الثلاثاء 2019/03/19

ماذا يعني فتح الحدود العراقية السورية؟

بقلم: سون إنجل راسموسن

المصدر: وول ستريت جورنال

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


تخطط العراق لفتح معبر حدودي حيوي لها مع سوريا في الأيام القليلة المقبلة، الأمر الذي سيسمح بتدفق البضائع الإيرانية إلى سوريا بشكل كبير، في حين تخشى الولايات المتحدة من أن يسهّل هذا المعبر عمليات نقل الأسلحة إلى حلفائها.

إن إعادة فتح الحدود في منطقة القائم، التي أغلقتها العراق عام 2013 أثناء مطاردتها لمقاتلي القاعدة، سيعزز من الروابط التجارية بين سوريا والعراق ويساعد اقتصاداتهم التي تضررت جراء الحرب.

أعلن رئيس أركان الجيش العراقي، الجنرال عثمان غانمي، إلى جانب نظيره الإيراني ووزير دفاع نظام الأسد، في ظهور علني نادر لهم يظهر تنامي العلاقات بين الجيران الثلاثة في الشرق الأوسط قوله: لدى كل من العراق وسوريا وإيران جداول أعمال مختلفة بخصوص سياساتها الخارجية، لكن هذه الدول متحدة بشأن حربها ضد الجماعات المتطرفة كتنظيمي الدولة والقاعدة. وأكد المسؤولون الثلاثة مجددا أن أمن بلدانهم مرتبط ببعضه.

إن فتح المعبر الحدودي من قبل شريك رئيسي لواشنطن يوضح أيضا التعقيدات التي تواجهها الولايات المتحدة في محاولاتها عزل إيران عن حلفائها في المنطقة.

عارضت الولايات المتحدة لفترة طويلة خطط إيران لإقامة ممر بري يمر من العراق وصولا إلى سوريا، حيث تخشى من أن يسهّل من عملية تسليح المليشيات التي تدعمها إيران، والتي يمكن أن تساعد هذه الأخيرة على ترسيخ نفوذها في المنطقة.

ساعدت طهران بشار الأسد في إعادة تأكيد سيطرته على البلد بأكمله بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب. وقالت إسرائيل إنها لن تسمح بوجود قواعد إيرانية في سوريا، حيث استهدفت في السنوات الأخيرة ما وصفته بالقواعد العسكرية الإيرانية في سوريا.

لم يستطع فريق "وول ستريت جورنال" التواصل مع المسؤولون الأمريكيين للتعليق على هذا المقال.

بعد ثلاثة أشهر من إعلان الرئيس ترامب عن مخططه بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، يخطط البنتاغون اليوم للإبقاء على نحو 1000 جندي في الأراضي السورية، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأحد الماضي. وكان السيد ترامب قد صرح سابقا بأن الهدف من بقاء القوات الأمريكية في العراق هو مراقبة إيران.

سيكون فتح الحدود العراقية السورية خطوة أخرى لتطبيع علاقات سوريا مع جيرانها العرب، وذلك بعد أن أعادت الأردن فتح حدودها العام الماضي، وقامت الإمارات بفتح سفارتها في دمشق من جديد.

بالنسبة لإيران، يمكن أن يساعد فتح الحدود العراقية السورية في تسهيل النقل البري إلى دمشق، ما يتيح المزيد من الفرص الاقتصادية لطهران التي تحاول تخفيف الضغط الاقتصادي الذي تفرضه العقوبات الأمريكية.

تمتد الحدود الإيرانية العراقية إلى نحو 900 ميل، بالإضافة إلى وجود العديد من المعابر التي يمر عبرها الأشخاص والبضائع التي تقدر عائداتها بمليارات الدولارات كل عام.

وقال محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، إن الحدود هي أولوية قصوى بالنسبة لطهران لنقل البضائع والحجاج الشيعة. مضيفا بالقول: "إن وجود هذا الممر البري أمر حيوي وضروري، كما إن إدراج البضائع العسكرية من عدمه يعتمد على قرارات الدول الثلاث والمحادثات التي ستجري بين قادتها"، مؤكدا: "سيتم ذلك كله بموجب الحقوق والقوانين الدولية."

كان من المقرر يُجري باقري لقاءات مع المليشيات المدعومة من إيران قبيل زيارته لدمشق، ويزور محافظة دير الزور ومنطقة البوكمال الواقعة شرقي سوريا، بالقرب من الحدود العراقية، وكذا المناطق التي تسيطر عليها القوات الأمريكية التي تحارب الفلول الأخيرة لتنظيم الدولة.

في ظهور لهم إلى جانب ممثل عسكري كبير في العراق، أحد أهم حلفاء واشنطن الإقليميين، دعا المسؤولون الإيرانيون ومسؤولو النظام إلى إخراج القوات الأمريكية من سوريا.

يأتي اجتماع دمشق في الوقت الذي تعمل فيه إيران على تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط وسط ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة، التي أعادت فرض العقوبات على طهران العام الماضي بعد انسحابها من الاتفاق النووي الدولي لعام 2015.

في أواخر شهر شباط/ فبراير الماضي، قام الأسد بزيارة طهران لأول مرة منذ بداية الحرب السورية. وخلال الأسبوع الماضي، التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني بزعماء العراق السياسيين في بغداد بالإضافة إلى لقائه مع آية الله علي السيستاني في النجف، وهو أول لقاء بين الرئيس الإيراني الحالي ورجل الدين الشيعي في العراق، الأمر الذي يعد مؤشرا على تزايد نفوذ إيران في العراق. كما أوضحت الزيارات الإيرانية محاولات العراق موازنة علاقاته مع اثنين من أهم حلفائه، واشنطن وطهران.

قال غانمي: "لا يمكن التفريق بين أمن سوريا والعراق" خلال شرحه للأسباب التي أدت إلى فتح المعبر الحدودي، موضحا بالقول: " يقع أمر تأمين هذه الحدود على عاتق القوات العراقية والسورية، وسيتم فتح المعابر الحدودية في غضون الأيام القليلة المقبلة".   كما قال غانمي إن بلاده تشن ضربات ضد تنظيم الدولة على الأراضي السورية بالتنسيق مع دمشق.