الجمعة 2019/03/15

من الصعب إعمار سوريا في ظل وجود مدارس مدمرة


المصدر: الإيكونوميست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


يعد غير المتعلمين من السوريين فريسة سهلة لنظام الأسد والجماعات المتطرفة.

بعد ثماني سنوات من الحرب، أصبح نظام التعليم في سوريا حطاما. إذ إن نحو 3 ملايين طفل ممن يحق لهم الالتحاق بالمدارس، أي ما يعادل ثلث أطفال سوريا، لا يرتادون المدارس. وهذا راجع بشكل جزئي إلى أن 40٪ من هذه المنشآت غير صالحة للاستخدام؛ فقد تضرر بعضها جراء الحرب في حين يتم استخدام الجزء المتبقي منها من قبل الجماعات المسلحة أو النازحين. أما بالنسبة للمدارس الصالحة للاستخدام فهي مكتظة، كما إن أعداد المدرسين الذين يعملون بها قليل جدا مقارنة بأعداد الطلاب. ليس من المستغرب أن يتراجع مستوى هؤلاء الطلاب؛ إذ تقول منظمة "إنقاذ الطفولة" العالمية، وهي منظمة إغاثة، إن مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال السوريين في سن العاشرة لا تتجاوز مهارات طفل في سن الخامسة في الدول المتقدمة حيث انخفض معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بشكل مهول.

إن نتائج هذا الأمر كارثية. يفتقر معظم السوريين إلى المهارات اللازمة لإعادة بناء بلدهم أو تخطي الفقر المدقع الذي يعيش فيه نحو 80٪ منهم. يعد غير المتعلمين من السوريين فريسة سهلة لكل من الجهاديين والمليشيات التي تقدم لهم المال والقليل من الدعم، ولنظام بشار الأسد، الذي سيمنحهم مكانا في الجيش بكل سرور. تعد المدارس المدمرة من بين الأسباب التي دفعت بأثرياء سوريا إلى مغادرة البلاد، وبأولئك الذين فروا إلى الخارج بالبقاء هناك. يقول رياض النجم من مجموعة "غراس"، وهي مؤسسة خيرية تدعم أكثر من 350 مدرسة داخل سوريا: "سنرى النتائج الكارثية خلال العقد المقبل عندما يصبح هؤلاء الأطفال راشدين".

يوجد ما لا يقل عن سبعة مناهج مختلفة داخل سوريا. قام معارضو الأسد بتطهير المناهج من ترانيم التمجيد لحزب البعث الحاكم. لكنهم اختلفوا حول صياغة منهج مشترك لاستبداله. في الوقت الذي قام فيه الأكراد، الذين يسيطرون على الشمال الشرقي، بفرض مناهجهم الخاصة، واستبدلوا تمجيد الأسد بتكريم "عبد الله أوجلان"، وهو زعيم كردي مسجون داخل تركيا.

في غضون ذلك، فتح الأتراك 11 مدرسة ثانوية دينية داخل مناطق سيطرتهم. وافتتحت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وجهاديون في هيئة تحرير الشام وتنظيم الدولة مدارسهم الخاصة أيضا.

مع تغير الخطوط الأمامية للحرب، اضطر العديد من الأطفال إلى تغيير المناهج الدراسية التي يعتمدونها. إذ لا يتم الاعتراف بالشهادات التي يتم الحصول عليها في المكان نفسه من قبل السلطات في أجزاء أخرى من البلاد في أغلب الأحيان، ما يصعّب على الطلاب الالتحاق بالجامعات، التي يقع معظمها في مناطق سيطرة النظام. يدفع هذا الأمر بالكثيرين إلى الانقطاع عن الدراسة ببساطة. ينقطع 50٪ من الأطفال عن المدرسة في سن 13 و80٪ منهم في عمر 16 عاما. في بعض الأحيان، يخرج الآباء أطفالهم من المدارس من أجل تزويجهم أو من أجل العمل في الشوارع. يقول هارون أوندر من البنك الدولي: "سيجنون الأجر نفسه لبقية حياتهم ويقومون بإنشاء أطفال يقومون بالعمل نفسه".

قطع المانحون الغربيون المساعدات عن المناطق التي يسيطر عليها الثوار من أجل تجنب مساعدة الجماعات الإرهابية. خلال عام 2017، أوقف الاتحاد الأوروبي، الذي استثمر نحو ملياري يورو في قطاع التعليم بسوريا منذ العام 2012، جميع المساعدات باستثناء المساعدات في حالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها النظام.

كما تم تأجيل خطة لتدريب المعلمين من سوريا في الجامعة الأمريكية في بيروت بعد تراجع الاتحاد الأوروبي. يقول مسؤول في الاتحاد الأوروبي: "لا نريد القيام بأي شيء من شأنه أن يضفي الشرعية على النظام أو الإرهابيين".

يقول نجم، إن من شأن حجب المساعدات أن يساعد كلا من النظام والإرهابيين على اكتساب المزيد من الشرعية، موضحا أنه من خلال منع المساعدات يتم الدفع بالسوريين، الذين يخشون من إغلاق المدارس بشكل مفاجئ، إلى أحضان المقاتلين.

تخشى ماسة مفتي، خبيرة في قطاع التعليم من دمشق التي تعمل كمستشارة بالأمم المتحدة، أن يكون هناك المزيد من سفك الدماء، قائلة "نحن نولد حلقة أخرى من التطرف والعنف".