الثلاثاء 2018/07/24

فورين بوليسي: هذا ما يجب أن يفعله ترامب بشأن سوريا

بقلم: أليكساندر بايك وبريان كاتوليس

المصدر: فورين بوليسي

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


لقد وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى أدنى مستوياتها في الآونة الأخيرة،  ولكن هناك مجالاً للتعاون لتجنب حرب أوسع في الشرق الأوسط.

ما زلنا نجهل ما دار بين كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حوار في القمة التي جمعتهم الأسبوع الماضي في هلسنكي.

أما بخصوص سوريا، والتي تعتبر أحد المواضيع الرئيسية التي تضمنها جدول أعمال القمة، فقال ترامب إن "التعاون بين بلدينا سينقذ مئات الآلاف من الأرواح". وأضاف أن الولايات المتحدة "لن تسمح لإيران بالاستفادة من الحملة الناجحة" التي شنتها على تنظيم الدولة. مؤكدا أن روسيا والولايات المتحدة "ستعملان معا" لضمان سلامة إسرائيل.

لقد وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى أدنى مستوياتها، غير أنه على الرغم من الاختلافات الجدّية بين البلدين بخصوص سياستهما الخارجية حول سوريا وأوكرانيا وأفغانستان وعدة قضايا أخرى، فلا يزال عدد من الأميركيين قلقين من تدخل موسكو في الانتخابات الأمريكية عام 2016 ، واحتمالية تكرار ذلك في 2018.

ومع ذلك، فإن لدى الولايات المتحدة وروسيا مصلحة رئيسية مشتركة في سوريا: يسعى كلا البلدين إلى تجنب حدوث تصعيد في سوريا من شأنه أن يشعل حرباً أوسع نطاقاً بينهما أو بين إسرائيل وإيران. فعلى الولايات المتحدة أن تمنع حدوث ذلك.

يمكن النظر إلى الحرب في سوريا من عدة زوايا. ففي الوقت الذي شن فيه نظام بشار الأسد وروسيا هجوماً وحشياً جنوبي البلاد، فقد خلق وجود القوات التركية والأمريكية، على التوالي في الشمال والشرق، مناطق استقرار نسبي للسكان المحاصرين.. إن هذه المعطيات على الأرض بالإضافة إلى الاجتماعات الأخيرة بين روسيا وإسرائيل والأردن ودول إقليمية أخرى، كلها تخلق فرصة يجب على الولايات المتحدة أن تستغلها.

يجب على ترامب انتهاج دبلوماسية صارمة مع روسيا لوضع إطار جديد لتهدئة الصراع في سوريا، لكن ليس من خلال معاقبة نظام بشار والدفع به لممارسة المزيد من العنف والدفع بالمزيد من السوريين للنزوح، ولكن من خلال الاستفادة من مناطق السيطرة الفعلية الثلاث الموجودة لتجميد النزاع واستئناف المناقشات حول مستقبل سوريا السياسي.

يتضمن ذلك ثلاث خطوات أساسية:

1 _ إطلاع بقية الفريق على حيثيات قمة هلسنكي:

الخطوة الأولى هي الحصول على مزيد من التفاصيل حول ما وصفه أناتولي أنتونوف، السفير الروسي في واشنطن، بالمقترحات "المحدّدة والمهمّة" التي طرحتها روسيا في قمة هلسنكي بخصوص ملفّ سوريا. فلم يُطلع ترامب فريق الأمن القومي الخاص به بحيثيات هذا الموضوع كما صرح قائد القوات الأمريكية الأعلى في الشرق الأوسط، الجنرال جوزيف فوتيل، قائلا بعد أيام من اجتماع هلسنكي إنه لم يتلقَّ أي توجيهات جديدة. إن أقل ما يمكن لترامب أن يقوم به في الوقت الحاضر هو إعلام كبار مستشاريه بحيثيات ما اتُّفق عليه مع بوتين بشأن سوريا.

2 _ القيام بجهود دبلوماسية جديد مع روسيا وتركيا:

يجب على وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وفريقه في وزارة الخارجية القيام بدور أقوى في محاولة لبلورة نهاية الصراع في سوريا. فلم يعد الأمر يقتصر على إزالة الأسد، الذي أصبح موقفه آمناً في الوقت الراهن، بل إنه يتعلق بتعزيز الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا من أجل وقف سفك الدماء.

يجب أن تشمل هذه العملية كلاً من روسيا وتركيا ويتم التركيز على ثلاثة أهداف: تحديد الحدود بين مناطق السيطرة للحد من مخاطر التصعيد، وتأمين الالتزامات لإصلاح القطاع السياسي والأمني، وتحديد شروط الانسحاب النهائي من سوريا لجميع القوات الأجنبية، لذا يجب أن تلعب الأمم المتحدة دور الوسيط في هذه المباحثات.

إن الهجوم الحالي الذي تدعمه روسيا في جنوب سوريا، وانسحاب ترامب من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه إدارته، كلها مؤشرات تستدعي أخذ كلام بوتين على محمل الجِد، إذ إنه من الحمق وغير المسؤولية القيام بعكس ذلك. سيستدعي إبقاء القوات الأمريكية في شرق سوريا جهدا دبلوماسيا جديدا وذلك لإنهاء القتال ضد تنظيم الدولة وردع النظام وحلفائه من دخول المنطقة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، مالم يكن هناك تقدم ملحوظ للقيام بتسوية سياسية وطنية.

3 _ تقديم المزيد من المساعدات لتحقيق الاستقرار:

إن المناطق المحررة من تنظيم الدولة والتي تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" - تحالف تقوده المليشيات الكردية – تعتبر في الأساس منطقة آمنة، حيث يقول العديد من المحللين إن الحفاظ عليها سيكلف الولايات المتحدة الكثير. والآن وبعد أن أصبحت هذه المنطقة موجودة، يجب أن تعمل إدارة ترامب مع الحلفاء والشركاء لاستعادة الخدمات الأساسية وإنعاش المنطقة على نطاق أوسع، حيث يعتبر هذا الأمر حاسما من أجل إبقاء تنظيم الدولة خارج هذه المنطقة.

يتحفظ الكل بشأن روسيا، فلقد عبثت بسياسة الولايات المتحدة ولم تلتزم بوعودها في صفقات سابقة معها بشأن سوريا، بما في ذلك اتفاق جنيف لعام 2012 واتفاقات وقف إطلاق النار التي تم التفاوض عليها في عامي 2016 و2017.

إذا قدّر لهذا التعاون أن يؤتي أكله هذه المرة، فيجب أن يكون في المناطق التي تتوافق فيها الأهداف الأمريكية مع الأهداف الروسية. وبما أن موسكو تلصق صفة الإرهاب على كل من يعارض النظام، فمن غير المحتمل أن تتعاون الدولتان على مكافحة الإرهاب. كما إن هناك اختلافا كبيرا بخصوص استراتيجية كل منهما تجاه إيران، التي لا تزال حليفًا أساسيًا لروسيا في سوريا. من غير المرجّح أن تستجيب هذه الأخيرة لمطالب موسكو، بغضّ النظر عما قاله بوتين لترامب في هلسنكي أو لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو خلال لقائهما هذا الشهر..

تسعى كل من روسيا والولايات المتحدة إلى تجنب اندلاع حرب كبرى أخرى في الشرق الأوسط؛ لذا يجب على فريق ترامب العمل على هذا الهدف المشترك خلال الأسابيع القادمة.