الثلاثاء 2021/03/16

تحليل يقترح زيادة الضغط الأميركي على ابن سلمان ومحلل سعودي يتحدث عن “العلاقة المتجذرة”

كتبت المعارضة السعودية، الدكتورة مضاوي الرشيد، مقالاً تحليليا نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، تناولت فيه العلاقات الأميركية - السعودية، لاسيما لجهة نهج إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تجاه المملكة، وخصوصا بعد تقرير المخابرات الأميركية الذي تناول مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.

وكانت واشنطن قد نشرت الشهر الماضي تقريرا سريا للاستخبارات حول اغتيال جمال خاشقجي في إسطنبول، وخلص إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "أجاز" العملية، وجاء في التقرير أن بن سلمان "أجاز عملية في إسطنبول، بتركيا، لاعتقال أو قتل خاشقجي".

وتعتبر الرشيد في مقالها أنّ "بايدن رغم هذه الاستنتاجات لم يصل إلى حد تحميل العقل المدبر لعملية القتل المسؤولية، رافضاً معاقبة محمد بن سلمان مباشرة، معلناً إعادة تقويم بدلاً من قطع العلاقات الأميركية مع السعودية"، ولفتت إلى أنّ "التحفظ الأميركي على دفع السعودية بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان، ينبع من مكانة المملكة كشريك مهم للولايات المتحدة".

"عقوبات رمزية"

ويعلق اللواء السعودي المتقاعد محمد الحربي، المتخصص في الدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لموقع "الحرة"، بالقول: "قضية المرحوم جمال خاشقجي أغلقت نهائياً، بمحاسبة المملكة للفاعلين والحكم عليهم بالسجن 124 عاماً، وبتنازل أولياء الدم عن الحق الشخصي".

وتابع الحربي: "بالنسبة للمملكة، تم حسم القضية بشكل قطعي بحضور دول مجلس الأمن، بينها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى المندوب الأميركي".

واعتبر أن "الولايات المتحدة تريد إغلاق هذا الملف لدواع انتخابية داخلية، والحديث عنه كان من باب الرمزية والمثل العليا".

ورأى أن "العقوبات المفروضة من واشنطن رمزية، كوقف التأشيرات ومنع دخول أراضي الولايات المتحدة، ولكن الثابت أنّ بايدن قدم هذا الملف لمخاطبة الرأي العام الأميركي الداخلي، كما أن هذا الصوت خفت حالياً، ويمكن الحديث أنّ الملف قد أقفل نهائياً".

"شريك قمعي"

وبالعودة لمقال الرشيد، فقد اعتبرت أنّه "الرياض تشارك معلومات استخبارية قيّمة في الحرب ضد الإرهاب، وتعمل على استقرار أسواق الطاقة العالمية، وتحمي من التوسع الإيراني في الشرق الأوسط، وتوفر سوقاً مربحة للاستثمارات المالية ومبيعات الأسلحة"، لافتة إلى أن "العديد من المسؤولين الأميركيين يخشون فقدان هذا التعاون الاستخباراتي القيم".

وقالت الرشيد: "أتيحت لإدارة بايدن فرصة تاريخية لإبعاد نفسها عن شريكها القمعي في الرياض ومعاقبة قيادتها الإجرامية"، معتبرة أن "هناك متسع من الوقت لاتباع طريق ثالث يتمثل بضغط أميركي على الرياض لتشكيل مجلس سعودي للإصلاح السياسي يتألف من أعضاء المجتمع المدني ونشطاء ودبلوماسيين وقضاة".

وتابعت: "يجب أن يكون التفويض الأساسي لمجلس الإصلاح هو تحضير السعودية للانتخابات العامة التي تحل محل مجلس الشورى المعين، والإشراف على رفع القيود المفروضة على الكلام والتجمع والتنظيم السياسي والمجتمع المدني".

وشددت على أنّ "السجون السعودية الشائنة مليئة بسجناء الرأي"، معتبرة أن "الاتجاه السعودي هو نحو الديمقراطية البدائية التي تكرم الأمراء الملكيين، ولكنها تشارك السلطة مع الشعب".

وهنا علّق الحربي بالقول: "المملكة لديها مجلس حقوق إنسان، وقد أعلن ولي العهد مؤخراً استحداث بيئة قضائية تقوم على حقوق المواطن والفرد، بالإضافة إلى أنه تم تعديل نظام النيابة العامة منذ منتصف العام الماضي، ليواكب جودة الحياة وبنية الانسان وفقاً لتطلعات رؤية المملكة 2030".

ونفى الحربي أنّ "يكون للولايات المتحدة أي دور في ملف الحقوق الإنسان"، معتبراً التصريحات الصادرة عن واشنطن حول الحريات من باب الرمزية والمثل الأميركية العليا، وذلك من أجل انتخابات الكونغرس ومجلس النواب عام 2022".

"علاقات تاريخية ومتجذرة"

وعن العلاقات السعودية - الأميركية، قال حربي إنها "استراتيجية تاريخية ومتجذرة، إذ بدأت في مطلع الثلاثينات وأرسى قواعدها الملك الراحل عبد العزيز والرئيس الديمقراطي آنذاك، فرانكلين روزفلت".

وأضاف: "مرت العلاقة بمراحل عدّة، ولكن أكثر من 14 رئيس أميركي و6 ملوك سعوديين أرسوا قواعد التعاون القائم على مصالح مشتركة وموقع المملكة كمركز ثقل ديني اقتصادي على خارطة العالم، بمعزل عن تغير الإدارة الأميركية وتداول السلطة بين الحزب الجمهوري والديمقراطي".

وعن إدارة الرئيس بايدن، اكتفى الحربي بالتأكيد على أنّ "المملكة حليف استراتيجي ومؤثر بمعزل عن تصريحات المسؤولين الأميركيين والتي تتباين بحسب بعض المواقف والظروف الوقتية"، مشيراً إلى "زيارة الملك سلمان إلى الولايات المتحدة عام 2015، أرست بمشاركة الرئيس السابق، باراك أوباما، الثوابت في العلاقة للقرن الواحد والعشرين".

"مورد للطاقة"

واقتصادياً، قالت الرشيد: "في الماضي جاء الدعم الأميركي دون مطالب بالإصلاح السياسي، ويرجع ذلك أساسا إلى المقايضة بين الاستقرار والديمقراطية. لكن هذا كان دائما خيارا خاطئا"، ورأت أن المملكة لم تعد مستقرة كما كانت من قبل، وخصوصا مع انخفاض أسعار النفط، وارتفاع معدلات البطالة، وتلاشي الاستثمار الأجنبي المباشر.

وهنا شدد الحربي على أنّ "السعودية ثاني أكبر احتياطي نفط وخامس احتياطي غاز على مستوى العالم، وهي أكبر مورد ومنتج للطاقة، حيث تنتج 10 في المائة من حجم إنتاج الطاقة العالمية، وأنّ أي اضطراب في العلاقة يؤثر على العالم بأكمله".

ولفت إلى أنّ "الرياض تتصدر قائمة شركاء واشنطن التجاريين في الشرق الأوسط بحجم تبادل تجاري وصل إلى 50 مليار دولار عام 2019، فيما قدرت الاستثمارات السعودية في السوق الأميركية بما يتراوح بين 500 و700 مليار دولار".

وتابع الحربي: "السعودية المالك رقم 15 للسندات الأميركية بحجم حوالى 134 مليار دولار، كما تعد المملكة أكبر مستورد للأسلحة الأميركية في الشرق الأوسط، وتضرر العلاقات بين البلدين لن يخدم الاقتصاد الأميركي الذي تسعى كل إدارة أميركية لتقويته لضمان مستوى أكبر من التشغيل والنمو الاقتصادي".