الأثنين 2018/01/01

من الحكمة ألا يرغب أعداء إيران في تغيير النظام بها

المصدر: الغارديان

بقلم: سيمون تيسدال

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


كطيور جارحة تحلّق في سماء صحراوية، يراقب أعداء وخصوم إيران الأحداث والتظاهرات التي تجري في طهران والمدن الأخرى عن كثب.

إن آمال الولايات المتحدة وإسرائيل بأن تؤدي الاضطرابات الجارية في إيران إلى انهيار النظام أمر سابق لأوانه، ولكن تصور أي ضعف حقيقي يمس قبضة النظام الإيراني يمكن أن يقود إلى تصعيد خطير وينذر بزيادة التوترات الإقليمية.

إن الجهود التي يبذلها الشيعة المسلمون في إيران من أجل فرض هيمنتها على الشرق الأوسط أدى إلى ظهور العديد من الأعداء لإيران. تزايدت سياستها التوسعية بعد نزع القيود الاستراتيجية في نهاية الحرب الباردة وتسارعت وتيرة هذه السياسة بعد الانهيار البريطاني-الأمريكي في العراق بعد عام 2003.

فأصبحت إيران قوة مؤثرة في العراق ما بعد صدام حسين وسوريا ولبنان واليمن. قوبلت هذه التجاوزات باستياء كبير، ليس فقط في قلب العراق السني من الشمال إلى الغرب، ولكن أيضا في السعودية التي تعتبر قلب النابض للعالم الإسلامي.

اتهم المسؤولون الإيرانيون السعودية بالوقوف وراء الاحتجاجات التي تجري في إيران، عندما ألقى نائب محافظ لورستان باللوم على " الجماعات التكفيرية (من المتشددين السنة) و"أجهزة استخبارات أجنبية" بأنهم هم من يقفون وراء الاحتجاجات، في إشارة واضحة إلى الرياض.

وحتى وقت قريب كانت فكرة بأن تقوم السعودية بالتآمر على إيران من أجل تغيير النظام أمرا غريبا وغير متوقع، إلا أن التوترات بين البلدين في أعلى مستوياته الآن.

اتهمت السعودية إيران بالمسؤولية المباشرة عن الهجوم الصاروخي الأخير الذي استهدف القصر الملكي في الرياض، جراء إطلاق صاروخ من اليمن التي يحارب فيها التحالف الذي تقوده السعودية الثوار الحوثيين الذين تدعمهم طهران.

يمتد التنافس السعودي الإيراني ليصل إلى لبنان؛ فيما وصفه أغلب المراقبين على أنه انقلاب الرياض حليفها اللبناني، رئيس الوزراء سعد الحريري، على تقديم استقالته من الرياض؛ في إطار سعي السعودية للحدّ من تأثير حزب الله المدعوم إيرانياً على السياسة في لبنان.

وفي مساعيه لصد إيران، قام محمد بن سلمان، بفرض حصار على قطر مع دول خليجية أخرى في حزيران/ يونيو الماضي، وفرض سيطرته داخل المملكة، الشيء الذي أكسبه صفة التهور. لا أحد يعلم ما الذي يمكن أن يقوم به بن سلمان بعد كل هذا، على الرغم من أنه قد أعلن عن نيته "التصدي للهيمنة الإيرانية في المنطقة"، ووصف خامنئي، المرشد الإيراني الأعلى، "هتلر الشرق الأوسط الجديد".

يحظى بن سلمان بدعم كبير من صديقه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مبعوث الشرق الأوسط. كما أن عدائية دونالد ترامب نحو ما يصفه "بالنظام الإيراني المارق" وآماله بأن ينهار لا تخفى على أحد.

كانت التظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في إيران مفاجئة للجميع، إذ لم تكن هناك شرارة داخلية واضحة عنها قبل نشوبها. عبر كل من ترامب ونائبه مايك بنس، أعربا عن أملهما في سقوط "النظام القمعي" الإيراني، متناسين أن حسن روحاني أعيد انتخابه ديمقراطيا كرئيس للبلاد منذ أقل من سنة.

كما أن السياسيين الإسرائيليين متحمسون لتغيير النظام في إيران؛ حيث قال وزير التعاون الإقليمي، تزاتشي هانيغبي، إن المتظاهرين الإيرانيين "يخاطرون بحياتهم بكل شجاعة من أجل الحصول على حريتهم"، ودعا "العالم المتحضر" إلى تقديم الدعم لهم.

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي كرس وقته لتشويه صورة إيران وشيطنتها كتهديد وجودي، دعا إلى الهدوء – معبرا عن قلقه من يصب قادة إيران جام غضبهم على إسرائيل. فإذا كان نتنياهو يخشى من رد فعل عنيف، من المحتمل أن يكون من الحكمة الهدوء. على عكس ترامب وبنس، توجد إسرائيل في خط إطلاق النار إذا ما خرجت الأمور تخرج عن السيطرة.

تقول إسرائيل إن إيران عززت من صواريخ وأسلحة حزب الله والمسلحين الفلسطينيين في غزة، و إنها قلقة على أمن مرتفعات الجولان الواقعة على الحدود السورية، مضيفة إلى أن من شأن إضعاف إيران أن يدفعها إلى الهجوم ويؤدي إلى ظهور شريك مدمر لا يمكن التنبؤ بتصرفاته في كل من العراق وسوريا وتركيا وكذلك روسيا التي تتحالف مع طهران في إطار المصلحة.

أما بالنسبة للصقور الأمريكية والسعودية والإسرائيلية المتربصة أن تحذر مما تتمنى بشأن مستقبل إيران.