الأربعاء 2020/11/25

واشنطن بوست: “أيتام ترامب” في أوروبا يواجهون “مشكلة شرعية”

ماذا سيكون مصير اليمين المتطرف في الغرب بعد هزيمة دونالد ترامب؟

جاء الجواب من دونالد تاسك، الرئيس السابق للمجلس الأوروبي، الذي كتب في تغريدة أن “هزيمة ترامب هي بداية النهاية لانتصار الشعبوية المتطرفة في أوروبا أيضا”. والسياسي البولندي معروف بانتقاده للقومية اللا ليبرالية التي باتت تسيطر على بلده وشعار ترامب “أمريكا أولاً”.

ووصف "تاسك" أسابيع ترامب الأولى في الحكم وسياسته المعلنة بأنها تمثل تهديداً “خارجياً” على الاتحاد الأوروبي. وفي الأعوام التالية أقامت وارسو علاقة دافئة مع إدارة ترامب واستقبلته في زيارة رسمية واحتضنت لاحقاً مؤتمراً فاشلاً عن مستقبل الشرق الأوسط.

وأعاد التلفزيون البولندي في الفترة الماضية تدوير أخبار دعمت رواية ترامب عن التزوير في الانتخابات. ويعلق إيشان ثارور في صحيفة “واشنطن بوست” أن الرئيس المنتخب "جوزيف بايدن" يحضر لكي يدخل البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير في وقت بات فيه القوميون المتطرفون والشعبويون في أوروبا بدون سند.

وهذا وضع يتناقض بشكل صارخ مع الأشهر الأولى من رئاسة ترامب حيث رحبوا وهللوا له وقالوا إن فوزه يعتبر "نقطة تحول في التاريخ".

بعد عام من فوز ترامب زار مستشاره ستيفن بانون أوروبا ومعه خطط كبرى لربط اليمين المتطرف العابر للدول في أوروبا مع اليمين المتطرف في أمريكا الشمالية.

وقالت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان: “نقف على أعتاب نهاية عالم وولادة عالم جديد” و”نشهد عودة الدولة القومية”.

وبعد عام من فوز ترامب زار مستشار ترامب، ستيفن بانون، أوروبا ومعه خطط كبرى لربط اليمين المتطرف العابر للدول في أوروبا مع اليمين المتطرف في أمريكا الشمالية. ومدح رئيس الوزراء الهنغاري المتطرف فيكتور أوربان بـ “البطل” و”الوطني” الملهم للسياسة الغربية. وقال "بانون" أمام تجمّع حاشد في ليل الفرنسية: “ما أعرفه أنكم جزء من حركة عالمية أكبر من فرنسا وأكبر من إيطاليا وأكبر من هنغاريا، وهي أكبر من كل هذا والتاريخ يقف في صفنا”. و”تيار التاريخ يقف إلى جانبنا”، لكن تيار القومية المتطرفة يتراجع، فقد تلاشت حركة بانون. وهزم اليمين الأوروبي في سلسلة من الانتخابات وكذا في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في العام الماضي. وبدلا من قيادة أوربان وزملائه البولنديين قطيع القوميين يبدون في المؤخرة ويواجهون خطر تحولهم لمنبوذين.

وفي غرب القارة الأوروبية انضم اليمين المتطرف إلى دعاة نظرية المؤامرة حول انتشار فيروس كورونا ومثل أنصار ترامب رفضوا الاعتراف بفوز بايدن. وعندما سئلت في الأسبوع الماضي إن كانت تقبل بفوز بايدن قالت لوبان: “قطعا لا” وحتى يتم استنفاد كل مزاعم ترامب. وهي وحركتها التجمع الوطني بانتظار انتخابات عام 2022 لتحدي إيمانويل ماكرون، لكن الأحزاب القومية لا تقترب من السيطرة على الحكم كما كانت عندما وصل ترامب إلى البيت الأبيض.

ويتوقع المراقبون أن يؤدي وصول بايدن إلى السلطة لتقوية القوى الليبرالية الدولية على ضفتي الأطلسي. وبدأ الاتحاد الأوروبي بالضغط على حكومتي بولندا وهنغاريا المتطرفتين. وقالت كاتي بيري، الهنغارية المولد وتمثل هولندا في البرلمان الأوروبي: “ما تغير في الحقيقة هو شعور القوى الليبرالية بالقوة”. وأضافت في تصريحات نقلتها عنها صحيفة “وول ستريت جورنال”: “في السنوات الماضية لم يقف قادة أوروبا أمام هؤلاء المستبدين، وأشعر أن هذا لن يحدث مرة أخرى”.

وكتب فيليب ليرغين، المستشار السابق للمفوضية الأوروبية: “بخروج ترامب فلن يتمتع الساسة الشعبويون بشرعية محلية. وستدفع الحكومات ثمناً باهظاً لمواقفها القومية” المتطرفة. وعلق السفير الأمريكي السابق لدى حلف الناتو إيفو دالدر: “سيكون هناك تغير كبير” و”ستكون القيم الديمقراطية وحكم القانون أساساً لأي علاقة جيدة مع واشنطن”.

كل هذا لا يعني نهاية الموجة اليمينية المتطرفة بما فيها ترامب. ففي الولايات المتحدة، لا يزال الحزب الجمهوري تحت سيطرة السياسة الترامبية. وهناك جيل من الجمهوريين الذين يحاولون بناء منبر دائم وقد يبدؤون بالتأثر مباشرة من الاقتصاد الشعبوي لليمين المتطرف في أوروبا. وفي القارة الأوروبية نفسها حاولت الأحزاب المحافظة والوسط تقليد اليمين المتطرف ومنافسته في موضوعات مثل الإسلام والهجرة. وسيتصادم الرئيس البرازيلي جائير بولسونارو الذي يعتبر من أكبر القوميين المتطرفين في الجزء الغربي من الكرة الأرضية مع بايدن في موضوع المناخ. ولا تزال شعبيته عالية رغم موقفه المنحرف من العلم. ويرى الخبراء أن نقاده عليهم تقديم شيء غير الدعوة لليبرالية. ويصدق هذا على الولايات المتحدة وغيرها وبحسب موريسيو سانتورو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة رويو دي جانيرو: “كل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي قادت إلى ترامب وبولسونارو لا تزال موجودة”. و”لم يصلح النظام السياسي نفسه. ونحن نتحدث عن معركة طويلة حول إصلاح الأنظمة السياسية”. وتقول ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية في روما: “ما تكشف عنه هذه الانتخابات وبنفس الطريقة هي أن الترامبية حية ونشطة في الولايات المتحدة، وأن “الترامبيين الصغار أحياء ونشطون”. وقالت في تصريحات لفايننشال تايمز: “الضامن الوحيد الذي نملكه هو أنهم لن يصعدوا مرة واحدة واستغلال المظالم وعدم المساواة التي سيزيدها الوباء أكثر”.