السبت 2019/02/16

واشنطن بوست: هكذا يمكن للولايات المتحدة البقاء بسوريا بعد قرار الانسحاب

بقلم: ديفيد إغناتيوس

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

هل هناك طريقة تمكّن الولايات المتحدة وحلفاءها من البقاء شمال شرق سوريا، بعد تعهد الرئيس ترامب في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بسحب القوات العسكرية الأمريكية من هناك؟

يسعى مسؤولون أمريكيون إلى وضع استراتيجية ما يعرف "بالحل البديل"، لكن من شأن استراتيجية كهذه أن تؤدي إلى مخاطر أكبر من الاحتفاظ بالقوة الاستشارية الحالية.

كان ممن دعوا بشكل علني إلى إيجاد بديل لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا السناتور ليندسي غراهام، الذي طالب، يوم الجمعة الماضي في ميونيخ، الدول الأوروبية بتوفير "منطقة آمنة" للقوات الأمريكية كوسيلة لإقناع ترامب بالحفاظ على وجودها في سوريا.

وقال غراهام: "آمل أن يأتي إليكم الرئيس ترامب طالبا العون من بعضكم وألا تردوا طلبه"، واعدا بأن الولايات المتحدة ستقدم في المقابل القدرة العسكرية التي لديها، وأن الولايات المتحدة "ستظل مشاركة في القتال الذي يجري في سوريا".

تبقى الطريقة التي ستعمل بها هذه الخطة غير واضحة، وفقا لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين.

قال أحد المسؤولين يوم الجمعة إن كلا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا رفضت طلبات أمريكية أولية بإرسال قوات إلى سوريا، لكن ذلك كان قبل طلب غراهام العلني. تحتم الخطط الحالية على القوات العسكرية الأمريكية مغادرة سوريا بحلول نهاية نيسان/أبريل القادم، لكن مسؤولين عسكريين يقولون إن الجدول الزمني للقيام بهذا الانسحاب غير واضح.

وفقا لعدة مسؤولين أمريكيين وأجانب، سيقوم العملاء شبه العسكريين من وكالة الاستخبارات المركزية بتولي تدريب وتقديم الاستشارة العسكرية لقوات سوريا الديموقراطية، حيث تولت هذه المهمة قوات العمليات الخاصة الأمريكية منذ عام 2015.

لا تزال هذه المقاربة في مرحلة المناقشة، إلا أن هذا النهج سيسمح لترامب بالإيفاء بتعهده بسحب قواته من سوريا، دون خلق فراغ في الشمال الشرقي، والذي يمكن أن تستغله كل من تركيا وإيران وروسيا ونظام الأسد.

يرى خبراء قانونيون أن هذا الخيار الجديد من شأنه أن يجمع بين العمليات العسكرية المعلن عنها من المادة 10 من قانون القوات المسلحة والمادة 50 من قانون الدفاع الوطني الأمريكي المتعلق بالعمليات الخاصة. يمكن أن يستمر النشاط العسكري بموجب سلطة المادة 10، لتوفير الغطاء الجوي والدعم اللوجستي للقوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها على الأرض، لكن سيقدم عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الاستشارة العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية. لن يشارك عملاء "سي آي إيه" بشكل مباشر في القتال البري مثلما تفعل أفراد القوات الخاصة.

صدم قرار ترامب الذي أعلن عنه في كانون الأول / ديسمبر، كلا من حلفاء الولايات المتحدة وأعضاء الكونغرس ومسؤولي الإدارة، وأدى إلى استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس. كان آخر معارضي هذا القرار الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، الذي أخبر شبكة "سي إن إن" يوم الجمعة الماضي في رحلة له إلى عمان " ما كنت لأنصح ترامب بسحب نحو 2000 جندي أمريكي من سوريا في هذا الوقت بالذات ".

وقال فوتيل إن تنظيم الدولة "ما زال يملك العديد من القادة والمقاتلين، وما زال يملك وسطاء في المنطقة، لذا فإن الضغط العسكري المستمر ضروري للقضاء على هذا التنظيم". وأضاف أن مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية "ما زالوا بحاجة إلى تمكيننا ومساعدتنا للقيام بهذا الأمر".

إن وجود قوة استشارية شبه عسكرية بموجب المادة 50 من قانون الدفاع الوطني الأمريكي المتعلق بالعمليات الخاصة، سيكون له الكثير من العيوب، والتي تذكرنا بأعمال سرية أخرى خلال العقود الماضية. يمكن للقوات العسكرية الأمريكية الحالية في سوريا ردع الأعداء لأنهم يحملون علم الولايات المتحدة، بالمعنى الحرفي والمجازي.

لن تمتلك قوة شبه عسكرية نفس القدرة على الردع، أو القدرة على القيام بعمليات عسكرية مع القوات الأخرى في المنطقة، كروسيا وتركيا.

يقول أحد المسؤولين الأمريكيين السابقين: "إن وجود قوة مرئية على الأرض يشكل رادعا لكل الممثلين الآخرين" مضيفا: "إذا لم نتمكن من الحفاظ على تلك القوة تحت غطاء وكالة الاستخبارات المركزية، فإن قدرتنا على الردع ستكون محدودة".

ستدرس الدول الأوروبية بعناية ضعف قواتها خلال النظر في أي طلب لتوفير قوات لإنشاء منطقة عازلة. لقد كانت هذه الدول مترددة بشأن تقديم هذا النوع من الدعم في الماضي.

لكنهم يشاركون الولايات المتحدة مخاوفها بشأن الفراغ الذي سيخلفه خروج القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا والخطر الذي قد تتعرض له القوات الكردية إذا ما تخلت عنها الولايات المتحدة.

نظرًا لتداخل السياسة الأمريكية والأوروبية، يجب على قادة قوات سوريا الديموقراطية "قسد" أن يقرروا ما إذا كانوا سيقومون بترتيبات خاصة مع روسيا ونظام الأسد. ويقال إن الإمارات تفضل هذا النهج، في حين يرى مؤيدو "قسد" أن الاتفاق مع النظام سيكون أكثر أمنا بالنسبة للأكراد من الاعتماد على الولايات المتحدة التي تتميز مواقفها بالتقلب وأوروبا ذات القرارات الخجولة.

غالباً ما يقترح أنصار ترامب، من أمثال غراهام، حلولا بديلة بهدف الحفاظ على نوع من السياسة المعقولة وكذا استيعاب نزوات الرئيس في الآن نفسه.

قد يكون هذا ممكنا في سوريا، عبر الحصول على مساعدة الحلفاء والتلاعب القانوني والعسكري. لكن أفضل خيار سيكون اعتراف ترامب بأن قراره السابق كان غير حكيم، والعدول عنه.