الثلاثاء 2019/05/21

زواج السوري في بلد اللجوء .. “كالباحث عن إبرة في كومة قش”

تحد كبير واجهه ولا يزال العديد من اللاجئين السوريين في غربتهم، لاسيما الشبان الساعون إلى الزواج والبحث عن حياة مستقرة، خاصة مع عدم وجود أي بوادر لعودة قريبة إلى بلادهم، في ظل الظروف الحالية.

تختلف الصعوبات مع اختلاف الدول والمناطق التي يقطن فيها اللاجئون، فتجد الصعوبات والتحديات للشبان السوريين الساعين في الزواج بأوروبا مثلا أكثر منها صعوبة لمن هو في تركيا، ومن هو في الأردن أو لبنان أقل صعوبة، أي إن هناك نسبا متفاوتة في الصعوبات التي ينحصر أغلبها في قلة الفتيات، أو عزوف بعضهن عن الزواج بسبب تغير طبيعة الحياة لديهن مع الحياة الجديدة لاسيما من يعشن في أوروبا.

"هاني" لاجئ سوري يقيم في النمسا يقول في حديثه مع الجسر إنه واجه صعوبات في البحث عن زوجة في العاصمة فيينا التي يقطن بها، حيث صدم بعوائق حالت دون نجاحه بالزواج، أبرزها عدم وجود روابط قوية بين السوريين المقيمين، فأغلب الأهالي رفضوا تزويجه لأنه لم يكن من نفس المدينة التي يعيشون فيها، لذلك فإن السؤال عنه وعن أخلاقه سيكون مهمة صعبة بالنسبة لذوي الفتاة، الأمر الذي يجعلهم يحجمون عن الزواج.

من بين العوائق التي تحدث عنها هاني قوله: "بعد نجاحي بالوصول لإحدى العائلات التي وافقت على الزواج فوجئت بالمهر الذي طلبه والد الفتاة، إذ إن الرقم الذي وضعه لم يكن باستطاعتي تأمينه فأنا لاجئ لا أستطيع العمل وأعتمد على المساعدات الاجتماعية كحال العائلة التي تقدمت لها" ، منوها بأن هناك الكثير من العائلات السورية صارت تشترط مهرا عاليا للقبول بتزويج ابنتهم، في حين يجعل البعض من ابنته "سلعة" يزيد من مهرها حسبما يريد.

تتفاوت الحال من عائلة لأخرى بسحب "هاني"، فتجد أن العديد من الفتيات صرن يفضلن الزواج المتأخر، بهدف إكمال التعليم في أوروبا، وهذا ما يجعل من مهمة البحث عن الزوجة أمرا في غاية الصعوبة، حسب رأيه.

يبقى لدى السوريين في أوروبا خيار آخر أخف وطأة من قضية المهور العالية وقلة وعزوف الفتيات وهو "لم الشمل"، لكنه كذلك ليس سهلا وسريعا، فحسب الكثير من السوريين الذين اعتمدوا في جلب زوجاتهم على "لم الشمل"، فإن العملية استغرقت مع أحدهم سنتين والبعض ثلاث والبعض أربع سنوات! ، لكنه بالنسبة للكثيرين يبقى الخيار الأفضل "، فالصبر أفضل من البحث عن إبرة في كومة قش" حسب رأيهم، مع عدم إغفال أن البعض الآخر يسعى لجلب زوجته بنفس الطريقة التي جاء بها هو، أي من خلال القدوم بشكل غير شرعي، عبر تركيا فاليونان فمقدونيا إلى أن تصل إلى الوجهة المحددة، لكن يشير "هاني" إلى أن القليل فقط من الفتيات من يقدمن بهذه الطريقة خاصة مع تشديد الحدود في السنوات الأخيرة.

في تركيا .. تتعدد القصص عن سوريين نجحوا وآخرين فشلوا في موضوع البحث عن زوجة، فالسوريون الذين قدموا في وقت مبكر إلى تركيا لم يجدوا الصعوبات التي واجهها الذين دخلوا في وقت متأخر، وذلك مع تغير طبيعة بعض العوائل التي صارت إلى حد ما شبيهة بالعوائل السورية التي لجأت إلى أوروبا، لكن بدرجة أقل.

"بعد يأسي التام قررت جلب زوجة من سوريا عبر التهريب" .. بهذا عبر "محمد عمر" في حديثنا معه عن طريقة زواجه في تركيا، إذ يقول إنه وبعد محاولات عدة في البحث عن زوجة في مدينة مرسين التي يقيم فيها إلا أنه فشل، لافتا إلى أن أغلب الأسباب تعود لرغبة الأهل في إكمال ابنتهم الدراسة أو غلاء المهور، ورغبة الكثير من العوائل في أن يكون الزوج من نفس المدينة التي تنحدر منها عائلة الفتاة.

ولا يخفي "محمد عمر" وجود مخاوف لفته بعد قراره أن يكون دخول زوجته عبر طرق التهريب، فهذه الطريقة التي لجأ إليها السوريون جاءت بعد وقف السلطات التركية منذ سنوات الدخول بشكل رسمي ولا تزال محفوفة بالمخاطر، إذ يقول عمر: "كانت هواجسي كثيرة، بدءا من الأخبار الكثيرة التي نسمعها عن خطورة المهربين وإمكانية حدوث عمليات سطو أو تشليح فضلا عن الخوف من إطلاق النار من قبل الجندرمة التركية على من يحاولون الدخول بشكل غير شرعي، فمثل هذه الحالات حصلت مرات عديدة ".

يضيف عمر: "لكن التفاؤل والأمل كان يطغى علي، خاصة مع سماعي لحالات شبيهة بحالتي للعشرات من السوريين الذين يدخلون إلى تركيا يوميا عبر التهريب من خلال دفع مبالغ مالية، وينجحون بالدخول مع وجود بعض العوائق كفشل محاولة الدخول من أول مرة".

ومن خلال متابعة العديد من مواقع التواصل الاجتماعي للسوريين في تركيا، فإن الكثير منهم لاقى صعوبات في الزواج، ففي إسطنبول وأنقرة وإزمير تبدو المهمة أصعب من مرسين والمناطق الحدودية مثل عينتاب وأورفا وأنطاكيا التي ينتشر فيها السوريون بشكل أكبر، فيما يبتعد كثيرون عن الزواج من الأتراك لاختلاف اللغة والثقافة والعادات، وينطبق هذا على اللاجئين في الدول الغربية، باستثناء حالات قليلة.