الجمعة 2021/11/12

هل تفرمل واشنطن الاندفاع العربي تجاه الأسد؟

تتوالى الخطوات من دول عربية باتجاه التطبيع مع نظام بشار الأسد في الآونة الأخيرة، في ظل محاولات تبدو جادة لإعادة هذا النظام إلى الجامعة العربية، بينما لا تزال بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عند موقفها الرافض لتأهيل هذا النظام المتهم بارتكاب عمليات إبادة جماعية على مدى أكثر من عشر سنوات.

وفي جديد المواقف العربية الداعية للتقارب مع النظام، قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، أمس الأول، إنه آن الأوان لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، مضيفاً: كرسي سورية يجب أن يعود إليها من دون التدخل في سياساتها ومن يحكمها. وأكد الوزير الجزائري أن بلاده لم توافق أصلاً على تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، مشيراً إلى أن ذلك لم يسهم في الحلول.

وكانت جامعة الدول العربية اتخذت قراراً، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بتعليق عضوية النظام في الجامعة بسبب رفضه التجاوب مع مبادرة لها للحل في سورية. وطلب القرار سحب السفراء مع إبقاء الطلب "قراراً سيادياً لكل دولة". وصدر القرار بموافقة 18 دولة واعتراض 3 هي سوريا ولبنان واليمن، وامتناع العراق عن التصويت.

وفي سياق تبرير التطبيع مع نظام بشار الأسد، كشف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في تصريحات تلفزيونية الأربعاء الماضي، أن بلاده أجرت محادثات مع الولايات المتحدة "حول جهود التقارب" مع النظام ، مضيفاً: "الأردن يتحدث مع الأسد بعد عدم رؤية أي استراتيجية فعالة لحل الصراع السوري". وتابع: "الأردن عانى نتيجة الحرب الأهلية السورية، حيث تشق المخدرات والإرهاب طريقهما عبر الحدود، وتستضيف البلاد 1.3 مليون لاجئ سوري لا يتلقون الدعم الذي قدمه العالم من قبل". وجاءت تصريحات الوزيرين، الجزائري والأردني، بعد يوم واحد من زيارة قام بها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، إلى العاصمة السورية دمشق، هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات، التقى خلالها الأسد.

ولكن يبدو أن الموقف العربي تجاه النظام متباين، إذ ما تزال عدة دول عربية ترفض تعويم النظام مرة أخرى، مثل السعودية وقطر، بينما يبدو الموقف المصري غير محسوم حتى اللحظة، على الرغم من اللقاء الذي تم بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير خارجية النظام فيصل مقداد، أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وتشي المعطيات السياسية بأن موقف بعض الدول العربية المندفع اتجاه النظام يصطدم برفض من الولايات المتحدة، التي أعلنت، الثلاثاء الماضي، رفضها أي محاولة للتطبيع مع الأسد، والذي وصفته بـ"الديكتاتور الوحشي".

وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس عن "قلق" واشنطن من زيارة بن زايد إلى دمشق، حاثاً دول المنطقة على التفكير ملياً في "الفظائع" التي ارتكبها الأسد. ويحكم "قانون قيصر"، الذي فُعّل منتصف العام الماضي، العلاقة بين واشنطن والنظام ، إذ فرضت الولايات المتحدة بموجب هذا القانون عقوبات رادعة على أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية في النظام ، إضافة إلى الشخصيات والكيانات الاقتصادية والعسكرية التي تقدم عوناً له. و"قيصر" هو الاسم الحركي لعسكري ومصور في الطبابة الشرعية في جهاز الشرطة العسكرية للنظام، وثّق عمليات قتل تحت التعذيب في سجون نظام الأسد من 2011 حتى منتصف 2013.

وذكرت مصادر مطلعة، أن واشنطن أفشلت خلال العامين الأخيرين محاولات من أطراف عربية لعودة النظام إلى الجامعة العربية، لإبقائه في عزلة، كي ينصاع للإرادة الدولية في التوصل لحل سياسي للقضية السورية. غير أن نائبة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض ربى حبوش قالت إن الموقف الغربي تجاه محاولات إعادة تأهيل نظام بشار الأسد "ضعيف وغير كافٍ"، مضيفة: "ننتظر منهم دوراً أقوى، وإجراءات جدية وفعلية تمنع عملية التطبيع مع المجرم" وفق موقع "العربي الجديد".

وعن الخطوات التي تقوم بها المعارضة للحيلولة دون عودة النظام إلى الجامعة العربية، قالت حبوش: "مستمرون بالعمل على إيقاف التطبيع مع النظام". وأضافت: "أثناء وجود وفد من الائتلاف في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية، عقدنا الكثير من الاجتماعات مع دول فاعلة في القضية السورية، تحدثنا خلالها عن الخطر الكارثي على سورية والشعب السوري من التطبيع مع الأسد، كما التقينا مع وفد جامعة الدول العربية هناك وشرحنا موقفنا بهذا الخصوص، وبيّنا خطورة إعادة النظام للجامعة". وأشارت إلى أن "التطبيع مع نظام مجرم، أو التفكير بإعادته لواجهة المجتمع الدولي، سيزيد من معاناة السوريين، خصوصاً المهجرين والنازحين واللاجئين في المخيمات، ويقتل العملية السياسية"، مضيفة: على الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، أن يقوم بتحرك جاد لإيقاف هذا التطبيع.

وعلى الرغم من ظهور مؤشرات على تبدل ما في الموقف الأميركي تجاه النظام السوري، إلا أن الباحث السياسي المختص بالشأن الأميركي رضوان زيادة رأى أن "لا تبدل في موقف واشنطن من الأسد ونظامه"، مستدركاً بالقول: "لكنها لا تبذل جهوداً دبلوماسية جدية وحقيقية من أجل منع أو محاسبة المطبعين مع الأسد".

وأشار إلى أن "موقف الخارجية من زيارة وزير خارجية الإمارات إلى دمشق مهم"، مضيفاً: لكن الأهم أن يصدر بلغة أقوى، ومن مستوى أعلى من المتحدث باسم الخارجية، لأن الأطراف العربية تقرأ الرسائل بحسب المتحدث وليس حسب الموقف ذاته. ولفت زيادة إلى أنه "لا يوجد تغير في موقف السعودية وقطر من نظام بشار الأسد"، مضيفاً: لذا لن يعود نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية في الوقت الحالي. وحول موقف دول الاتحاد الأوروبي، قال زيادة: موقفها واضح برفض التطبيع مع نظام الأسد. للأسف المعايير العربية لا تراعي حقوق الإنسان والعدالة والمحاسبة.