الأثنين 2019/04/22

تعثر استئناف العلاقات الأردنية-السورية بسبب أزمة المعتقلين الأردنيين

بقلم: أسامة الشريف

المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


تبددت آمال إعادة ربط العلاقات الأردنية السورية، التي وصلت أدنى مستوياتها في أعقاب اندلاع الأزمة السورية عام 2011، بسبب أزمة المواطنين الأردنيين الذين اعتقلهم نظام الأسد منذ إعادة فتح الحدود البرية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

في 9 نيسان/ أبريل الحالي، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أنها تلقّت تأكيدات من سفارتها في دمشق بأن نظام الأسد سيطلق سراح ثمانية معتقلين أردنيين. وجاء الخبر بعد خمسة أيام من استدعاء الوزارة للقائم بالأعمال السورية في عمان للمرة الرابعة للاحتجاج على احتجاز أردنيين عبروا الحدود في وقت سابق. في 10 نيسان/ أبريل الحالي، أكدت الوزارة أنه تم إطلاق سراح أربعة أردنيين من أصل 55 محتجزاً داخل سوريا.

عبَر آلاف الأردنيين الحدود إلى سوريا منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في حين تبادل البلَدان زيارات برلمانية اعتبرها كثيرون إشارة جيدة إلى تحسن العلاقات الثنائية. كما زار وفد برلماني من تسعة أعضاء دمشق في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2018. ليصل بعد ذلك وفد سوري من المشرّعين إلى عمان للمشاركة في مؤتمر برلماني عربي في 27 شباط/ فبراير الماضي حيث كانت هذه أول زيارة يقوم بها مسؤولو النظام للمملكة منذ عام 2011.

من بين الخطوات الأخرى التي أشارت إلى محاولات لإذابة الجليد حول العلاقات بين البلدين، زيارات وفود رجال أعمال أردنيين إلى دمشق سعيا لتحسين العلاقات الاقتصادية، في حين أعلنت عمان في كانون الثاني/ يناير الماضي أنها تعمل على تحسين وجودها الدبلوماسي في دمشق. كما سمحت المؤسسة العامة للطيران المدني للطائرات المدنية الأردنية باستخدام المجال الجوي السوري في شباط/ فبراير الماضي.

يعتقد المراقبون هنا أن عمان كانت تعمل في الخفاء على حل مشكلة عودة سوريا إلى الجامعة العربية قبل القمة العربية التي عقدت في تونس في آذار/ مارس الماضي. كما يعتقد البعض أن الأردن استضافت اجتماعا قصيرا في 31 كانون الثاني/ يناير الماضي وحضره وزراء خارجية كل من مصر والسعودية والكويت والبحرين والإمارات، لمعالجة مسألة عودة سوريا المحتملة إلى الجامعة العربية، بالإضافة إلى عدة قضايا أخرى تمّت مناقشتها. لكن وجود خلافات حول هذه القضية حال دون التوصل إلى اتفاق بخصوص هذا الأمر.

شكل احتجاز نظام الأسد عدداً من الأردنيين الذين زاروا البلاد ضغطا على الحكومة الأردنية، التي حاولت في البداية حل القضية بشكل سري. لكن بعد تعرضها لضغوط علنية، أصدرت وزارة الخارجية بيانا شديد اللهجة في 4 نيسان/ أبريل الحالي يدعو نظام الأسد إلى الإفراج الفوري عن أكثر من 30 أردنيا. قال متحدث باسم الوزارة إنه إذا كان لدى النظام أي تحفظات بشأن أي أردني يرغب في دخول البلاد فعليه إعادته إلى الأردن؛ لكن السماح له بالدخول ثم إلقاء القبض عليه أمر غير مقبول على الإطلاق، خاصة وأن عدد المحتجزين في ارتفاع مستمر.

أكد بيان الوزارة حقيقة أن العلاقات الأردنية السورية بحاجة إلى المزيد من الوقت قبل أن تصبح طبيعية. ومما زاد من جدلية هذا الأمر هو رد فعل أحد النواب الأردنيين المؤيدين لنظام الأسد، طارق خوري، الذي هاجم حكومته في 7 نيسان/أبريل الحالي، وقال إن نظام الأسد كان على وشك إطلاق سراح 28 معتقلاً، لكن بيان الوزارة، الذي وصفه بأنه "غير دبلوماسي وسامّ"، قد أخر هذه الخطوة. وقال خوري أيضا إن من بين المعتقلين أعضاء في تنظيم الدولة وآخرين يعملون في قناة الجزيرة الإخبارية.

لم ترِدْ أخبار جديدة عن مصير باقي المعتقلين الأردنيين منذ 9 نيسان/ أبريل الحالي. لكن يعتقد محللون أن وضع العلاقات الثنائية مع دمشق تمت مناقشتها خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 7 نيسان / أبريل إلى عمَّان. كما يرون أن كلاً من عمّان والقاهرة تدعمان استعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية، لكنهما ترغبان في رؤية خطوات إيجابية من جانب دمشق.

تعمل الأردن مع روسيا لإنهاء أزمة الآلاف من اللاجئين المحاصرين في منطقة الركبان على الجانب السوري من الحدود مع الأردن. كما تسعى الأردن للحصول على مساعدة موسكو لإعادة أكثر من 600 ألف لاجئ سوري داخلها. كما يأمل رجال الأعمال الأردنيون في الحصول على بعض من العقود التي تقدَّر قيمتها بمليارات الدولارات خلال إعادة إعمار سوريا في المستقبل.

في هذه الأثناء، تنتظر الأردن إشارة إيجابية من نظام الأسد بشأن قضية المعتقلين. قال نضال الطعاني، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأردني، لـ"المونيتور" إن الأردن يتطلع لإقامة علاقات خاصة في جميع المجالات مع سوريا، وخاصة في هذه المرحلة الحساسة. لكنه كرر موقف الحكومة من أن قضية احتجاز الأردنيين هي حجر عثرة رئيسي، وأضاف قوله إن أعداد المعتقلين في ازدياد مستمر منذ إعادة فتح الحدود.

وكان قد كتب السياسي ماهر أبو طير في صحيفة الغد اليومية في 11 نيسان / أبريل الحالي، إن الأردن يتحمل مسؤولية عدم تحذير مواطنيه من المخاطر المترتبة على زيارة سوريا. وأضاف أن نظام الأسد لا يهتم بمصير أكثر من مليون سوري يعيشون داخل الأردن، فلمَ ينزعج من وجود بعض الأردنيين في سجونه؟ مضيفا بالقول : "الحقيقة هي أن النظام السوري ناقم على الأردن لاعتقاده بأننا أيّدنا نشوب الفوضى والعنف هناك ... ويريدنا أن نركع طلباً للمغفرة".

واختتم بالقول إن الأزمة الحالية دليل على أن استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين سوف تستغرق وقتاً طويلاً.