السبت 2018/08/11

واشنطن بوست: الحرب السورية على وشك دخول آخر وأخطر مراحلها


المصدر: واشنطن بوست

بقلم: ليز سلاي

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


في الوقت الذي تدخل فيه الحرب بسوريا آخر وأخطر مراحلها، ستحاول قوات النظام وحلفاؤها بسط سيطرتها على المناطق الخارجة عن نطاق نفوذها، في ظل وجود قوى أجنبية أخرى.

إن الهزيمة التي ألحقتها قوات النظام بالثوار في معركة جنوب غربي البلاد، سمحت لنظام الأسد بالسيطرة على غالبية مناطق البلاد، وبات النظام اليوم قادراً على التصدي لأيّ تهديد عسكري أو دبلوماسي واضح.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال نحو ثلث البلاد خارج سيطرة النظام، حيث يشمل هذا الجزء مناطق وجود القوات الأمريكية والتركية. كانت تركيا قد قامت بنشر قواتها في الشمال الغربيّ من سوريا، وفي أجزاء من محافظة حلب، وإدلب، ويُتوقع أن تكون هذه الأجزاء الهدف القادم لقوات الأسد.

كما إن هناك نحو 2000 جندي أميركي من قوات العمليات الخاصة في شمال شرقي سوريا، في إطار الدعم الأمريكي الذي تقدمه واشنطن لحلفائها الأكراد الذين يقاتلون تنظيم الدولة.

في هذه الأثناء قامت إيران بترسيخ وجود قواتها ومليشياتها المتحالفة معها إلى جانب قوات النظام، وهو ما أثار مخاوف عميقة في إسرائيل.

يرى محللون أنه حتى مع دخول الحرب في سوريا مراحلها النهائية فإن إمكانية حدوث صراع أوسع نطاقاً واردة بشكل كبير.

ستقع على روسيا مسؤولية إخراج سوريا من المآزق التي يمكن أن تقع فيها مستقبلا، بالنظر إلى العلاقات التي تتمتع بها مع باقي الدول المَعنية، بما في ذلك إسرائيل وإيران. منذ تدخلها في الحرب السورية عام ٢٠١٥، نجحت موسكو في خلق توازن بين مصالح الدول المتنافسة وإخماد المخاوف من أن يؤدي الصراع في سوريا إلى اندلاع حرب إقليمية.

وحسب رياض خويجة، رئيس شركة أنيغما للاستشارات الدفاعيّة بدبي، فإن القدرة الروسية على تحقيق التوازن بين مصالح الدول المتنافسة محدودة، وستصبح على المحك خلال المرحلة القادمة.

وتابع قائلا.. "لا تستطيع روسيا القيام بهذا الدور خلال المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى فشل دبلوماسيتها في معالجة مخاوف إسرائيل بشأن الوجود الإيراني داخل سوريا. مضيفاً أن "إيران استثمرت الكثير في سوريا ولن تغادر الآن، إن لم نقل أبدا، فقد رفضت إيران إخراج قواتها من سوريا، وإصرار إسرائيل على خروجها قد يؤدي إلى حدوث اشتباك".

يرى كمال علام، عضو في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، الذي قام بزيارة دمشق مؤخرا، أن تركيز روسيا ينصبُّ في الوقت الحالي على تحقيق الاستقرار في المناطق التي استعادت قوات النظام السيطرة عليها، وإعادة بعض اللاجئين الذين تقدر أعدادهم بنحو 6 ملايين لاجئ سوري فرّوا خارج البلاد، وإعادة بناء تشكيل صفوف النظام، والبدء بإعمار المناطق المتضررة من الحرب، وضمان الاعتراف الدولي بالجهود الروسية من خلال تسوية سلمية.

مضيفاً.. "يدرك الروس أن المناطق التي استُعيدت هي عبارة عن قنابل موقوتة، وهم يسعون إلى التأكد من عدم وجود نية للقيام بهجمات انتقامية واسعة النطاق، فالحرب لم تنتهِ بعد، لكن الوقت قد حان للعمل على تحقيق الاستقرار في البلاد، وهناك الكثير من العمل للقيام به من أجل تحقيق هذا الهدف".

تعتبر استعادة المناطق المتبقية خارج سيطرة النظام أولوية قصوى في لائحة أهدافه، بدءاً بمحافظة إدلب، بحسب ما جاء على لسان بشار الأسد. أعيد نشر قوات النظام، التي كانت في الجنوب، في الشمال استعداداً للقيام بهجوم محتمل على إدلب.

في هذه الأثناء تقوم تركيا بتعزيز مراكز المراقبة الخاصة بها في إدلب، والتي تم تأسيسها بموجب اتفاق مع روسيا، وقد وصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إدلب بالخط الأحمر، وتعهَّد بمقاومة أي محاولة لاستعادتها من مجال نفوذها، ما يزيد خطر المواجهة بين بلده، الذي يعد عضواً في حلف الناتو، وبين الأسد وروسيا وإيران.

ستكون معارك إدلب، في حال اندلاعها، الأكثر دموية وتدميراً مقارنة مع المعارك السابقة؛ إذ تضم إدلب نحو ٧٠ ألف مقاتل من قوات المعارضة السورية، والذي يعد أكبر تجمع لمقاتلي المعارضة. يضم هذا التجمع عدداً لا بأس به من مقاتلي القاعدة.

تضم إدلب نحو ٣ ملايين مدني، اتخذوا من المحافظة ملجأ لهم من المعارك العنيفة التي كانت تدور في المناطق الأخرى. ويرى محللون أن الهجوم عليها سيؤدي إلى أكبر أزمة إنسانية عرفتها سوريا حتى الآن، وقد يؤدي إلى خروج جماعي للاجئين باتجاه تركيا، وربما باتجاه أوروبا.

أكد المسؤولون الروس أنهم يفضّلون التوصل إلى حل تفاوضي بخصوص إدلب على غرار ما حدث خلال المعركة الأخيرة جنوب غربي سوريا، والتي كانت غير دموية مقارنة بمعارك أخرى. إذ وافقت معظم الجماعات المسلحة على عقد اتفاق مع النظام مقابل الحصول على بعض النفوذ المحلي، في حين انضمّت مجموعات أخرى لقواته لمحاربة تنظيم الدولة.

قال المبعوث الروسي الخاص لسوريا، ألكسندر لافرنتيف، لوكالة الأنباء الروسية (تاس)، إن روسيا ترغب في استخدام نموذج جنوب غربي سوريا في إدلب، معربا عن أمله في تجنب معركة دامية. وأكد استعداد روسيا لتقديم "المساعدة اللازمة" لفصائل المعارضة المعتدلة الذين يوافقون على محاربة الجماعات المتطرفة.

كما قال بسام بربندي، الدبلوماسي السوري السابق والمنشق عن النظام الذي يعمل الآن مع المعارضة، إن المعارضة السورية مستعدة للنظر في الاقتراح الروسي، لكنها تريد أن تعرف ما الذي ستجنيه في المقابل.

مضيفاً.. "تسعى المعارضة المسلحة في إدلب إلى الحصول على ضمانات كحد أدنى وبأن يكون لديها شكل من أشكال الحكم الذاتي والحماية، ربما تحت إشراف روسي أو تركي". لكن يبقى السؤال: " ما ثمن ذلك وما الذي ستجنيه المعارضة؟".

وأضاف بربندي.. "قالت روسيا في الماضي إنها تريد التوصل إلى تسوية تفاوضية ليقوم بعدها النظام بشن هجماته"، موضحا أنه من الممكن أن "تندلع معركة مدمرة في إدلب، لكن هناك فرصة للعمل الدبلوماسي، وبذلك يمكن إنهاء أسوأ المعارك في سوريا". وأكمل.. "أعتقد أن نهاية هذا العام ستشكّل نهاية للصراع الرئيسي في سوريا.

يمكن اعتبار المناطق الخاضعة للسيطرة الأمريكية الأهدأ في سوريا. كما أعلن الرئيس دونالد ترامب، أنه سيبقي على القوات الأمريكية الخاصة فقط لضمان عدم عودة تنظيم الدولة، الذي ما يزال على الأراضي المتاخمة للحدود العراقية.

أما بخصوص الأكراد حلفاء واشنطن، فقد بدؤوا في إجراء تفاهمات مع النظام من أجل الحصول على نوع من الحكم الذاتي في المناطق التي تقع سيطرتهم.