الأربعاء 2019/06/19

واشنطن بوست: هؤلاء أهم وكلاء إيران بالشرق الأوسط


بقلم: كلير باركر

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


أدى تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران إلى مخاوف عالمية من اقتراب دخول الدولتين في حرب مباشرة. كما أدى احتدام المواجهة إلى شد الانتباه نحو شبكة من القوات المدعومة إيرانية والمنتشرة في أنحاء الشرق الأوسط.

يوم الخميس الماضي، أشار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى سلسلة من الهجمات نفذها "وكلاء إيران" منذ أوائل أيار/ مايو الماضي، حيث وصفها بأنها جزء من "حملة التصعيد غير المقبولة التي تشنها إيران".

قال بومبيو وعضو بارز آخر في إدارة ترامب إنهم سيحاسبون طهران على كل الهجمات التي تنفذها المليشيات التابعة لها، في الوقت الذي يرى فيه الخبراء أنه يمكن لإيران أن تستعمل هذه المليشيات كأصول فعالة في حال تحولت الأزمة إلى حرب.

لماذا تقوم إيران بنشر وكلاء لها في المنطقة؟

يعود تركيز إيران على إنشاء وكلاء في المنطقة إلى ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه المدعوم أمريكيا وأدت إلى تأسيس الجمهورية الإيرانية. سعى رجال الدين الشيعة إلى تصدير ثورتهم وتمكين الجماعات الشيعية في الشرق الأوسط منذ البداية. قال أليكس فاتانكا، عضو بارز في معهد الشرق الأوسط، واصفا هذه الرغبة التوسعية بأنها "جزء لا يتجزأ من الحمض النووي الإيراني".

يمكن القول إن غالبية المجموعات التي تدعمها إيران - إن لم نقل كلها - شيعية. ففي الوقت الذي تلعب فيه الإيديولوجيا دورا رئيسيا في السياسة الخارجية الإيرانية، يرى خبراء أن الهدف الأساسي للنظام من دعم هذه المجموعات هو نشر نفوذها في الشرق الأوسط لمواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي والسعودي.

وأضاف فاتانكا بالقول إن نجاح استراتيجية إيران يعتمد في جزء كبير منه على قدرتها في ملء فراغ السلطة داخل الشرق الأوسط.

في الآونة الأخيرة، وسعت إيران نفوذها في المنطقة من خلال دعم الميطليشيات في كل من اليمن وسوريا اللتين مزقتهما الحرب خلال الفوضى التي اندلعت بعد ثورات الربيع العربي في عام 2011.

كيف تفعل إيران كل هذا؟

تقوم بذلك بصورة رئيسية من خلال "فيلق القدس"، الذي يعد وحدة خاصة في "الحرس الثوري الإيراني" تركز على العمليات الخارجية. (قامت إدارة ترامب بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية في نيسان/ أبريل الماضي).

تتولى هذه الوحدة بزعامة القيادي بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي يتلقى أوامره بشكل مباشر من الزعيم الإيراني، علي خامنئي، تنظيم وتدريب المقاتلين مع المليشيات الحليفة وتزويدهم بالسلاح، وفقا لتقرير حديثة صدرت عن مركز "صوفان". تستخدم إيران أيضا القوة الناعمة لتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع دول كالعراق، حيث دعمت إيران المليشيات المحلية في حربها ضد القوات الأمريكية في أعقاب غزو العراق عام 2003 ولاحقا في معركتها ضد تنظيم الدولة.

من هم الحوثيون؟

أصبح الحوثيون في اليمن محط الأنظار منذ أوائل أيار/ مايو قبيل تصعيدهم للهجمات ضد أهداف سعودية. يقاتل الحوثيون، الذين هم جزء من الطائفة الزيدية الشيعية، التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015. لطالما اعتبرت الجماعة قوة معارضة داخل اليمن لكنها حظيت بدعم إيراني بعد مشاركة السعودية في الحرب اليمنية. يقول فاتانكا بهذا الخصوص، لقد تحول الصراع الذي بدأ كحرب أهلية خلال الربيع العربي إلى حرب بالوكالة بين إيران والسعودية، حيث تقدم إيران الدعم المالي والعسكري للحوثيين وتقوم الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري للسعودية على نطاق واسع.

وأضاف بالقول إنه من غير الواضح مدى سيطرة إيران على الحوثيين من حيث السيطرة التنفيذية بخصوص العمليات، لكن لا شك في أن لديهما نفس الأولويات الاستراتيجية – ألا وهي مواجهة السعودية.

كانت سلسلة من الهجمات الجوية غير المباشرة أحدثَ تصعيدٍ للنزاع بين الحوثيين والسعودية. أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجوم بطائرة مسيرة على مطار أبها المدني السعودي يوم الإثنين الماضي، على الرغم من أن السعودية لم تؤكد الهجوم. كما أعلنوا مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي قاموا به الأسبوع الماضي، أسفر عن إصابة 26 شخصا في المطار نفسه.

يوم الأحد الماضي، اتهم البنتاغون إيران بمساعدة الحوثيين على إسقاط طائرة أمريكية مسيرة في 6 حزيران/ يونيو الحالي. في الوقت نفسه، ألقت السعودية باللوم على الحوثيين بخصوص الهجمات التي استهدفت اثنتين من منشآتها النفطية.

من غير الواضح ما إذا كانت هذه الهجمات مرتبطة بالتفجيرات الأخيرة التي تعرضت لها ناقلتا نفط في خليج عمان الخميس الماضي.  قال فاتانكا بهذا الخصوص "هل يمكن اعتبار الأمر من قبيل الصدفة في الوقت الذي تتعرض فيه إيران لضغوط شديدة؟ ربما ليس الأمر كذلك"، مضيفاً أن هذا لا يعني بالضرورة أن إيران هي من يمسك بزمام الأمور.

على الرغم من عدم اليقين هذا، سارع بومبيو والقادة السعوديون إلى ربط الهجمات التي يقوم بها الحوثيون بإيران. في مقابلة له مع قناة الشرق الأوسط الإخبارية في مطلع هذا الأسبوع، اتهم ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، الحوثيين بـ "بتقديم أجندة إيران على مصالح اليمن وشعبه".

يعد الحوثيون هذه الضربات دفاعا عن النفس ضد السعودية، التي اتُهمت بقصف المدنيين في اليمن دون تمييز، ما أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة. قال الباحث، صمويل راماني، إن هجمات الحوثيين على منشآت النفط السعودية الشهر الماضي كانت مدفوعة في المقام الأول برغبة منهم لإظهار التماسك الداخلي والحصول على دعم شعبي، بدلا من خدمة مصالح طهران.

ما دور "حزب الله" فيما يحدث؟

يعد حزب الله، وهو جماعة شيعية شبه عسكرية وحزب سياسي في لبنان، أول وأكبر مشروع وكيل لإيران في المنطقة. لا يزال أقوى حلفائها إيران في الشرق الأوسط. تم تشكيل هذه المجموعة خلال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1982، ومنذ ذلك الحين تحول من مجموعة صغيرة تتألف من رجال دين وعدة مقاتلين إلى قوة سياسية كبرى في الأوساط اللبنانية بمساعدة الحرس الثوري الإيراني.

زودت إيران حزب الله بالأسلحة خلال حربه ضد إسرائيل عام 2006. كما قامت في الآونة الأخيرة، بحشده للدفاع عن بشار الأسد في الحرب الدموية التي استمرت ثماني سنوات في سوريا. قدّرت وزارة الخزانة الأمريكية الدعم الإيراني لحزب الله في عام 2018 بمبلغ قدره 700 مليون دولار في السنة.

وصف نيكولاس بلانفورد، عضو بارز في مجلس الأطلسي وخبير في قضايا الشرق الأوسط، حزب الله بأنها المجموعة شبه عسكرية "الأضخم من بين جميع الوكلاء الإيرانيين في الشرق الأوسط"، وقد أعطاها دورها النشط في سحق الثورة بسوريا، تجربة قتالية إضافية.

على الرغم من ثقله العسكري الإقليمي، لا يتوقع الكثيرون استعداد حزب الله للدخول في نزاع يضم الولايات المتحدة. وقال بلانفورد: "قد تعتمد المجموعة على الهجمات السرية ضد أهداف أمريكية في المنطقة". لكنه أضاف قائلا: "إذا ما واجه النظام الإسلامي في طهران نوعا من التهديد الوجودي فكل شيء ممكن".

ما العلاقة التي تربط إيران بالمليشيات العراقية؟

خلال الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980، استضافت طهران ودعمت عددا من المليشيات الشيعية القوية التي عارضت حكم صدام حسين. بعد الإطاحة به قبيل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تم حشد العديد من هذه المليشيات لمحاربة القوات الأمريكية.

عزا البنتاغون وفاة 603 أمريكيين في العراق منذ عام 2003 إلى مليشيات تدعمها إيران. ولكن مع انتشار مقاتلي تنظيم الدولة بشكل فجائي في جميع أنحاء العراق عام 2014، لعبت تلك المليشيات نفسها دورا مهما في وقف توسع التنظيم حيث قاتلت جنبا إلى جنب مع القوات العراقية لتقليل السيطرة الإقليمية لتنظيم الدولة والقضاء عليه في نهاية المطاف.

منحهم دورهم في قتال المتشددين قوة سياسية غير مسبوقة داخل العراق، حيث فاز العديد من الشخصيات البارزة بمقاعد في البرلمان العام الماضي. وبالتالي منح وجودهم إيران تأثيرا إضافيا على المشهد السياسي في العراق. وقد حث المسؤولون الأمريكيون العراق مرارا على مواجهة هذا التأثير.

خلال زيارة غير متوقعة له للعراق في أيار/ مايو الماضي، حذر بومبيو الزعماء العراقيين مما وصفه بالتهديد الإيراني المتزايد. وقال بومبيو للصحفيين آنذاك "لا نريد لأي أطراف خارجية أن تتدخل في بلدهم... وهو ما اتفقنا عليه ".

في اتصال هاتفي له مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي يوم الخميس الماضي، تعهد بومبيو بتعزيز قوات الأمن العراقية، كما أشاد بجهود عبد المهدي المستمرة في مواجهة التهديدات التي تشكلها المليشيات التي تدعمها إيرن على سيادة العراق، بحسب ما جاء على لسان مورغان أورجتوس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها.

يراقب العراقيون اليوم التوتر المتزايد في الخليج العربي بتوجس خوفا من الدخول في حرب أخرى.

ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المليشيات في حال احتدام الصراع؟

وصفت إدارة ترامب إيران "بالدولة الراعية للإرهاب" وسعت إلى ربطها بالهجمات التي شنتها الجماعات شبه عسكرية المتحالفة معها.

ألقى بومبيو باللوم على إيران بخصوص التفجير الانتحاري الأخير في كابول، على الرغم من إعلان طالبان مسؤوليتها عن الهجوم. هناك علاقة بين طالبان وإيران، لكن يبقى من غير المؤكد إذا ما كانت إيران متورطة في الهجوم.

قال بلانفورد إنه من غير المرجح أن يدفع فرض "أقصى الضغوط" على إيران بها إلى التخلي عن دعمها لوكلائها الاستراتيجيين كحزب الله، واصفا المطالب الأمريكية "بغير المعقولة ".

وأضاف فاتانكا بالقول إنه طالما بقي الأمر مقتصرا على الضغط الاقتصادي، فمن المحتمل أن تبقى مجموعات كحزب الله والحوثيين خارج المعركة، ستهرع هذه المجموعات لمساعدة إيران عندما يتحول هذا الأمر إلى صراع، لكن السؤال المطروح: كم وكيلا سيهرع لمساندتها؟