الجمعة 2018/06/08

خواطر رمضانية..نظري أم عملي؟

الإنسان كائن متفكر وهو في ذات الوقت كائن عملي والنقاش حول طبيعته الاولى هل هي الطابع العملي أم الطابع النظري نقاش فلسفي سنتجاوزه للقول بوجود الطبيعتين وهما تتناوبان في حياته وفِي توجيه مساره.

 

والقرآن يشرح في قصة الخلق طبيعة الإنسان القابلة للتعلم ثم معصيته ثم توبته ثم هبوطه الى الارض وإنزال (الهدى) عليه ووجود طريقين أمامه اما اتباع الهدى او الأعراض عنه فحركة الإنسان العملية بدون منارات (هدى) نظرية تقوده قد ينتهي به الى سوء الخاتمة ووجود منارتها الهدى دون عمل الانسان بها تقود الى سوء الخاتمة .

 

والهدى بهذا المعنى إطار موجه للفعل والاداء عند اشتباه الطرق ،هو لافته تشير الى الاتجاه الصحيح والكتب السماوية هي ذلك الإطار النظري الموجه للتصور والفعل في المستوى الأعلى من التجريد في ما هو مطلب انساني مشترك.

 

ولكن الفعل الانساني بعد ادراك الإطار العام الموجه يدخل في مستوى من الاسئلة عميق يحتاج الى جهد الانسان ومن هنا نشأت العلوم الانسانية بمختلف فروعها في مقابل الكليات التقنية وانقسمت الدراسة الى ما يسمى بالدراسات الأكاديمية والدراسات التطبيقية فالاولى نظرية والثانية تتجه الى الفعل المباشر والخبرة المحسوسة.

 

هذه المزاوجة في الخبرة البشرية لم تأتي من فراغ بل هي ضرورة حكمتها الطبيعة الانسانية التي تزاوج بين النظر والعمل باستمرار فالإطار النظري يبحث له باستمرار عن تصريف عملي والإطار العملي يحتاج باستمرار لتأويل نظري.

 

والأمم في نهضاتها تحتاج إلى قوتي فعل هما (أولي إلأيدي والأبصار) فالمبادرة العملية تحتاج الى بصيرة الفكر الذي يوظفها.

إننا نحتاج اليوم الى مستويات من الصناعات:

١-صناعات ثقيلة تصنعها القلة من اصحاب الفكر المتميزين لوضع الاطر الكبرى.

٢-صناعات متوسطة تبسط تلك الافكار الكبرى وتزيل عنها الحشو بحيث يسهل تناولها للمستوى التالي.

٣-صناعات خفيفة ولكنها الاخطر في السلسلة وهي تحول هذه الافكار الكبرى الى مستوى الرواية والمسرحية والعمل الفني

٤- مستوى تقني فني يوصل الافكار المكتوبة الى رجل الشارع العادي وعموم الجمهور بوسائط الاعلام المختلفة.

هذه الحلقات كلها ضرورية وكل حلقة تضعف تقود الى ضعف كل المنظومة.

وكمال الصورة بايجاد حلقة التغذية الراجعة ووجود وسائل قياس الأثر بحيث يتم التعديل ومواصلة التقدم.

إن فهم العلاقة بين الجانب النظري والعملي ضرورة خاصة في بيئاتنا الفقيرة في عالم الفكر وعالم التنفيذ والتي لا تفتأ تتصارع حول أيهما أولى بالتركيز العملي ام النظري!


جاسم السلطان