الخميس 2019/05/30

يُساقون كالأغنام.. لماذا يقاتل سوريون في نظام الأسد ضد ذويهم؟

قد لا يستغرب أحدٌ من أن يرى مرتزِقاً في سوريا محلياً أو عابراً للحدود يقاتل في صفوف نظام الأسد ضد السوريين في المناطق التي قالت "لا لبقاء الأسد" ورفضت السكوت منذ اللحظة الأولى لثورة الكرامة عن سفك دم السوريين في درعا، لتحلق بركب سفينة الحرية، لكنَ المستغرب أن تجد في صفوف قوات نظام الأسد من قتلتْ آلةُ الأسد الدموية أباه أو أمه أو أخاه أو أخته أو أياً كان من أقاربه أو جيرانه؛ تجده يقاتل في صفوف الأسد.

بالطبع ليس الحديث موجهاً إلى مَن يقاتلُ من السوريين مع نظام الأسد عن عقيدة ودفاع لمصالحه التي يراها في بقاء الأسد، فمثل هؤلاء "عبيد" لا يليق بهم الخروج من قوقعة الذل والامتهان والطاعة المطلقة لنظام الأسد، لكن الحديث موجه لمن يقاتل بجانب النظام ويشعر من داخله بعدم الارتياح لما يفعله من جريمة تاريخية بحق أبناء شعبه، لكنه في ذات الوقت يبقي مقاتلاً بصفوف الأسد، ومن المحتمل أن يفقد حياته في أي لحظة، خاصة إن زُجّ في المحارق المتكررة التي يشعلها نظام الأسد كل ما سنحت له الفرصة في المناطق الخارجة عن سيطرته، فهذا الأمر قد فعله النظام سابقاً في معارك حلب والغوطة ودير الزور وحمص وغيرها، وها هو اليوم يطبقها في ريف حماة، ومثل هذا ذنبه أقبح وأفحش من ذنب من يقاتل عن عقيدة، خاصة إن أُتيحت له الفرصة للفرار.

انشقاقات قليلة

كان من الملفت للانتباه قبل أيام انشقاق نحو 30 عنصراً من قوات الأسد وهروبهم من معارك ريف حماة إلى مناطق مليشيا "قسد" الانفصالية في ريف الرقة خلال شهر أيار ، وفق ما ذكر موقع "المدن".

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا فقط 30 ؟ . لماذا لم يهرب ال 300 الذين قُتلوا في المعارك ضد الثوار بريف حماة، بل ربما أكثر من 300 عنصر من قوات الأسد ممن تم توثيقهم بالاسم والصورة وسقطوا خلال نحو أسبوعين من الاشتباكات، ومن المؤكد أن من بين هؤلاء الـ 300 عناصر من فصائل "المصالحات" ، وعناصر ربما من نفس المناطق التي تتعرض للإبادة الجماعية من قبل النظام الطائفي وداعمتيه روسيا وإيران.

لم يُعامل العناصر الـ 30 الذين انشقوا عن الأسد ووصلوا مناطق "قسد" معاملة تنفر غيرهم من الفرار، بل إنهم تُركوا لمصيرهم الذي يريدونه، ومثل هذا وأكثر يلاقيه من يفر من قوات الأسد ويصل المناطق المحررة في إدلب وحماة وحلب واللاذقية، حيث سبق وأن رحّبت الفصائل؛

بل ودعت السوريين بمختلف أديانهم وأعراقهم إلى الانشقاق عن قوات الأسد، وترك المرتزقة يواجهون مصيرهم أمام الثوار، لا أن يوضعوا في الخطوط الأمامية، بينما يبقى المقاتلون الطائفيون في الخطوط الخلفية للمعركة.

شعارات طائفية

لا يخفى حجم الحقد الذي يكنه نظام الأسد والمليشيات الإرهابية المتواطئة معه ضد المناطق السورية التي خرجت عن الطاعة العمياء، فكنا نسمع ولا نزال شعارات طائفية ودعوات لإبادة تلك المناطق بشتى الطرق، فاستخدم الأسد الكيماوي والعنقودي والفوسفوري، وقتل عشرات الآلاف ودمر أحياء عن بكرة أبيها، وكانت مثل هذه المشاهد كفيلة بأن تحرك مشاعر أي عنصر في قوات الأسد "مكره" على القتال وتدفعه للفرار وعدم المشاركة في المذبحة، ومثل هذا حصل في أيام الثورة الأولى، لكنه صار اليوم شبه منعدم.

المصابون يعانون من التهميش

رغم أن الكثير من عناصر الأسد بمختلف طوائفهم؛ سنة وعلوية ومسيحيون وغيرهم أصيبوا خلال المعارك التي شنها النظام، وتسببت للبعض منهم إعاقات دائمة، إلا أن نظام الأسد لم يمنحهم امتيازات خاصةً أو وظائف دائمة أو مرتباً يكفيهم، إذ إن العديد من الحالات انتشرت على مواقع التواصل وغيرها تُظهر بعضاً من مصابي قوات النظام الذين تجرؤوا على الحديث عن وضعهم المتردي، كان أبرزها منتصف شهر أيار الجاري حينما تجمع العشرات من مصابي قوات النظام أمام مبنى محافظة السويداء، ليخرج عليهم المحافظ آنذاك ويعدهم بـ 10 آلاف ليرة سورية لكل فرد !، ولم يكن مستغرباً هذا التعامل المهين من قبل النظام مع هؤلاء العناصر الجرحى مقارنة بما فعله مع ذوي الضحايا في الفترة الماضية، حيث منح ذوي الضحايا هدايا تدعو للسخرية، مثل ساعة حائط وعنزة وعلب بسكويت وغيرها من الهدايا المذلة التي تظهر كيفية استخفاف الأسد بمن قاتل معه حتى الرمق الأخير وفقد حياته فداء لكرسي بشار الأسد.

التذكير بضرورة الانشقاق

يجب تفعيل تذكير العناصر بالانشقاق عن قوات الأسد مثلما حصل في أيام الثورة الأولى، إذ كان للدعوات التي تُطلق بمختلف المناسبات بضرورة الانشقاق عن النظام ثمرة كبيرة في ترك الكثير من عناصر النظام القتال بجانب الأسد والفرار إلى مناطق لا يسيطر عليها، بغض النظر سواء اختار القتال بصفوف الثوار أم لا ، المهم الآن هو حث جميع العناصر وخاصة مَن كان في وقت سابق يقاتل ضد النظام أيْ عناصر "المصالحات" الذين ملؤوا الخزان البشري للنظام بعد أن كان فقيراًويعتمد بالدرجة الأولى على المرتزقة والمليشيات الإيرانية والأفغانية والروسية وغيرها، بضرورة الفرار بأسرع وقت ممكن، وإتاحة الفرصة لهم في أي وقت للانشقاق كما كان يفعل الكثيرون أيام الثورة الأولى.. سارعوا إلى اتخاذ هذه الخطوة ولا تتركوا أبناءكم يُساقون كالخراف إلى المقصلة.. وليس الحديث موجهاً لعبيد "البوط العسكري".