الأربعاء 2017/11/22

من يمتلك زمام الوجود الإيراني في سوريا ؟ ( ترجمة )


العنوان الأصلي : قد تطلب إسرائيل من إيران الخروج من سوريا، لكن روسيا هي من تضع قواعد اللعبة

 

بقلم: آموس هاريل

المصدر: هآرتس

ترجمة : مركز الجسر للدراسات


بالنسبة لموسكو، يعتبر وجود القوات الإيرانية في سوريا شرعياً؛ لأن الأسد دعاها إلى هناك. 

في تصريح مقتضب لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء الماضي أوضح الخطة الاستراتيجية جنوب سوريا والمنطقة بأكملها. بعد ثلاثة أيام من توقيع الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة والأردن حول ترتيبات وقف إطلاق النار هناك، تملص لافروف من الفقرة التي يتضمنها الاتفاق، والتي تفضي بخروج القوات الأجنبية من الأراضي السورية، حيث قال إن وجود إيران في سوريا "شرعي"، وعليه فإن روسيا لم تتوعد بإجبار الإيرانيين على سحب قواتهم من البلاد.

إن ادّعاء موسكو هذا -والذي ينطبق كذلك على القوات الروسية هناك- ينبني على دعوة نظام الأسد لكل من إيران وروسيا. فالدعوة التي وجهها بشار الأسد تضفي ظاهرياً شرعية على وجود هذه الدول عسكريا في سوريا، حتى مع تجاهل روسيا المستمر للجرائم التي يرتكبها نظام الأسد ضد شعبه خلال ست سنوات ونصف.

الشيء الوحيد الذي أجمع عليه الروس هو اشتراط أن تبقى المليشيات الشيعية والإيرانية التي تتفق معهم بعيدة خمسة كيلومترات عن خطوط الاتصال مع الثوار. أما بالنسبة لإسرائيل، فهذا يعني أن الإيرانيين سيتواجدون على مرتفعات الجولان على بعد 10 كيلومترات من الحدود، ويعتمد هذا، على المناطق التي يسيطر عليها الثوار. ويمثل هذا الجانب خيبة أمل لإسرائيل من الاتفاق، خيبة زادت حدّتُها على إثر تصريح لافروف، الذي تضمّن رسالة مشفّرة أخرى مفادها: أن موسكو هي صاحبة الكلمة الفصل لما سيحدث في سوريا.

إن انعدام الردِّ من الجانب الأمريكي على تصريحات لافروف، بعد فترة وجيزة من تصريحات لمسؤولين بالخارجية الأمريكية تفاخروا فيها حول البند القائم على سحب القوات الأجنبية من سوريا، يشير مرة أخرى إلى الطرف الذي يدير الأمور في سوريا.

إن السبب وراء الدعم الروسي لإيران -على الرغم من علاقات روسيا الوثيقة والإيجابية بشكل عام مع إسرائيل- هو ببساطة أن الإيرانيين -خاصة وكلاء حزب الله- يقدمون الدعم العسكري البري للروس ونظام بشار، وهو ما يتوقف عليه بقاء النظام. ليس هذا وحسب، بل إن الحفاظ على النظام الحالي هي المهمة الأولى للروس، إذ سيمكّنهم ذلك من الحفاظ على مكتسباتهم والظهور بمظهر القوة، والإبقاء على القاعدة البحرية في طرطوس والصفقات التجارية المحتملة، والتي جاءت على إثر انتصار الأسد. فروسيا لا تتدخل أو تحتجّ عندما تقصف إسرائيل قوافل أسلحة حزب الله؛ طالما أن هذه الهجمات لا تمس بالقوات الروسية، لكنْ لا سبب يدفعها إلى تلبية المطالب الإسرائيلية بشأن إبقاء الإيرانيين بعيداً عن سوريا.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو صرّح هذا الأسبوع أن تل أبيب ليست ملزمة بالاتفاق الثلاثي الذي جرى، وكرر وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان تحذيره بأنّ إسرائيل لن تجلس وتسمح بدعم إيران في سوريا، كما إنها لن تسمح لسوريا بأن تصبح موقعًا أماميًا ضد إسرائيل، مضيفا أنه "من الجيد أن يفهم الجميع هذا في حال لم يفهموه بعد".

ما الذي تشير إليه التحذيرات الإسرائيلية بالضبط؟

يعتقد العميد عساف أُريون (باحث في معهد الدراسات الأمنية الوطنية، والرئيس السابق لقسم الاستراتيجية العامة للجيش الإسرائيلي) أن إيران تشن حرباً على إسرائيل منذ عقود عبر وكلائها. مضيفا أنه "الآن، ولأول مرة، يبدو أن الإيرانيين يستعدون لوضع هياكل أساسية هامة في سوريا؛ مثل قواعد الجيش، وميناء، ومصانع أسلحة، وقوات عسكرية بشكل دائم. عندما قالت إسرائيل إنها لن تقبل بهذا، فهي تسعى إلى سن قوانين جديدة للُّعبة أكثر من أي وقت مضى، فالجبهة الشمالية بالنسبة لإسرائيل بين سوريا ولبنان أصبحت غير واضحة تمامًا، وسيكون علينا أن نسأل أنفسنا: متى تحين اللحظة التي نرد فيها؟".

وكانت صحيفة الغارديان البريطانية نشرت هذا الأسبوع وصفاً إدراكياً لحالة الشرق الأوسط. فقد أثار إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته تحت ضغط سعودي، توترا في جميع أنحاء المنطقة، وربط أحداثا كثيرة منفصلة.  والواقع أن هذه التوترات كانت في الخفاء وهي الآن تطفو على السطح.

ويربط المحلل في شؤون الشرق الأوسط "مارتن مارتن تشولوف" كل هذه النقاط ببعضها بدءاً باستقالة الحريري ومروراً بمنع الاستقلال الكردي في العراق وعمليات التطهير في السعودية والمجاعة التي أصابت الملايين بسبب الحرب الأهلية في اليمن، وأخيرا إطلاق الحوثيين صاروخا على الرياض،  على أنها من مظاهر الصراع على النفوذ بين السعودية وإيران الذي وصل الآن إلى ذروته في المنطقة الواقعة بين بيروت وصنعاء.

إن التحرك السعودي المتعدد الجوانب والذي يتضمن تدخل السعودية في الحرب بكل من سوريا واليمن، والمناورات السياسية في لبنان، والجهود المبذولة لعزل قطر، وكذا الجهود للحدّ من تأثير رجال الدين الوهابيين المتطرّفين، وخطط بناء "مدينة المستقبل" الضخمة، والاكتتاب العام لشركة أرامكو النفطية، والعديد من المبادرات الحالمة الأخرى التي لا يعي حجمها ولي العهد محمد ابن سلمان  ( ذو الـ 32 ربيعا ) .

يعتقد عساف أريون أن الأمير "لديه الكثير من الأحلام الوردية، وأن هذا النظام الذي حُمّل فوق قدرته الاستيعابية يتطلب قيادة وسيطرة غير اعتيادية، جنباً إلى جنب مع التخطيط على المدى الطويل، مضيفا أنه لا يعتقد أن الأمير يمكنه النجاح في الحفاظ على هذا النظام دون التخلي عن أي من تلك الأهداف".

كمراقب أجنبي، تذكّرني السعودية بوصف تشرشل عندما تحدث عن روسيا قائلا إنها " لغز يلفه الغموض داخل أُحجيّة ". فسلسلة التحركات التي قام بها ولي العهد، وعلى الخصوص إجبار الحريري على الاستقالة، قوبل بعضها بالاستغراب في كل من إسرائيل والمنطقة، وكذلك في الدول الغربية.

ويشكّك خبراء عسكريون إسرائيليون في قدرة السعوديين على تحقيق أهدافهم بقدرتهم العسكرية الحالية، بالرغم من شرائهم أسلحة بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة وبلدان أخرى. فأداؤهم كان ضعيفاً في اليمن، وأدَّوا دوراً ثانوياً إلى حدّ ما في معركة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة. لذا يجب على الخطط السعودية أن تواجه الواقع المرير، وعندما يحدث ذلك، فمن المحتمل أن يكون ذلك مؤلما.