الثلاثاء 2018/09/25

سوريا.. ساحة معركة الجميع

بقلم: أنجيلا شارلتون

المصدر: أسوشييتد بريس

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


 في الوقت الذي يتحدث فيه قادة العالم عن السلام في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، يرجو سكان إدلب بأن تمنع الجهود الدبلوماسية حدوث معركة على آخر معقل للثوار في سوريا.

حتى يومنا هذا لم تقدم الجهود الدبلوماسية شيئا يُذكر لسوريا، حيث جعلت تلك القوى العالمية التي تحاول اليوم التوصل إلى حل سلمي في إدلب، من سوريا ساحة لمعاركها بالوكالة لسنوات.

لهذه البلدان أهداف متضاربة في الوقت الذي يقع فيه مستقبل سوريا على المحك، وسط قلق عارم يسود إدلب، مما قد تؤول إليه الأمور واقتراب الحرب التي دامت سبع سنوات من نهاية محتملة.

ما الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه؟

عندما يتعلق الأمر بمستقبل سوريا، فإن روسيا هي من يتولى زمام الأمور..

زعزعت القوات الروسية ميزان القوى خلال المعركة الدولية ضد تنظيم الدولة، وحسمت المعركة لصالح بشار الأسد عبر إرسال طائرات حربية وجنرالات ومرتزقة لشل حركة الثورة السورية وتفكيكها.

بعد إعادة تشكيل ساحة المعركة السورية، تحاول روسيا الآن تحقيق السلام. فقد أدى تحالفها مع تركيا وإيران إلى تهميش وإقصاء جهود السلام الغربية الموازية.

أبرمت روسيا الأسبوع الماضي صفقة جريئة مع تركيا لتفادي معركة في إدلب، على الأقل في الوقت الحالي. سيسعى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للحصول على دعم أوسع في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع في محاولة لجمع الأموال الغربية لإعادة إعمار سوريا.

تسعى روسيا إلى الحفاظ على نفوذها في دمشق بمجرد انتهاء الحرب، باعتبارها موقعاً استراتيجياً في الشرق الأوسط وسوقاً مفتوحة للأسلحة والسلع الروسية،  وبالتالي فإنها لن تسمح للولايات المتحدة وحلفائها بالتدخل مستقبلاً. إذ يعد إعلان روسيا يوم الاثنين الماضي اعتزامها إرسال أنظمة الدفاع الجوي المتقدّمة من طراز (إس-300) رسالة واضحة للولايات المتحدة وحلفائها.

ما الذي تريد تركيا تحقيقه؟

تركيا هي الأمل الأخير المتبقي للثوار السوريين المنشقّين، لكن نفوذها قد بدأ مع مرور السنوات.

حققت تركيا القليل من انضمامها إلى المحور الروسي - الإيراني بخصوص الملف السوري، فيما عرفت علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا فتوراً خلال هذه الفترة.

سيحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال كلمته في الأمم المتحدة، تجنب أو تأخير حدوث أزمات جديدة على طول الحدود السورية التركية. تسعى تركيا أن تتفادى استقبال موجة جديدة من اللاجئين. والهدف الأهم من ذلك هو إبقاء الأكراد بعيداً حدودها.

بالنسبة لتركيا فإن الوضع في إدلب يشكل معضلة كبرى، حيث استعد عشرات الآلاف من مقاتلي المعارضة لما اعتبروه آخر معاركهم مع النظام، فقاموا بحفر الخنادق، وتكديس أكياس الرمل، وتعزيز الكهوف. أرسلت تركيا تعزيزات لقواتها الموجودة في إدلب، إلا أن فرص انتصارها في معركة ضد قوات النظام المدعومة من روسيا وإيران ضئيلة.

توصلت تركيا إلى اتفاق مع موسكو من أجل وقف إطلاق النار وإنشاء منطقة منزوعة السلاح بالقرب من إدلب، قبيل اجتماعات الأمم المتحدة هذا الأسبوع. لكن محللين وحلفاء يتساءلون عما إذا كانت أنقرة قادرة على الدفع بالمقاتلين الثوار إلى تطبيق بنود هذا الاتفاق.

ما الذي تطمح إيران إلى تحقيقه؟

تسعى إيران أقرب حليف للنظام، إلى تحقيق خططها على المدى الطويل، فقد كان لدى إيران مقاتلون على الأراضي السورية حتى قبل اندلاع الحرب عام 2011. لا تنوي إيران الانسحاب إيران من سوريا، بل تسعى للحفاظ مليشيات حزب الله والحفاظ على تحالفها مع سوريا ضد إسرائيل.

ترفض إيران أي وجود للنفوذ التركي والأمريكي في المنطقة، وتزعم أن الغرب هو من قدم الدعم للمتطرفين في السابق.

لقد أصبح الاقتصاد والنفوذ الإيراني أضعف مما كان عليه بسبب الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية النووية لعام 2015 وإعادة النظر في احتمالية فرض عقوبات جديدة على طهران. غير أن إيران تملك الوقت الكافي لتعزيز نفوذها في سوريا بينما تنسحب القوات الأخرى منها.

ما الذي تريده الولايات المتحدة وحلفاؤها؟

لقد دعمت الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاؤها الخليجيون المعارضة خلال الحرب السورية، لكنهم لا يرغبون في الاعتراف بذلك.

مع انقسام صفوف هذه الأخيرة، تردّد الرئيس باراك أوباما آنذاك حيال خوض حرب واسعة النطاق أو تغيير النظام.

لا تزال الولايات المتحدة متمسكة بوجودها العسكري في المنطقة لضمان القضاء على تنظيم الدولة، وحصول المدنيين السوريين على مساعدات إنسانية وضمان عدم استهدافهم بالأسلحة الكيماوية.

تحاول القوى الغربية اليوم، التي سعت على مدى سنوات للإطاحة بالأسد، الحفاظ على ماء وجهها من خلال إبرام صفقة سياسية تتضمن مستقبلاً بدون الأسد.

قد تمنح الصفقة الروسية التركية هذه الإمكانية: إذ تسعى الدول الغربية في الأمم المتحدة هذا الأسبوع لتوسيع نطاقها لتشمل هذه الصفقة بعضا من الخيارات السياسية المتوخاة.