الخميس 2018/07/05

الغارديان: مخاوف متزايدة حول سلامة 270 ألف نازح من القتال بدرعا

بقلم: كريم شاهين

المصدر: الغارديان

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


تعاقبت المناشدات لتقديم المساعدة للسوريين بعد تنفيذ قوات النظام هجوماً بدعم روسي، الشيء الذي دفع بالمدنيين إلى النزوح بشكل جماعي.

تتزايد المخاوف حول سلامة أكثر من 270 ألف مدني فروا من القتال الأخير الذي يجري في جنوب سوريا، حيث وجهت منظمات الإغاثة والأطباء المحليون نداءات عاجلة بخصوص الأشخاص الذين تقطّعت بهم السبل في الصحراء دون مأوى.

لا يزال القتال مستعراً في محافظة درعا، وهي منطقة استراتيجية تقع على الحدود بين الأردن وإسرائيل، في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات للتوصل إلى اتفاق استسلام بين الثوار في المنطقة وروسيا التي تعتبر الداعم الرئيسي للنظام. لكن مسؤولي الأمم المتحدة يقولون إن أكثر من 270 ألف شخص فروا من منازلهم في الأسبوعين الماضيين، توجه 160 ألفاً منهم نحو مرتفعات الجولان والحدود الإسرائيلية.

ويُعتقد أن أكثر من 200 مدني قد قتلوا في المعركة الدائرة بدرعا، التي من المفترض أن تكون منطقة " خفض تصعيد" خاضعة لوقف إطلاق النار، الذي لعبت فيه كل من روسيا وتركيا وإيران دور الوسيط. وكانت قد بدأت موجة العنف هذه في منتصف حزيران/ يونيو الماضي بعد عام من السلام النسبي، في حين تابع نظام بشار الأسد حملاته العسكرية في أجزاء أخرى من البلاد.

صرح أحد الأطباء الموجودين في مدينة القنيطرة، بالقرب من مرتفعات الجولان، طلب عدم الكشف عن هُويته خوفاً على سلامته وسلامة عائلته: "إن الوضع الإنساني سيء للغاية"، مضيفاً: "إن نزوح العديد من القرى والمدن نحو هذه المنطقة الصغيرة يعتبر مأساة كبرى".

تعتبر درعا رمزاً للمعارضة السورية، ومهداً للاحتجاجات الأولى التي جرت عام 2011، لتنتشر هذه الاحتجاجات فيما بعد في جميع أنحاء سوريا قبل أن تتطور إلى تمرد ضد نظام الأسد. معظم مقاتلي المعارضة في المنطقة هم أعضاء في جماعات الثوار المعتدلة، كجزء من تحالف الجبهة الجنوبية الذي تدعمه الولايات المتحدة وبريطانيا، ويوجد مركز قيادته في العاصمة الأردنية، عمّان.

كانت تعتبر الجبهة الجنوبية فيما مضى واحدة من أقوى فروع المعارضة، لكنها ظلت مقيدة بندرة الدعم من داعميها والانشقاقات التي عرفتها صفوفها لمدة طويلة.  أكد الحلفاء الغربيون لهذه الجماعات الشهر الماضي عدم تدخلهم عسكرياً لحمايتهم من هجمة النظام.

حوّل نظام الأسد وروسيا تركيزهما العسكري نحو درعا بعد السيطرة على مناطق أخرى كبرى من سوريا، بما في ذلك حلب والغوطة الشرقية، بعد حصار وحشي قاسٍ. اتبع الهجوم في درعا نمطاً مشابهاً بدءاً من تقسيم الأراضي الخاضعة لسيطرة الثوار والتفاوض معهم لإبرام "اتفاقيات المصالحة"، حيث يقوم الثوار بالاستسلام والتخلي عن أسلحتهم، كما يتم إجبارهم على النزوح إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شمالًا بالقرب من الحدود التركية، أو يظلون تحت سلطة النظام.

وقد استسلمت بالفعل بعض هذه الجماعات الموجودة في جنوب سوريا، كما تم تطبيق وقف إطلاق النار لمدة يومين في الوقت الذي كانت فيه مجموعات الثوار على طاولة المفاوضات مع الروس.

ويقول مسعفون إن ثمانية مستشفيات تعرضت للقصف منذ بدء الهجوم في 19 حزيران/ الماضي. وقال أحمد الدبيس، مسؤول في اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، التي تدير المستشفيات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، إن ثلاثة من طاقمه الطبي قد لقُوا حتفهم مع ثلاثة أشخاص آخرين يعملون في المجال الطبي. في المجمل، قتل أكثر من 210 مدنيين وجرح 500 آخرون، بمن فيهم عمال الإغاثة.

أدهش النزوح الجماعي المهول للمدنيين الكثيرين، فقد أدى إلى تفاقم أزمة إنسانية في بلد نزح فيه نصف السكان على مدار سبع سنوات من الحرب. وردت شائعات عن احتمالية حدوث هجوم درعا على مدى أشهر، حيث تعتبر هذه مسألة شديدة الحساسية من الناحية السياسية بالنسبة لإسرائيل على وجه الخصوص، وذلك بسبب احتمال مشاركة المليشيات التي تدعمها إيران في الهجوم، وتزايد المخاوف من تواجدها بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وكانت قد صرحت إسرائيل بأنها لن تسمح بدخول اللاجئين إلى الأراضي التابعة لها.

تتعرض الأردن إلى ضغوط متزايدة لفتح حدودها أمام الأشخاص الفارين من العنف، خاصة وأن العائلات المحلية على جانبي الحدود تتقاسم إرثاً مشتركاً، بالإضافة إلى شيوع ظاهرة الزواج المختلط قبل الحرب بين البلدين. أظهرت صور ومقاطع فيديو بثت على وسائل التواصل الاجتماعي تدفق الأردنيين على الحدود حاملين معهم إمدادات لمساعدة السوريين الهاربين من درعا.

لكن عمان، التي أغلقت حدودها عام 2016 بعد أن قتَل مسلحو تنظيم الدولة حراس الحدود في تفجير سيارة، وقاومت الدعوات، وحثَّت على وقف تفاوضي لإطلاق النار. يعيش في الأردن أكثر من 600 ألف لاجئ سوري.

خلال دعوة وجهتها منظمة العفو الدولية إلى الأردن من أجل فتح حدودها، قالت لين معلوف، مديرة مكتب الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية "إن سكان درعا محاصرون فعليا - فالعديد من النازحين يعيشون في خيام مؤقتة في الحر الشديد مع عدم توفر الطعام أو الماء أو الرعاية الطبية، والخوف الدائم من التعرض للهجمات في أي لحظة"، مضيفة أن "الحدود الأردنية هي بوابتهم الوحيدة نحو الأمان".

ويقول أطباء محليون إن المدنيين الذين فروا إلى المناطق الحدودية يعيشون في العراء، فهم بدون مأوى كما إنهم لا يملكون  خياماً، بالإضافة إلى ندرة الطعام والماء، فضلاً عن عدم وجود صرف صحي. يُعتقد أن 12 طفلاً على الأقل لقوا حتفهم جراء لدغات العقارب والجفاف وشرب المياه الملوثة. فيما يبقى آخرون عرضة لخطر ضربات الشمس.