السبت 2019/03/30

هل أدى قرار ترامب بشأن الجولان إلى تقويض وساطة بوتين بسوريا؟


المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


اعتقد بوتين أن لديه صفقة في هلسنكي.

يقول مكسيم سوشكوف في إحدى مقالاته "مع اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، فإن الحاجز الأمني بين القوات الإسرائيلية والسورية والإيرانية والذي سعت موسكو إلى تأسيسه قد يكون موضع تساؤل، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى حدوث تصادم مباشر مع قوات العدو".

يضيف سوشكوف بالقول: "خلال قمة هلسنكي التي جمعت بين كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تموز/ يوليو 2018 الماضي، يمكن القول إن مرتفعات الجولان كانت البند الرئيسي الذي يمكن أن يقدمه بوتين لترامب من أجل التوصل إلى اتفاق حول التعاون الأمريكي الروسي في سوريا".

وفقا لسوشكوف، "لقد نشرت روسيا قوات شرطتها العسكرية على طول منطقة "خط برافو" في الجولان الأمر الذي مكن مراقبي الأمم المتحدة لاحقا من استئناف مهمتهم الخاصة هناك والتي تتمثل في مراقبة وقف إطلاق النار وفض اشتباك القوات".

قد يكون الاهتمام الذي أُولي لتصريحات ترامب بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016 خلال قمة هلنسكي قد غطى على آثار القمة التي أصبحت واضحة في المنطقة".

ربما كان "المونيتور" المنبر الإعلامي الوحيد التي تحدث عن جهود بوتين للعب دور الوسيط بين كل من إسرائيل وإيران فيما يتعلق بمرتفعات الجولان عقب قمة هلسنكي. فقد قال الرئيس الروسي حينها إنه تمكن رفقة ترامب "من التوصل إلى اتفاق بخصوص بعض القضايا حول سوريا. ... على وجه التحديد بخصوص المنطقة الواقعة جنوبي منطقة خفض التصعيد بالقرب من مرتفعات الجولان، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الإسرائيلية كاملة، وقد ناقشنا ذلك في وقت سابق مع شركائنا الإيرانيين. لذلك نحن على الطريق الصحيح فيما يتعلق بإصلاح الوضع على نطاق أوسع، وليس داخل سوريا وحسب ".

أكد بوتين في ذلك الوقت قوله: "يجب الامتثال بشكل كامل لبنود معاهدة عام 1974 في جنوب سوريا، وفصل القوات - فصل القوات الإسرائيلية والسورية". مضيفا: "سيؤدي هذا إلى إحلال السلام في مرتفعات الجولان، وتحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل، وكذلك توفير الأمن لدولة إسرائيل. لقد أولى الرئيس ترامب اهتماما خاصا لهذه القضية خلال المفاوضات التي جرت اليوم".

وكان سوشكوف أفاد خلال الأسبوع الذي تلا القمة، بأن روسيا "تتحرك بثبات نحو التنفيذ التدريجي لمخططها حول مرتفعات الجولان، بينما تحاول إقناع إيران بأن هذه الخطوات الأقل ضررا لمصالح الجمهورية الإيرانية مقارنة بالدخول في حرب إقليمية واسعة. تسعى موسكو أيضا إلى إقناع طهران بأن اقتراحها بشأن مرتفعات الجولان لا يعني أن روسيا تعطي الأولوية لإسرائيل على إيران، كما إنه لا يقوّض التعاون الروسي الإيراني ضد ما يعتبره كلاهما إرهابا في سوريا. بعبارة أخرى يمكن القول إن موسكو تشير إلى أن إدارة ترامب قادرة على ضمان الأمن الإسرائيلي ضد ما يعتبره كل من ترامب ونتنياهو أكبر تهديد. ... يبدو أن إيران تشعر بالقلق من أن تعزز روسيا علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة. ومع ذلك فليس أمام إيران الكثير من الخيارات: فإما أن توافق على الرؤية التي تقترحها موسكو - على الرغم من القيام ببعض التعديلات - أو تضرب بها عرض الحائط وتواجه تصعيدا عسكريا بالإضافة إلى العقوبات والضغط الذي تواجهه من الداخل".

في تموز/ يوليو الماضي، كتب "المونيتور" في مقال له: " لا يعمل بوتين دون مقابل، وإذا اعتقد البعض أنه يحاول مساعدة ترامب في الخروج من سوريا مع ضمان أمن إسرائيل، فإن هذه مسألة كبرى، الأمر الذي يعني أن الرئيس الروسي يسعى لتحقيق ربح ما من هذه الصفقة. بالنسبة لبوتين، يتمثل هذا الربح في تخفيف العقوبات الأمريكية على روسيا، ويمكن اعتبار عرضه بإجراء استفتاء في شبه جزيرة القرم جزءا من هذه الصفقة".

يختتم سوشكوف هذا الأسبوع بقوله: "يعتقد البعض في موسكو أنه من غير المرجح غير أن تحذو روسيا حذو إسرائيل بخصوص مرتفعات الجولان للدفاع عن موقفها الخاص من شبه جزيرة القرم خوفا من العداء الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن الوضع حول مرتفعات الجولان يضعف من موقف أولئك الذين يعارضون بشدة سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، إذ إن من شأنه أن يمنح روسيا بعض النفوذ خلال مداولاتها الخاصة مع الأوروبيين حول العقوبات المفروضة عليها بسبب شبه جزيرة القرم".

تركيا تعيد النظر في علاقاتها مع سوريا بخصوص الأكراد:

يرى الكاتب فهيم تستكين أنه "على الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في 22 آذار/ مارس الحالي إن قرار ترامب بشأن مرتفعات الجولان "جعل المنطقة على شفا أزمة جديدة" إلا أن هذا "لا يعني أن تركيا ستتخلى عن الشروط التي حددتها لإعادة ربط علاقاتها مع دمشق".

كتبت أمبرين زمان في مقال لها حول هذا الموضوع "تركيا غاضبة من استمرار الشراكة والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب الكردية، ولقد هددت بمهاجمة هذه الوحدات في مجموعة من الأراضي التي تمتد من الضفة الشرقية لنهر الفرات وصولا للحدود العراقية، معتبرة أن الجماعة تشكل خطرا على أمنها القومي".  وأضافت أمبرين: "خلال العام الماضي، أثبتت القوات التركية أنها كانت تعني ما تقوله عندما قامت بطرد وحدات حماية الشعب من عفرين ذات الأغلبية الكردية".

وفقا لسميح إديز فإن إعلان أنقرة عن عمليات عسكرية مشتركة مع طهران ضد حزب العمال الكردستاني على طول الحدود، على الرغم من عدم تأكيد إيران ذلك، "يشير إلى تعاون أكبر بين أنقرة وطهران ضد الطموحات الكردية في المستقبل القريب". مضيفا بالقول: "لا تعارض إيران فكرة حصول الأكراد على حكم ذاتي داخل سوريا لكنها تعارض وجود قوات سوريا الديمقراطية".

أوضح فهيم تستكين أن "تركيا تتوقع أن يقوم نظام الأسد بصياغة دستور جديد يعطي حقوقا للمعارضة، ويقوم بتفكيك جميع التنظيمات الكردية التي تتمتع بحكم ذاتي شمال سوريا، والتي تعتبرها تركيا تهديدا لها على حدودها". مضيفا: "إن محادثات السلام السورية التي عقدت في أستانا ونظمتها إيران وروسيا وتركيا جاءت بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي يؤكد أهمية وحدة الأراضي السورية، لكنه لم يتطرق إلى مشكلة مرتفعات الجولان، لذلك فهو لم يوفر أي حل ممكن في هذا الشأن. ... يمكن أن يضيف الثلاثي الإيراني - الروسي - التركي قضية مرتفعات الجولان إلى جدول أعماله، لزيادة الضغط على الولايات المتحدة، ولكن حتى لو حدث ذلك، لا يتوقع أحد أن يصبح الأمر أولوية قصوى بالنسبة لهذه الدول الثلاث".

يضيف إديز قوله "هناك تقارب في المصالح حول المسألة الكردية بين كل من أنقرة وطهران ودمشق... إن الأمر الوحيد الذي يمنع هذا من أن يتحول إلى تحالف كامل بين الدول الثلاث هو استمرار كراهية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للأسد، والذي يعتبره أحد أخطر أعدائه الإقليميين".

يقول إديز إن "العديد من الأتراك اليوم يعتقدون أنه من مصلحة أنقرة الدخول في حوار هادف مع دمشق،" موضحا: " تُجري تركيا بالفعل عددا من المباحثات مع نظام الأسد من خلال جهاز الاستخبارات التابع لها، لكن يرى الكثيرون اليوم أن هذه المباحثات غير كافية لمواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه أنقرة".

كتبت أمبرين زمان معلقة على هذا الموضوع: "إن السياسة الحالية لوزارة الخارجية التي تتمثل في التوسط في صفقة بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا لا تهدف إلى تفكيكها بقدر ما تهدف إلى منع النظام استعادة سيطرته الكلية". مضيفة: "ففي الوقت الذي تتجاهل فيه هذه السياسة تحقيق المصالح بهدف تغيير النظام، فهي تسعى إلى إبعاد بشار عن السلطة وتغيير سياسة النظام بشكل جذري ولا يبدو أنه من الممكن تحقيق هذا في المستقبل القريب".

تقول زمان إن "مسؤولا في قوات سوريا الديمقراطية يقول إن حصول الأكراد على موافقة الروس لإبرام اتفاق مع النظام يتوقف على قطع العلاقات مع الولايات المتحدة.. "إلى حين معرفة الخطة الفعلية للولايات المتحدة فإننا لا نريد إنهاء تحالفنا معهم".

في غضون ذلك، يبدو أن روسيا سعيدة بالسماح لتركيا بمواصلة تهديداتها بمهاجمة وحدات حماية الشعب الكردية.  وأضاف المسؤول الكردي أن "رسالة روسيا هي إما أن تسمحوا للنظام بالعودة أو أن عليكم مواجهة الأتراك، لأن الأمريكيين لن يدافعوا عنكم، مثلما حدث في عفرين".