الخميس 2018/07/26

الغارديان: هذا ما يجعل الإيرانيين ينزلون إلى الشوارع

بقلم: علي أنصاري

المصدر: الغارديان

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

الكل يعلم مدى حب ترامب لدبلوماسية تغريدات تويتر والتي تؤدي إلى احتقان الوضع دون إيجاد حل له. فقد أثارت موجة غضبه الأخيرة التي استهدفت إيران استنكارا واسع النطاق في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. يجب أن ندرك أن ترامب يتصرف كما عهدناه؛ فعلى الرغم من التأييد السريع الذي حظيت به تغريداته من قبل مستشاره للأمن القومي، جون بولتون - وهو رجل معروف بعدائه الشديد لإيران- إلا أن التهديد الأخير معاد، حتى لا ننسى، لدولة تواصل وصف الولايات المتحدة رسميا بأنها "الشيطان الأكبر"، وتشجع على حرق العلم الأمريكي وتقوم الآن باختطاف المواطنين الأمريكيين من ذوي الجنسيات المزدوجة.

كما هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني - في محاولة واضحة للاصطفاف مع التيار المتشدد في بلاده في الآونة الأخيرة بالرد على فرض عقوبات على مبيعات النفط الإيرانية بإغلاق مضيق "باب السلام"، وهو خط أحمر واضح لواشنطن وتهديد رد عليه باراك أوباما في السابق عن طريق ممارسة دبلوماسية هادئة.

لقد كان الرد الإيراني الرسمي على تغريدة ترامب ضعيفا على الرغم من أنه يمكننا أن نتوقع استجابة أكثر قوة من الحرس الثوري والمرشد الأعلى في الوقت المناسب. استقر وزير الخارجية، جواد ظريف، على رد فعل غريب إلى حد ما على تويتر، تطغى عليه النزعة القومية، مشيراً إلى أن إيران ظلت موجودة خلال صعود وسقوط الإمبراطوريات.

تجدر الإشارة إلى أن العديد من الإيرانيين كانوا متفائلين بشأن انتخاب ترامب، حيث كان يشاطرهم نفس الرأي بخصوص حلفائهم الروس واعتبروه قادرا على إبرام الصفقات.

وتعكس هذه الاستجابة الرؤية الراسخة لدى الإيرانيين والتي ترى أن التعامل مع الجمهوريين أسهل من التعامل مع الديمقراطيين، حيث يعتبرونهم أقل تشبثا بالأفكار غير المريحة كحقوق الإنسان، وأكثر استجابة لاحتياجاتهم في مجال النفط.

وقد دعم هذا الاعتقاد الرأي القائل بأن وصول هيلاري كلينتون إلى إدارة البيت الأبيض سيشكل تهديدًا أكبر لأنها ستتمكن من إقامة عدة تحالفات، في حين أن ترامب مولع أكثر بـ "فن إبرام الصفقات".

في الوقت نفسه، ليس هناك شك في أن ترامب قد تسبب في إثارة الكثير من الحنق في النظام الإيراني.

والملفت للنظر أن عمليات إطلاق الصواريخ بشكل منتظم والأعمال الاستفزازية التي كانت تقوم بها إيران باتجاه دول الخليج، والتي ميزت العام الماضي من رئاسة أوباما، قد تراجعت بشكل كبير.

ليس هناك شك في أن المواجهة الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران قد أعطت المتشددين في إيران غطاء لتحصين قوتهم، لكن يجب توخي الحذر عند القول إن هناك علاقة سببية بين ما تقوم به أمريكا والتطورات التي تحدث داخل إيران، وهو ما يعتقده الكثيرون في واشنطن.

تعاني إيران من مشاكل اقتصادية هيكلية خطيرة ونقص مزمن في الاستثمار بالبنية التحتية، كنقص المياه على نطاق واسع. لقد تبلورت هذه المشاكل على مدى عقود.

فلا يستطيع "الشيطان الأكبر" التغرير بالإيرانيين، بالنظر إلى مدى إدراكهم لكل هذه الأمور.

يُكن الإيرانيون الكثير من الكره لترامب، لكن استمرار المظاهرات في الشوارع إنما يترجم عدم قدرة تأثير النظام الإيراني في المشاعر الشعبية باعتباره نظاما لا يعتمد عليه في أبسط القضايا الأساسية. ربما قد يكون لترامب يد فيما يحدث لكن عمق الأزمات التي تجري في إيران داخلي بحسب ما يعتقد الإيرانيون.