الخميس 2022/01/20

شمال غرب سوريا: المستشفيات تقفل والقطاع الصحي مهددٌ بالانهيار

 

تضيق أقسام مستشفى رئيسي في شمال غرب سوريا بالمرضى، من صغار وكبار يتلقون طبابة مجانية. لكن المرفق الحيوي مهدّد بالإقفال بعد توقّف إحدى الجهات المانحة عن تمويله.

 

والمستشفى الواقع في بلدة دركوش في محافظة إدلب واحد من مستشفيات عدة في المنطقة مهدّدة بالإقفال جزئياً أو كلياً جراء تقلّص الدعم الدولي، فيما وجّهت منظمة الصحة العالمية نداءً طارئاً لتوفير أكثر من 257 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الصحية الملحة في سوريا.

 

في قسم أمراض النساء في المستشفى، تمكث أم علاء منذ ثمانية أيام. وتقول لوكالة "فرانس برس": "الرعاية هنا جيدة.. لكن المشكلة أننا نشتري الأدوية من خارج المستشفى ولا أقوى على توفير ثمنها".

 

وتضيف "هذا المستشفى هو الأقرب إلى مكان سكني وأتمنى ألا يغلق أبوابه، لأنني غير قادرة على توفير كلفة التوجّه الى مستشفى آخر".

 

ويقدّم المستشفى خدماته مجاناً لأكثر من ثلاثين ألف مريض شهرياً. لكن منذ نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، أوقفت إحدى المنظمات الدولية دعمها له كلياً، وكانت مساهمتها تشكل 80 في المئة من إجمالي المساعدات التي يتلقاها.

 

ويشرح رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور أحمد غندور لوكالة "فرانس برس" قائلاً: "تبلغنا في نهاية الشهر التاسع توقف الدعم، وخلال شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، وفّرت المنظمة دعماً جزئياً، ولكن من دون أدوية ولا مستهلكات". ويضيف "نعمل حالياَ بالمواد والأدوية المخزنة في المستودعات لكنها بدأت تنفد. لا يمكننا الاستمرار أكثر من شهرين على أبعد تقدير".

 

وتوقفت أقسام الإسعاف والعمليات والأطفال والحواضن والمختبر عن العمل حتى الآن جراء توقف الدعم، وفق غندور، بينما تواصل الأقسام المتبقية والعيادات تقديم خدماتها. ويعمل الطاقم الطبي منذ مطلع العام بشكل تطوعي، لكن ذلك ليس كافياً "لأننا بحاجة إلى أدوية ومستهلكات ولوازم مختبر وتصوير وعمليات ومواد لأقسام العناية والأطفال".

 

كارثة جديدة

وينذر احتمال توقّف المستشفيات والمراكز الطبية عن العمل في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى في إدلب ومحيطها حيث يقيم ثلاثة ملايين شخص نصفهم نازحون، بكارثة صحية جديدة.

 

وبحسب منظمة الصحة العالمية، يحتاج 3.1 ملايين شخص من إجمالي 4.4 ملايين في شمال غرب سوريا إلى مساعدة صحية.

 

ويؤكد الدكتور سالم عبدان، مدير هيئة صحة إدلب المحلية التي تتولى تسيير الشؤون الصحية في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة، ل"فرانس برس"، "توقف دعم نحو 18 مستشفى" في إدلب ومحيطها منذ نهاية 2021.

 

واعتادت المستشفيات الحصول على "دعم تشغيلي ورواتب ومستهلكات طبية" عبر مانحين دوليين، بينهم منظمة الصحة العالمية ومنظمات إنسانية.

 

ويربط عبدان تقلّص الدعم "بطول أمد الأزمة.. وبموجة كوفيد-19 والوضع الاقتصادي الصعب الذي نجم عنها في العالم"، مطالباً "الجهات المانحة بعدم إهمال شمال غرب سوريا لا إغاثياً ولا طبيّاً".

 

وتربط منظمة الصحة العالمية تراجع دعم المستشفيات في إدلب ومحيطها بنقص التمويل بالدرجة الأولى. ويشرح مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غازي عنتاب الدكتور محمود ضاهر ل"فرانس برس"، أن "الدعم الدولي يتناقص بينما الحاجة تتزايد"، لافتاً الى توقف بعض المستشفيات عن العمل، من دون تحديد عددها الإجمالي.

 

ورغم أن عدداً منها سيتلقى قريباً دعماً من صندوق الأمم المتحدة للدعم الإنساني، لكن ذلك لا ينفي تداعيات نقص التمويل المقدم لدعم القطاعات الانسانية مجتمعة بينها القطاع الصحي.

 

وتضم منطقة شمال غرب سوريا، وفق ضاهر، أكثر من 490 مؤسسة صحية، بين مستشفيات ومراكز صحية يعتمد أغلبها على مساعدات دولية من الأمم المتحدة أو الدول الداعمة، خصوصاً الأدوية. ومن شأن أي نقص في هذا الإطار، بحسب ضاهر، أن "يؤثر على حياة مئات الآلاف من الأشخاص". ويشدّد على أن "الدعم الدولي هو الأساس في تلبية احتياجات السكان الإنسانية في شمال غرب سوريا ومن ضمنها الصحة".

 

خلال عام 2021، تلقت الأمم المتحدة وشركاؤها 46 في المئة فقط من إجمالي التمويل المطلوب (4.2 مليار دولار) بموجب خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا.

 

ودفع نقص التمويل منظمة الصحة العالمية الى توجيه نداء طارئ كانون الأول/ديسمبر، لتوفير لتوفير 257.6 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الصحية في سوريا والحفاظ على الرعاية الصحية الأساسية، بما يشمل الاستجابة لكوفيد-19 وتقديم خدمات منقذة للحياة وبناء نظام صحي مرن.

 

واستنزفت سنوات الحرب الطويلة النظام الصحي خصوصاً في شمال وشمال غرب البلاد حيث شكلت المنشآت الصحية هدفاً للهجمات العسكرية. وفاقم تفشي كوفيد-19 وضع القطاع الصحي سوءاً.

 

ونبّهت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في تقرير، الى أن "الاحتياجات الصحية للسكان تفوق كثيراً طاقة المرافق المتاحة والموظفين المتوافرين في شمال سوريا"، لافتة الى أن "الوضع الأمني المتحرك وتقلب أولويات المانحين يهددان قدرة الجهات الإنسانية على تقديم الرعاية المنقذة للحياة والدعم المستدام".

 

ويقول ضاهر: "النداء موجّه لكل الدول المانحة، فالشعب السوري ما زال يعاني في مناطق تواجده كافة وبحاجة للدعم".