الخميس 2018/06/28

أتلانتيك: المستقبل الهش للإصلاحات في السعودية

بقلم: دايفيد غراهام

المصدر: أتلانتيك

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

يعمل ولي العهد السعودي بن سلمان على تغيير ملامح المملكة، لكن بعض الخبراء يتساءلون عما إذا كان بإمكانه الحفاظ على السلطة.

تمر السعودية بأوقات عصيبة في الوقت الذي يسعى ولي العهد إلى إجراء سلسلة من التغييرات، بما في ذلك تخفيف القيود عن بعض المناطق، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات، والقيام بحملات قمع في مناطق أخرى، من خلال احتجاز أو سجن النشطاء.

أدت سرعة التغيير، والتغطية المكثفة التي قامت بها المنابر الإعلامية الغربية لما يحدث إلى إغفال سؤال حاسم: هل يمكن لهذه السياسة أن تستمر؟ قد يكون محمد بن سلمان الرجل الأول في المملكة الآن، لكن يحذر مراقبون سعوديون من أنه يمكن للتغييرات التي أدخلها ولي العهد أن يتم قلبُها بسهولة.

وقالت هالة الدوسري، وهي عضو في معهد رادكليف للدراسات المتقدمة في جامعة هارفارد، وتعمل في مجال حقوق المرأة: "لا أعتقد أن الطريقة التي يعمل بها ستنجح"، مضيفة "لقد أثار عداء الكثير من الناس، كما إن شرعيته قد أصبحت الآن خارجية أكثر من كونها داخلية، وهو لا يتمتع بدعم الشعب".

ردّدت كارين يونغ، وهي باحثة مقيمة في معهد دول الخليج العربي، تحليلات الدوسري، وقالت: "بحسب السعوديين فإن ما حدث خلال السنة والنصف الماضية حسّاس للغاية"، مضيفة: "أن هناك رغبة كبيرة بأن تكون هذه السياسة فعّالة، كما تشاطر الإمارات السعودية نفس الرغبة ... إلا أن الوضع الحالي حساس للغاية".

يرى مراقبون أن ما قام به ولي العهد عمل جيد حيث أصبح للمملكة حلفاء، ولا سيما الولايات المتحدة والإمارات، لكن وضعه الداخلي لا يزال ضعيفاً، وهو خطر لم يولِه نظام محمد بن سلمان اهتماما عندما كان يمارس القمع في الخارج.

يخشى ولي العهد من رد فعل التيار الديني المحافظ، في حين أن هناك خطرا آخر يفرضه منافسون له داخل الأسرة المالكة.

وربما يكون الخطر الأكبر هو الاقتصاد حيث تعاني السعودية من قلة فرص العمل، كما إن انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة أضر بالخزائن المالية للدولة، إذ حذّر مراقبون من أنه في حالة عدم قدرة محمد بن سلمان على تحقيق أهداف اقتصادية، فإن ذلك من شأنه أن يعرض بقاءه في السلطة للخطر.

يبدو أن القلق من تدهور الاقتصاد السعودي كان السبب وراء السماح للسعوديات بقيادة السيارة، حيث تقول كارين يونغ "إن الدافع وراء هذا القرار اقتصادي، إذ من شأنه أن يدفع بالمرأة لسوق العمل، وهو أفضل حل لزيادة دخل العوائل".

ويرى الخبراء، أن رفع القيود المفروضة على المرأة هو من اللحظات الجميلة في تاريخ السعودية، غير أن الذين دافعوا عن حقها في قيادة السيارة باتوا وراء القضبان أو في المنفى.

وتقول الدوسري: "على الرغم من أن الحكومة تستطيع تغيير قوانين القيادة، فإن المرأة مازالت تخضع لقوانين الوصاية الصارمة، ما يعني أن واقع الإصلاح بالنسبة لأي امرأة يتوقف على موافقة أفراد أسرتها الذكور"، على الرغم من الهواجس بشأن العمق الحقيقي للإصلاح وسيادة القانون.

وقال مالك دحلان، أستاذ القانون والسياسة العامة في جامعة كوين ماري في لندن، إن بن سلمان يحاول "تأصيل التغيير في المجتمع."

قال دحلان مبتسماً: "أنا لا أعانق نظرة توم فريدمان"، مشيراً إلى إحدى تصريحات فريدمان المشيدة بولي العهد، ومع ذلك، قال: "سيكون من الخطير في نهاية المطاف أن يفشل نظام محمد بن سلمان في إصلاحاته.

لا يستطيع أحد اليوم تحمل عواقب هذا الفشل".