الثلاثاء 2020/05/05

أسوشيتد برس: الخسائر التي سببها “كورونا” فاقت الحروب والاغتيالات

تعد الصدمات الوطنية الناتجة عن الأزمات السياسية والكوارث الدموية أمراً مألوفاً في القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين في الدول التي ضربها بقوة فيروس كورونا هذا العام.

وفقاً لوكالة أسوشيتد برس، لا تقل الخسائر أو الصدمات الناتجة عن الحروب الطويلة الوحشية أو الحروب الأهلية أو الثورات أو الهجمات إرهابية أو اغتيال القادة أو الكوارث الطبيعية، عن تلك التي سببها فيروس كورونا.

كما أن التعامل مع آثار الدمار البشري الذي أحدثه الفيروس سيكون فصلاً زلزالياً آخر في تاريخ الأزمات المؤلمة لهذه الشعوب، ومن الممكن أن يغير المسار في بعض الدول إلى الأبد.

ربما لا شيء مدمر مثل الحرب بكل أشكالها، بالنسبة للولايات المتحدة، فقد أصبحت تعاني من الفيروس كما عانت في حرب فيتنام أكثر من 60 ألف شخصاً ماتوا في هذا الوباء وهو أكبر بكثير من رقم القتلى الأميركيين في الحرب.

بينما أسفرت الحرب الإيرانية العراقية التي أطلقها صدام حسين بعد الثورة الإيرانية عن مقتل حوالي 500 ألف شخص وإبادة جيل في كلا البلدين، كما أودت الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق في عام 2003 والصراعات الداخلية المنبثقة عنها، بما في ذلك صعود وسقوط تنظيم الدولة الذي أودى بحياة مئات الآلاف من جميع الأطراف.

فاليوم، إيران هي واحدة من الدول الأكثر تضررا من تفشي المرض وتعاني من هذا الفيروس كما كانت تعاني أثناء الحرب، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 6200 قتيل، بينما تعاني العراق من خسائر فادحة بسبب تراجع أسعار النفط بسبب الوباء.

كما تسببت ثورة ماو تسي تونغ (زعيم الثورة الصينية ومؤسس جمهورية الصين الشعبية ) الثقافية من منتصف الستينيات إلى منتصف السبعينيات - التطهير المناهض للفكر - في وفاة ما يصل إلى مليوني شخص وأثرت على جميع أجزاء المجتمع الصيني، مما أعاد الأمة إلى الوراء سنوات، واليوم تواجه الصين انتقادات دولية شديدة بسبب مسؤوليتها عن تفشي الفيروس.

أما الهجمات.. فقد أخذت هجمات القاعدة في 11 أيلول في مدينة نيويورك الأميركية، "الإرهاب" إلى مستوى لم يسبق له مثيل، من حيث الوفيات وحجم الصدمة والتداعيات التي أعقبت ذلك في أفغانستان وباكستان والعراق وخارجها، ولقي نحو 3000 شخص حتفهم في الهجمات.

واليوم، نيويورك، واحدة من أكثر المدن تضرراً من الفيروس، وسجلت وفيات أكبر بكثير من الوفيات التي سجلتها في 11 أيلول، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الفادحة.

كما أن الهجمات التي استهدفت بالي ومدريد ولندن وباريس وبروكسل ومومباي في السنوات التالية، ناهيك عن الهجمات التي لا تعد ولا تحصى في المدن السورية والعراقية والباكستانية والأفغانية، لم تسبب نفس الخسائر البشرية الذي سببها هذا الوباء.

أما بالنسبة للصدمة الوطنية التي سببها الفيروس، فهي لا تقل عن الصدمة التي شهدتها أميركا في الستينيات عندما تم اغتيال الرئيس كينيدي والقس مارتن لوثر كينغ جونيور ومالكولم إكس (مناضل أميركي من أجل القومية السوداء).

وفي الهند، تسبب الوباء الذي ترتفع ضحاياه يوميا بصدمة كبيرة للفقراء أكبر من تلك التي حدثت عند اغتيال رئيس الوزراء إنديرا غاندي في عام 1984 ثم ابنه راغيف في 1991.

وفي إيطاليا التي شهدت ثاني أكثر عدد من ضحايا الوباء، فقد سبب الوباء صدمة وطنية شديدة لا تقل عن الصدمة الوطنية التي حدثت عن قيام فرقة الماركسية الحمراء باختطاف رئيس الوزراء السابق ألدو مورو وقتله في سبعينيات القرن الماضي.

ولا تقل عن الصدمة التي حدثت نتيجة الصراع بين المافيا والحكومة الإيطالية الذي اندلاع بعد مقتل قضاة التحقيق في باليرمو في عام 1992.