الخميس 2019/01/24

هذا ما يمكن لواشنطن فعله في سوريا عبر “قانون قيصر”

بقلم: جوش روجين

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


يوشك نظام الأسد على الفوز بشكل كامل في الحرب، ويخطّط لما يأتي بعد ذلك. غير أن هذا النظام لا يزال يرتكب فظائع ضد المدنيين، كما لا يزال يحتجز مواطنين أمريكيين على الأقل. في ظل غياب استراتيجية أمريكية حقيقية. لدى الكونغرس فرصة للتصرف.

ما الذي يمكن فعله؟

أدّت السياسة التي تنتهجها إدارة ترامب في سوريا إلى نتائج كارثية. فبعد أن أعلن الرئيس قرار سحب القوات الأمريكية بالكامل من سوريا، خلال تغريدة له على تويتر في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، استقال وزير الدفاع، وكذلك المبعوث إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، والذي قال إن قرار ترامب قد أعطى هذه المجموعة الإرهابية "دفعة جديدة". في حين وبّخ ترامب بشكل علني مستشار الأمن القومي الأمني ​​عندما حاول هذا الأخير وضع شروط للانسحاب، وعلّق وزير الخارجية ضاحكاً، وقال إن شيئاً لم يتغير.

قال بريت ماكغورك، المبعوث الأمريكي السابق للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، خلال لقاء تلفزيوني له "صدقوني لا توجد خطة لما سيحدث بعد الانسحاب" وأضاف ماكغورك "في الوقت الحالي ليست هناك خطة".

في غضون ذلك، تُرك الجيش الأمريكي للتعامل مع نتائج لا مبالاة ترامب وإنهاء عملية الانسحاب. لقد كانت نتائج هذا القرار مميتة بالفعل بالنسبة للقوات الأمريكية. سيعاني شركاؤنا -ناهيك عن آلاف من المدنيين السوريين- بشكل كبير بسبب تصرفات أمريكا المخزية.

لكن هناك شيئاً واحداً يستطيع الكونغرس فعله: تمرير تشريع لزيادة العقوبات بشكل كبير على نظام بشار الأسد وأولئك الذين يتعاملون معه. وافق مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي على قانون "سيزر" أو "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" لعام 2019، والآن يجب على مجلس الشيوخ أن يحذو حذوَ مجلس النواب.

قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إليوت إنغل، (عضو ديمقراطي): "لقد خذل العالم الشعب السوري، فلا شيء يمكن أن ينسيهم الفظائع التي اضطروا إلى تحملها لما يقرب ثماني سنوات، ولا شيء يمكن أن يعيد إلى الحياة أولئك الذي فُقدوا". مضيفاً: "كما لا يمكننا بكل بساطة تجاهل ما حدث ونسمح لروسيا والأسد وإيران بالسيطرة على سوريا".

إن التشريع، الذي أقرّه مجلس النواب مرتين خلال جلسات سابقة، سوف يتطلب من إدارة ترامب فرض عقوبات على أي شخص يتعامل مع نظام الأسد أو أجهزته الأمنية أو مصرفه المركزي. كما سيفرض مشروع القانون هذا عقوبات على أي شخص متورط في مشاريع إعادة الإعمار ذات صلة بنظام الأسد، وشركات الطيران أو الطاقة في سوريا التي يسيطر عليها هذه الأخير.

سُمّي مشروع القانون باسم "قيصر"، وهو منشق عسكري سوري هرب أكثر من 55 ألف صورة، قام مكتب التحقيقات الفيدرالي باستعمالها كدليل على تعذيب نظام الأسد وقتله لأكثر من 11،000 مدني محتجز لديه.

تمثّل قضية "قيصر" جزءاً من جرائم نظام الأسد ضد الإنسانية، والتي تشمل الحصار والمجاعة وشنّ هجمات على المدنيين باستعمال الأسلحة الكيماوية، وغيرها من الجرائم العديدة التي ارتكبها النظام ضد الشعب السوري.

لكن التشريع لا يتعلق فقط بجرائم الحرب. الفكرة هي إعطاء ترامب بعض النفوذ عند التعامل مع نظام الأسد وروسيا أو حتى إيران، في ظل تفاقم الوضع بسوريا.  يمكن لترامب التجاوز عن فرض بعض العقوبات لكل حالة على حدة بموجب هذا القانون. كما يمكن تعليق هذه العقوبات في حال توقفت مفاوضات السلام أو توقفت هجمات النظام على المدنيين.

وافق مجلس النواب على مشروع القانون بالإجماع، حتى إن النائبة الديموقراطية، تولسي جابارد، والتي صوتت فيما قبل ضد قرار غير ملزم بإدانة جرائم حرب الأسد عام 2016، لم تعترض على هذه المرة وصوّتت بالإيجاب. وقالت عندها معلقة على مشروع القانون عام 2016، إنه "دعوة مبطنة لإنشاء منطقة لحظر الطيران وللإطاحة بنظام الأسد"، وهو ما لا يمكن لأحد اليوم أن يقوله عن هذا القانون.  إلا أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا نتيجة لاعتقاد الرئيس الراسخ  أنه لا وجود لمصلحة وطنية أمريكية هناك على الإطلاق، فقد قال معلقا على هذا الموضوع خلال اجتماع له مع إدارته في 2 كانون الثاني / يناير الحالي: "إننا نتحدث عن الرمل والموت"، مضيفاً: "نحن لا نتحدث عن ثروات هائلة، وإنما عن الرمل والموت".

ومع ذلك، هناك إجماع عام داخل الكونغرس، من كلا الحزبين، على أن للولايات المتحدة مصالح داخل سوريا. فحربها ضد تنظيم الدولة لم تنته بعد، ولا يمكن أن تقوم بإيلاء هذه المهمة لكل من تركيا وروسيا. كما إن السماح للأسد وإيران بالسيطرة على المناطق المحررة حاليا، سيؤدي إلى المزيد من الموت والتطرف واللاجئين وعدم الاستقرار الإقليمي بكل التأكيد. إضافة إلى أن فرض العقوبات ليست الدواء الشافي. من المحتمل ألا تجبر هذه العقوبات كلاً من الأسد وروسيا وإيران على تغيير استراتيجيتهم داخل سوريا. لكن كل ما يمكن فعله محاولة التأثير هناك. فرض الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين الماضي عقوبات على 11 شخصا وخمس شركات لقيامهم بأعمال تجارية مع نظام الأسد. إنهم يحاولون تطبيق المبدأ القائل بأن إعادة إعمار سوريا يجب أن تبدأ بإحراز تقدم سياسي على الأرض وإنهاء الفظائع.

وقد أصدر البيت الأبيض بالفعل بياناً لدعم مشروع قانون "قيصر". ينبغي على مجلس الشيوخ أن يقوموا بالتصويت على هذه القرار لتذكير الأسد وبقية العالم بأن الولايات المتحدة ما زالت تهتم بما يحدث في سوريا، فهذا أقل ما يمكننا القيام به.

في حديث لي مع "قيصر" أخبرني أن "إقرار مشروع "قانون قيصر" سيعطي الأمل لشعب مضطهَد ومسحوق، بأن ثورتنا وتحقيق العدالة لضحايانا لم تمت"، مضيفاً: "إن توقنا للحرية سيستمر ما دام هناك رجال ونساء أحرار في العالم مثل الشعب الأمريكي والكونغرس".