الأربعاء 2019/12/04

واشنطن بوست: هكذا يلاحق النظام الإيراني معارضيه بالخارج

قال المعلّق في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد إغناطيوس إن حملة القمع الوحشية التي تمارسها إيران ضد المعارضة الشعبية ليست موجّهة فقط ضد المتظاهرين في الداخل، بل وتقوم بحملة دولية ضد منتقديها في الولايات المتحدة والدول الأخرى.

وتميزت هجمات إيران ضد منتقديها بالجرأة، وفي الأشهر الأخيرة تعرض معارضون للخطف والقتل والتحرش، بحسب تقارير ومقابلات.

ويقوم مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) والمنظمات الأمنية الأوروبية بمراقبة الهجمات. ويقول إغناطيوس إن صور المتظاهرين في داخل البلاد انتشرت بسرعة على الإنترنت بما فيها صور فظيعة لقتلى في الشوارع. وأحصت منظمة العفو الدولية أكثر من 140 قتيلًا سقطوا منذ 15 تشرين الثاني (نوفمبر).

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر في داخل إيران قولها، إن أكثر من 200 شخص قتلوا وأصيب ما بين 1900 و 7000شخص. وقالت رويا حقيقان مؤلفة كتاب "اغتيال في القصر الفيروزي" الذي وثقت فيه القمع داخل إيران: "مع زيادة التهديد الوجودي للنظام فإنه يقوم باستخدام كل نوع من أنواع العنف للتخلص من أعدائه المفترضين، وهي المهارة الوحيدة التي أحكمت إيران تعلمها".

ويرى إغناطيوس أن الانتفاضة تواصلت بسبب دعم الإيرانيين في الخارج الذين قاموا بتبادل الأشرطة حول الاحتجاجات والقمع الوحشي. وقالت "ماسي علي نجاد" الناشطة في الولايات المتحدة والتي أنشأت عام 2014 منظمة نسوية احتجاجية "حريتي الفولاذية" إنها حصلت على ألفي لقطة فيديو من داخل إيران ونشرتها.

ويقول إغناطيوس إن الموجة الأخيرة ضد النظام الإيراني كانت قوية لأنها جمعت عددا كبيرا من تيارات المعارضة (من الدياسبورا الإيرانية وجماعات المرأة والناشطين والطبقات العاملة الساخطة على أوضاعها المعيشية والجماعات العرقية الإيرانية المتنوعة).

وجاءت الاحتجاجات بسبب الظروف الاقتصادية التي تدهورت كثيراً بعد فرض العقوبات الأمريكية على طهران، وقرار دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015. وشجعت الولايات المتحدة التظاهرات الأخيرة. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو يوم الثلاثاء إن مؤسسات الحكومة الأمريكية جمعت نحو 20 ألف لقطة فيديو ورسائل احتجاج من داخل إيران رغم محاولات النظام حجب الإنترنت.

وفي مقابلات مع معارضين إيرانيين في الولايات المتحدة وصفوا حملة الاستفزاز التي قام بها عملاء إيران ضدهم بما في ذلك التهديد بالموت. وفي الوقت الذي تم فيه شجب تهديدات السعودية للمعارضين وقتل صحفي "واشنطن بوست" جمال خاشقجي، إلا أن القمع الإيراني لم يحظَ باهتمام. ودعت "نجاد" في "هاشتاغ الأربعاء البيضاء" النساء الإيرانيات لنزع الحجاب وارتداء غطاء رأس أبيض تعبيرا عن التحدي للقيادة الدينية. وقالت إنها تعرضت للتحرش بعد إعلانها عن الحركة.

وقالت إن التلفزيون الرسمي بث تقريرا كاذبا عن تعرضها للاغتصاب على يد ثلاثة رجال، وأن معلقاً هدد بقطع نهديها ولسانها. وعندما واصلت "ماسي علي نجاد" حملتها على منصات التواصل، تلقت تهديدات بالقتل ومكالمات هاتفية وتحذيرات بأنه سيتم القبض عليها لو جاءت يوما إلى سفارة إيرانية. وأخبرت "علي نجاد" وكالة "أف بي أي" عن هذه التهديدات قبل خمسة أعوام. وفي مقابلة مع الكاتب قالت: "إن النظام لا يعتبر حياتي مهمة قدر اهتمامه بشعري" و"هم خائفون مني وهو ما يمنحني القوة".

وفي العام الماضي حقق الأمن الإيراني مع والدة "علي نجاد" في قريتها الصغيرة قرب بحر قزوين، على أمل إجبارها على التبرؤ من ابنتها على التلفزيون، ولكنها رفضت. وفي أيلول (سبتمبر) اعتقلت السلطات شقيقها "علي رضا" ومنع من مشاهدة عائلته بعدما بدأت "ماسي" الاحتجاجات.

وقدمت الناشطة دعوى قضائية هذا الأسبوع في المحكمة الفدرالية بواشنطن متهمة النظام الإيراني "بالإرهاب والتعذيب والاختطاف".

أما سعيد قاسم نجاد الذي سجن في "إين" عام 2003 قبل هربه من إيران فقد تلقى تهديدات بالقتل والتحرش، خاصة بعد انضمامه إلى "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية" كمحلل عام 2014. وأخبر "أف بي أي" أن نفس التهديدات التي تلقتها "ماسي" تأتي من داخل الولايات المتحدة. ورفض متحدث باسم "أف بي أي" مناقشة النشاطات الإيرانية.

وقال إغناطيوس إن الناشطين الإيرانيين في الخارج يواجهون مخاطر كبيرة، ففي الشهر الماضي اغتيل ناشط إيراني اسمه "مسعود مولاي"، كان يدير موقع "بلاك بوكس" نشر من خلاله مواد عن فساد الحرس الثوري في إسطنبول. وفي تشرين الأول (أكتوبر) تم اختطاف ناشط آخر اسمه "روح الله زام" كان يدير موقع "أماد نيوز" من باريس إلى إيران، حيث اختطف في عملية وصفها الحرس الثوري "بالمعقدة". وفي عام 2017 تم اغتيال "سعيد كاريميان"، الذي كان يدير قناة تلفزيونية من إسطنبول اسمها "جيم تي في". وكل هؤلاء الإيرانيون الشجعان يظهرون رسالة واحدة عن وحشية النظام في وقت يتفرج فيه العالم.