الخميس 2019/06/27

واشنطن بوست: ما الذي أوصل الصراع الأمريكي-الإيراني إلى هذه المرحلة؟

بقلم: ديفيد واينر

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


وافقت إيران سنة 2015 على الحد من برنامجها النووي، وأذعنت بسبب العقوبات القاسية المفروضة عليها من دول تخشى تطوير هذه الأخيرة لقنبلة نووية.

واصلت إيران لمدة عام على الأقل التزامها بالقيود المفروضة عليها، على الرغم من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية. تهدد اليوم إيران بخرق بنود الاتفاقية التاريخية من خلال تجاوز الحد الأقصى من مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب، ما لم تتخذ أوروبا إجراءات لتخفيف ضغط العقوبات الأمريكية.

تزايدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بعد أن اتهم ترامب إيران بشن هجومين على ناقلات النفط في الخليج العربي وقامت إيران بإسقاط طائرة مسيرة تابعة للبحرية الأمريكية.

ما الذي دفع بإيران إلى التهديد بخرق بنود الصفقة النووية؟

زادت الولايات المتحدة من حجم ضغوطها الاقتصادية على إيران في أوائل أيار/ مايو الماضي، عندما قامت بإلغاء الإعفاءات التي تسمح لثماني حكومات بشراء النفط الإيراني. تهدف إدارة ترامب إلى "تصفير" صادرات النفط الإيرانية، التي تمثل نصف مبيعات البلاد في الخارج. وبالفعل، فقد جعلت العقوبات الأمريكية الاقتصاد الإيراني في حالة ركود، حيث يقدر صندوق النقد الدولي كسادا بمعدل 6٪ هذا العام بعد أن وصل 4٪ العام الماضي. وضع هذا الكساد الاقتصادي الرئيس حسن روحاني في موقف حرج، حيث دافع قبلا عن الصفقة النووية واعتبرها وسيلة لإنهاء عزلة إيران وإنعاش اقتصادها.

ما علاقة تخصيب اليورانيوم بالاقتصاد الإيراني؟

ليست هناك علاقة مباشرة، تعمل إيران على زيادة معدل التخصيب كوسيلة للدفع بالأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي لاتخاذ إجراءات للتخفيف من آثار العقوبات الأمريكية. ترغب تلك الأطراف - فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي - في الحد من أنشطة إيران النووية والقيام بذلك من خلال الحوار. كما تعتبر إيران القيود المفروضة على برنامجها النووي قيدا على حقوقها السيادية، رغم أنها تنفي سعيها لامتلاك سلاح نووي. أظهرت إيران استعدادها للالتزام بالقيود المفروضة عليها مقابل تخفيف العقوبات، لكن الانسحاب الأمريكي أشعر الإيرانيين بأنهم خُدعوا.

كيف تستطيع الولايات المتحدة منع الدول الأخرى من التعامل مع إيران؟

كما هو الحال في معظم الحملات الأخرى، فإن النفوذ الأمريكي يكمن في الدور المركزي الذي تلعبه البنوك الأمريكية والدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي. يمكن أن يتم منع أو حظر أي دولة أو شركة أو بنك ينتهك شروط العقوبات الأمريكية من نقل أمواله أو أصوله من أو إلى الحسابات الموجودة في الولايات المتحدة. خلاصة القول، لقد راهنت إدارة ترامب على تفضيل الدول والبنوك والشركات من مختلف أنحاء العالم التعامل مع الولايات المتحدة بدلا من إيران، وقد كسبت هذا الرهان، حيث انسحبت معظم الشركات الأوروبية الكبرى من السوق الإيرانية.

ما الذي اقترحت الدول الأوروبية فعله بخصوص هذا الأمر؟

ابتكرت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي آلية خاصة لتسهيل التبادل التجاري مع إيران من شأنها التحايل على النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بشكل كبير. تكمن الفكرة أساسا في استخدام نظام المقايضة الذي سيمكّن إيران من الحصول على ائتمانات مقابل صادراتها إلى أوروبا، والتي ستتمكن إيران من استخدامها فيما بعد لشراء البضائع من الشركات الأوروبية. لكن من المرجح أن تخفف آلية " Instex"، كما يطلق عليها، من حدة الوضع بشكل محدود. في ظل هذا الإحباط، هددت إيران بزيادة معدل إنتاجها لليورانيوم المخصب وتجاوز الحد المسموح به (3.67٪)، والذي كان الهدف منه منع النظام الإيراني من صنع أسلحة نووية، في حال لم تقم أوروبا بإجراءات لإنعاش الحياة الاقتصادية في مهلة أقصاها 27 حزيران / يونيو الحالي.

لماذا يعارض ترامب الصفقة النووية؟

يعترض ترامب على الصفقة الإيرانية، لأن القيود الذي يفرضها الاتفاق على إيران يمكن أن تنهار مع مرور الوقت، موضحا أنه يسعى للتأكد من منع إيران من امتلاك سلاح نووي "بشكل نهائي". كما إنه يقول إن الاتفاق لا يتطرق لوقف الأنشطة الإيرانية الخبيثة في الشرق الأوسط، كدعمها للإرهاب أو برنامج الصواريخ الباليستية.

لمحة عن تاريخ العداء بين الولايات المتحدة وإيران؟

تعود جذور الخلاف بين البلدين إلى الدعم الأمريكي لانقلاب 1953 ، الذي أطاح برئيس الوزراء الإيراني القومي وإعادة تنصيب الملك شاه محمد رضا بهلوي، الذي كان متعاطفا مع الغرب. عندما فرض الثوار الإسلاميون سيطرتهم على إيران عام 1979، استولى مسلحون على السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 أميركيا كرهائن لأكثر من سنة، طالبوا فيها الولايات المتحدة بإعادة الشاه، الذي فر من البلاد. ردا على ذلك،

قامت الولايات المتحدة بقطع علاقاتها مع إيران وبدأت بفرض العقوبات الاقتصادية عليها، وتزايدت تلك العقوبات على مر السنين.

أدرجت الولايات المتحدة إيران ضمن الدول الراعية للإرهاب منذ عام 1984. وفي إبريل / نيسان الماضي، صنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني، الذي يعد القوة العسكرية الأولى في إيران، ضمن المنظمات الإرهابية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق هذه التسمية على مؤسسة حكومية.

ما الذي يقع على المحك الآن؟

يقع استقرار الشرق الأوسط على المحك. كثيرا ما تحدث مسؤولون أوروبيون عن أن عجزهم عن منع إدارة الرئيس الأمريكي، جورج بوش، من بدء حرب العراق عام 2003 هو السبب الرئيسي وراء محاولاتهم لإنقاذ صفقة إيران اليوم. لقد أوضح القادة من كلا الجانبين أنهم لا يسعون إلى الدخول في حرب، لكن يخشى العديد من الخبراء من أن يؤدي خطأ في التقييم إلى تصعيد سريع. على سبيل المثال، في حزيران/ يونيو الحالي، كانت الولايات المتحدة على وشك شن غارات جوية على إيران ردا على إسقاط الطائرة المسيرة التابعة للبحرية الأمريكية، لكن الرئيس ترامب قرر إلغاء العملية لأن هجوما كهذا من شأنه أن يودي بحياة 150 شخصا على الأقل.