الأحد 2017/02/26

هل يغتنم السوريون الرياح التركية ؟

الباب يفتح في وجه الثوار بعد أعوام من إيصاده، ومدينة الباب تزدان بالنصر مرة أخرى، بعد أن كانت أولى المدن التي رفضت حكم الأسد وثارت عليه، فشهدت شوارعها كرنفالات التظاهر وكانت من أكبر حواضن الجيش الحر أيام عسكرة الثورة، وكانت خزانا كبيرا أنجب الثوار والكتائب والألوية التي لوت ذراع الأسد وميليشياته في المنطقة، قبل أن تأتي رياح الغدر لتعصف بها، فتحيل ربيعها إلى خريف أسود، وتثأر للنظام من أبنائها، وليست محاولات الانفصاليين بالحدث الطارئ فهم كانوا ولا زالوا يعتبرونها جسرهم الذي سيعبرون من خلاله إلى أحلامهم التي بددتها بنادق الثوار بدعم تركي ، صحيح أنه يزعج البعض لكن ما البديل؟ ، فالذي يرى تنامي الدور التركي في شمال سوريا "انبطاحا" للثوار على أعتاب بلاط السلطان كما يقولون، فليعطنا حلا بديلا نحرر فيه الأرض من أيدي "تنظيم الدولة" قبل أن يلتهمها "القيصر" عبر حليفه نظام الأسد أو الأمريكي الأشقر عبر حليفه الانفصالي.

بعد ستة أعوام من الثورة يلفها التخبط والعشوائية وجدنا أنفسنا في مستنقع نحن حلقته الأضعف، لا داعم ولا مرشد ولا مرجعية واحدة، تدعون أنها معركة أمة وأنها ليست معركة السوريين وحدهم، ثم تسبون من يستعين بالأتراك كي يحافظ على أرضه وماء وجهه؟
تطالبون الثوار باستقلالية القرار الوطني وأن يكونوا أسياد قرارهم وتتكلمون عن حجم المؤامرة ضدهم، وأنهم لا يحاربون بشار الأسد ونظامه فقط، إنما يقاتلون "محور الشر" متمثلا بروسيا وإيران والعراق ومليشيا حزب الله، والكثير ممن يسبحون في فلكهم، فكيف بعد كل هذا يمكن لهم أن يصمدوا بمفردهم في وجه أعتى الأنظمة الموغلة في الظلم والحقد الطائفي؟ كيف يمكننا ونحن مراهقو السياسة والعسكرة الذين تصحر فكرنا السياسي وضمر تفكيرنا الجمعي بعد ستة عقود ونيف من حكم الحزب الواحد، أن ننجب مولودا غير مشوه، لا تشوبه شوائب البعث والمخابرات والجبهة الوطنية التقدمية؟ كيف يمكننا ونحن الذين نفتقر لأدنى مقومات فكر بناء الدول أن نحارب عدوا ربما تجتمع في غرفه السوداء أكبر عقول المخابرات العالمية تساعده على التخطيط للإجرام النظيف .. الإجرام المحبب للمجتمع الدولي الذي يحمل هوية العلمانية ومحاربة الارهاب وحماية الأقليات ؟!كيف لنا ونحن الغارقون بالاختراق الأمني ​​من قبل نظام الأسد ألا نستفيد من تقاطع المصالح الكبير بيننا وبين الأتراك وخصوصا بعد ما عانت تركيا ما عانته بسبب موقفها من القضية السورية.

كيف لنا أن ندير ظهورنا لدولة تقدم لنا الكثير، من الدعم العسكري الأخير في "درع الفرات" إلى الغطاء السياسي في المحافل الدولية، فليس خفيا على أحد أن كل معركة تفتح على الأرض السورية تحتاج غطاء سياسيا كبيرا ربما يكون باهظ الثمن ويفوق قدرتنا كثوار أو لا نجيد الوصول إليه، والذي يرى أن تركيا غردت في سرب روسيا مؤخرا وأنها تخلت عن الثوار وأنها تقترب من النظام وتحاول إعادة نهر علاقاتها معه إلى مجراه الطبيعي، فهو غير منصف ولا ينظر بعين الموضوعية لما يجري على الأرض السورية فبالرغم من كل التقارب التركي الروسي، لن ينام عدوا الأمس على فراش واحد فأحدهما لن يستطيع أن يعطي ظهره للآخر دون توقع طعنة قريبة، وما الضربة الروسية منذ عدة أيام لجنود أتراك في مدينة الباب نتيجة "خطأ" كما صرحت روسيا، إلا إحدى هذه الطعنات.

يجب علينا أن نغتنم رياح تركيا إذا هبت بما تشتهي أشرعة ثورتنا وأن لا نوصد أمامها وأمام غيرها الأبواب، فنظام الأسد يحاول الاستفادة من أصغر تقاطع مصالح له بينه وبين ألد أعدائه فكيف إذا كان تقاطع المصالح مع حليف ؟؟