الجمعة 2019/07/05

ما يجب معرفته حول البرنامج النووي الإيراني

بقلم: جوناثان ثيرون

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


لطالما كانت قدرات إيران النووية مصدر إزعاج عالمي لأكثر من عقدين. ففي الوقت الذي يصر فيه القادة الإيرانيون على أن بلادهم لا تسعى لامتلاك الأسلحة النووية، فإن تخصيبها لليورانيوم وتاريخها في استخدام الخداع أديا إلى حالة من انعدام الثقة بشكل عميق.

بعد أكثر من عامين من المفاوضات والتهديدات بقصف منشآت البلاد، اتفقت إيران والقوى العالمية عام 2015 على تسوية النزاع. وضع الاتفاق قيودا على نشاطات إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية عنها والتي أعاقت صادرات النفط وأدت إلى تعثر اقتصادها. في أيار/ مايو من العام 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق الذي تم التفاوض عليه في عهد سلفه وستعيد فرض العقوبات، ما دفع بالدول الموقعة الأخرى إلى تكثيف جهودها لإنقاذ الاتفاقية.

الوضع اليوم:

بعد مرور عام واحد على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أعطت إيران، في 8 أيار/ مايو الماضي، مهلة لا تتجاوز مدتها 60 يوما للموقّعين الأوروبيين لإنقاذ الاتفاق النووي وهددت بأنه في حال لم يفعلوا ذلك، فإنها ستتجاوز الحد المسموح به من إنتاجها لليورانيوم المخصب. بعد أقل من شهرين، أكدت إيران أنها تجاوزت الحدود القصوى المتفق عليها لمخزوناتها من اليورانيوم المنخفض التخصيب. ترغب إيران في أن تساعدها الدول الأوروبية على تسهيل صادرات النفط وتجارته، بعد أن سمحت الإعفاءات الأمريكية لبعض الدول بشراء النفط الإيراني. كانت إيران تتوقع أن يؤدي الاتفاق إلى انتعاش اقتصادها، لكن العقوبات الأمريكية أدت إلى حدوث ركود بدلا من ذلك. بموجب الاتفاق - الذي توصلت إليه كل من إيران والولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي - تستطيع إيران تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية. كما إنها تملك نحو 5000 جهاز طرد مركزي قادر على فصل نظير اليورانيوم 235 عن اليورانيوم الخام.

وافقت إيران لمدة 15 عاما على تخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3.7 ٪، وهو المستوى اللازم لتزويد محطات الطاقة النووية بالوقود. كما تعهدت بالحد من مخزونها من اليورانيوم المخصب في حدود لا تتعدى 300 كيلوغرام، أي ما يعادل 3٪ من مخزونها وذلك في أيار/ مايو من العام 2015. تحققت وكالة الطاقة الذرية من تخلص إيران من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20٪، الذي يمكن استخدامه في صنع نظائر طبية وتشغيل مفاعلات الطاقة، والذي يمكن تصفيته أيضا واستعماله في صنع الأسلحة النووية خلال مدة قصيرة. أكد مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران دمرت مفاعلا قادرا على إنتاج البلوتونيوم. كما أكدت التقييمات اللاحقة للوكالة أن إيران ملتزمة ببنود الاتفاق منذ توقيعها على الصفقة النووية.

معلومات أساسية:

دفعت التصريحات الإيرانية والاتصالات الدولية الإيرانية مع علماء باكستانيين بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى التحذير من قدرة إيران على تطوير سلاح نووي عام 1992. في الوقت الذي أكدت فيه إيران مجددا التزامها بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية لعام 1968، فقد أرادت الاعتراف "بحقها" في تخصيب اليورانيوم قبل تقديم تنازلات. لم تكن الدول على استعداد للقيام بذلك خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد التي استمرت ثماني سنوات، حيث توعد حينها بمحو إسرائيل. حصلت إيران هذا الاعتراف بعد انتخاب حسن روحاني في عام 2013. وقد قدّر المسؤولون الأمريكيون في عهد الرئيس باراك أوباما أن الاتفاق قد زاد من الوقت اللازم والذي ستسغرقه إيران لإنتاج مواد قابلة للانشطار كافية لصنع قنبلة خلال بضعة أشهر. رد مسؤولو ترامب بأن الصفقة زادت من الأنشطة الإيرانية التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط ولم تعالج بشكل كاف برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.

التعليل:

انتقدت قوى الشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل والسعودية الاتفاق، قائلة إنه يمكّن النظام الإيراني على حساب الأمن الإقليمي. يقول نقاد في الكونغرس الأمريكي إن إيران لا يمكن الوثوق بها فيما يتعلق بصنع أي من المواد القابلة للانشطار، سواء كانت لأغراض الطاقة أو الأدوية أو القنابل. فالمشككون غير راضين عن تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرين إلى أن إيران لم تعترف سوى بمحطتين رئيسيتين لتخصيب اليورانيوم بعد أن تم كشفهما عن طريق أشخاص خارج البلاد. في حين يرى مؤيدون للصفقة أن إيران ما كانت لتوافق أبدا على التخلي عن تخصيب اليورانيوم بشكل كلي وأن العقوبات التي دامت عقدا من الزمن قد فشلت في إيقاف برنامجها النووي. إن الحفاظ على قدرتها على تخصيب اليورانيوم مهم بالنسبة لإيران، وذلك لأسباب تتعلق بالفخر القومي، مثلها في ذلك مثل الدول الأخرى كالأرجنتين والبرازيل واليابان وجنوب إفريقيا. يمنح هذا النوع من التكنولوجيا إيران القدرة على امتلاك أسلحة نووية إذا ما اختارت عدم الوفاء بالتزاماتها.

في دفاعه عن الاتفاق، يقول أوباما إنه منع نشوب حرب أخرى في الشرق الأوسط. ويرى مؤيدون، أنه دون الاتفاق النووي، كانت ستظل إيران حرة طليقة للسعي وراء تحقيق طموحاتها النووية دون قيود القوى العالمية ودون عمليات التفتيش المضنية التي تضمنها الاتفاق.