين وروسيا" على حساب دعم العملية الفرنسية ضد الجهاديين في الساحل الأفريقي مثلاً، لا تبدو الحرب ضد حركة الشباب معنيّة بهذه النية.

مؤخّراً، اعتبر قائد قوات المشاة الأمريكية في أفريقيا الجنرال روجر كلوتير أن حركة "الشباب تمثّل أحد أكبر التهديدات الأكثر جِدّية في القارة، فهي تطمح لمهاجمة بلدنا".

وأضاف في مؤتمر عبر الهاتف بالبنتاغون أنه يجب "أن نتعامل جدياً مع الخطر الذي تمثله... لهذا نحن نركّز عليهم".

والجمعة، أعلنت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان شنّ ضربة في ضواحي كونيو بارو جنوب الصومال، أدت إلى مقتل عنصر من حركة الشباب.

وهذه الضربة هي العشرون للجيش الأمريكي ضد الشباب في الصومال منذ بداية العام، بعد توجيه 64 ضربة عام 2019 و43 عام 2018، وفق إحصاء أجرته منظمة نيو أمريكا.

"جزّ العشب":

عند سؤاله مؤخراً عن الضربات الأمريكية ضد الجماعات الجهادية في ليبيا والصومال، قال وزير الدفاع مارك إسبر إن "هذا ما نسميه جزّ العشب".

وأضاف "يعني ذلك أنه بين الحين والآخر، يجب القيام بأشياء مشابهة للحفاظ على السيطرة وضمان ألاّ يزيد الخطر ويعاود الظهور".

وتقول التقديرات إن عدد مقاتلي الشباب يتراوح بين 5 و9 آلاف، وإذا تمسّكت الولايات المتحدة بهذا النهج، أي القضاء على مقاتل أو اثنين يومياً، سيتطلب التغلب على الحركة 13 عاماً على الأقل. أي إنها ستتحول إلى "حرب بلا نهاية" من الصنف الذي يمقته الرئيس دونالد ترامب.

في أول تقرير أعلن للرأي العام حول العملية العسكرية الأمريكية في الصومال، نشر في شباط/فبراير، ذكّر المفتش العام لوزارة الدفاع غلين فاين بأن مهمة "افريكوم" هي أن تقوم "في أفق 2021 بإضعاف حركة الشباب وتنظيم الدولة في الصومال والجماعات المتطرفة الأخرى في شرق أفريقيا، بحيث تصير عاجزة عن الإضرار بمصالح الولايات المتحدة".

وأضاف مكتب المفتّش العام، وهو هيئة مستقلة في البنتاغون، أنه "رغم الضربات الأمريكية المتواصلة والدعم الأمريكي للقوات الأفريقية الشريكة، يبدو أن حركة الشباب تمثل تهديداً متصاعداً، وتسعى إلى استهداف الأراضي الأمريكية".

في الأثناء، هاجمت الحركة يوم 5 شباط/فبراير قاعدة عسكرية أميركية كينية في جنوب شرق كينيا، قرب الحدود مع الصومال، ما أدى إلى مقتل 3 جنود أمريكيين.

ونفّذت يوم 28 كانون الأول/ديسمبر إحدى أكثر العمليات دموية خلال عقد في الصومال، عبر تفجير سيارة ملغمة في العاصمة مقديشو أوقع 81 قتيلاً.

بلا جدوى:

لدى النواب الأمريكيين مخاوف من غياب نتائج ملموسة لهذه الحرب التي تتم عبر الطائرات المسيّرة ومجموعة صغيرة من قوات النخبة في الميدان.

وعند سؤاله نهاية كانون الثاني/يناير حول الضربات شبه اليومية التي تبدو بلا جدوى، دافع قائد "أفريكوم" الجنرال ستيفن تاوسند عن الاستراتيجية الأمريكية.

وقال "لا أظن أنها عقيمة"، مضيفاً "نسعى لخفض قدراتهم".

وبالنسبة لكاثرين بيستمان الباحثة في معهد واتسون الذي يحتسب سنوياً كلفة الحروب الأمريكية: "لم تحسن التدخلات العسكرية في الصومال الوضع، بل عززت سيطرة الشباب على السكان".

وأضافت أن حركة الشباب تستفيد من اقتصاد الحرب عبر ابتزاز السكان والسطو على الأموال المتأتية من المساعدات الدولية.

إضافة الى ذلك، تعتبر منظمة العفو الدولية أن الضربات الأمريكية تودي بضحايا مدنيين، حتى إن ادعى الجيش الأمريكي عكس ذلك.

وفي تقرير نشر العام الماضي، اتهمت المنظمة الجيش الأمريكي بقصف المدنيين والمتطرفين بدون تمييز، ما أدى إلى مقتل مزارعين وعمال وحتى أطفال.

وعقب إجراء تحقيق داخلي، اعترف الجيش الأمريكي بمسؤوليته عن مقتل امرأة وطفل في الصومال.