الأحد 2018/06/10

خواطر رمضانية..التخطيط الاستراتيجي وتحدياته

بعد الحرب العالمية الثانية تم تسريح عدد كبير من الرتب العليا المتعودين على فكرة التخطيط الاستراتيجي بحكم مواقعهم في الجيوش ووجدت الشركات التجارية فرصة في توظيف هؤلاء لزيادة الحزم والضبط للشركات ومن هنا انتقلت فكرة التخطيط الاستراتيجي للشركات والمؤسسات.

هنا سيبرز للمشهد أيجور انسوف أمريكي من أصول روسية مهندس ميكانيكي وفيزيائي، ابتداء انتقل لمؤسسة راند متخصصا في مجال (حل المشكلات الاستراتيجية للناتو) وفِي ١٩٦٥ وضع اول كتاب متخصص باسم استراتيجية المؤسسة وهو كتاب تفصيلي يهدف ان توظف المؤسسة مواردها بافضل طريقة وفرحت المؤسسات به وأنفقت الأموال على العمل به ولكن النتائج كانت متواضعة جدا فعادوا اليه بعد عشر سنين بالسؤال عن الحل فكتب كتابه الثاني ١٩٧٩ وهو الادارة الاستراتيجية ومرة اخرى لقي ترحيباً غير مسبوق وأنشئت أقسام الادارة الاستراتيجية في الشركات الكبرى ولكن النتائج كانت مخيبة للآمال وعاد القوم الى السيد آنسوف فأنشأ فريقا علميا بحثيا أمضى ١١سنة بحثا عن الاجابة وخرج بنموذج آنسوف للتشخيص الاستراتيجي ولا زال الفضاء بكرا فالتخطيط الاستراتيجي جيد ولكن تعترض نجاحه تفصيلات مهمة ومنها تنوع المنظمات واختلاف ظروفها وبالتالي فنموذج موحد لا يمتلك المرونة لاستيعاب هذا التعدد، و طبيعة المنظمة فالمنظمة الميكانيكية تختلف عن المنظمة الإبداعية المرنة ، ودرجة استقرار الظروف الخارجية، ودرجة المعرفة المتوفرة عن مجال العمل، ودرجة مقاومة التغيير ،كل هذه عوامل تشكل تحديات للتصور الاستراتيجي.

على كل حال بقي التخطيط الاستراتيجي متداولا ولكن الأحلام المعلقة عليه انخفضت بشكل كبير وسنعود لذلك بعد بيان امر طريف آخر فوظيفة التخطيط الاستراتيجي هي استخلاص الاستراتيجية يبدوا الامر واضحا ولكن ما هي الاستراتيجية؟ فعند سؤال القيادات العليا عن ماهية الاستراتيجية في دراسة (Kalchas survey) ظهرت الاجابات كالتالي:

-٢٨٪؜ عرفوها (هي الفلسفة الكلية) مثل (بناء منتجات قيادية للسوق)

-٣٩٪؜ (هي رسالة المؤسسة) مثل(نحن ملتزمون بدخول كل الاسواق العالمية بحضور مؤثر)

-١٣٪؜ (هي تعبير دقيق عن الميزة الاستراتيجية) مثل (سوف نكون اكبر ناقل للمسافرين في الشرق الأوسط ونقود السوق عبر توفير افضل خدمة بسعر معقول)

-٢٠٪؜ قالوا انها خليط من كل ما سبق

ها هي تبدوا غامضة جدا لأكبر القيادات العليا للشركات الكبرى

على كل حال تلك طبيعة الأشياء فالإستراتيجية مفهوم لازال في طور النضج ولكنه اعطانا افقا للاشتغال فنحن ننتفع كثيرا من عدد من الأشياء التي يوفرها التفكير الاستراتيجي فبتحديد الاتجاه الكلي تتوحد جهود المؤسسة وبتوزيع العمل على ثلاث مستويات (الاستراتيجي والاداري والتشغيلي) يتضح التباين في المهام وبتوزيع الموارد المحدودة على المناطق الأكثر عائدا يتم ترشيد القرار المالي وبمعرفة المحيط الاستراتيجي نرى الامواج التي تعترض السفينة .

بقي سؤال مهم ما هي البدائل الاخرى للتخطيط وما الفرق بينها وبين التخطيط الاستراتيجي ومتى تستخدم؟

هذا موعدنا مع الخاطرة التالية

 


الشيخ: جاسم السلطان