الأربعاء 2016/09/07

يا شيخ “نواف” عباتك ولّعت بالنار*

غريب عجيب ما نقلته "زمان الوصل" عن الشيخ نواف راغب البشير، هو يشبه تماماً العودة إلى حضن النظام، إلا إذا كان الرجل لا يجيد إيصال الرسالة فاستخدم عبارات غير التي يريد.

شخصياً لا أعتقد أن نواف البشير يعاني عقدة لسانٍ حتى لا يفقه الناس قوله، وأنا بينهم، فقد تحدثت إليه عن قرب نهاية 2013 داخل مكتبه في اسطنبول، كان قلقاً، ولم يتغير حديثه منذ ذلك الوقت حول التمويل والداعمين، وهذه لعنتنا نحن السوريين، كلّما قصّر أحدنا حلّت لعنات الناس على "الدونر" الداعم، وكأنّ الثورة قامت وهي تنتظر المال، فالجنوب يرمي على "الموك"، والشمال على "الموم"، والشيخ راغب على الدول النفطية.

بعد نصف مليون شهيد و13 مليون لاجئ ونازح يقول نواف البشير "لا نريد قتال النظام لأن سقوط النظام هو سقوط مؤسسات الدولة السورية والبديل هو الإسلام المتطرف"، وهو يشيد بفهم الشيعة لدور القبائل بعد احتلال العراق، وكأنه يعتبر أن الأميركيين جاؤوا بالشيخ غازي عجيل الياور وأن الشيعة وإيران قبلوا به على اعتباره خياراً وطنياً عراقياً، ولعله لم ينتبه إلى أن الإسلام السني هو ليس السنة الذين تجري بحقهم جريمة تاريخية منذ غزو العراق عام 2003.

لقد ركب الأمريكيون الياور، وركب الإيرانيون بعض من يمثلون السنة في حكومة المالكي ثم الجعفري، حتى بات أبناء العشائر من السنة ممنوعين من دخول بغداد التي دفعوا الثمن غالياً من أجل كرامتها... فلا نفعت القبيلة ولا حمل المحتل قيمة لأبنائها.

ومن قال لك يا شيخ نواف إن القبيلة هي أحسن وأفضل الاختيارات، ولماذا لم تعمل في الإطار الوطني، وبمفهوم الدولة المدنية، بدل مفهوم القبيلة والعشيرة التي تقاتل كما تقول منذ سنوات دون داعم.

يا شيخ نواف.. كنت برلمانياً في مجلس شعب النظام بين عامي 1988 و1992 باسم القبيلة أم باسم المواطنة، وخرجت مع مجموعة إعلان دمشق في عهد الأسد الإبن باسم القبيلة أم باسم المواطنة وباسم الدفاع عن الحريات والدولة المدنية.

هل تريد العودة إلى "سورية" النظام كي لا تسقط المؤسسات، وأي مؤسسات تلك التي تقصد، الأمنية العسكرية، أم التشريعية التي كنت أحد أعضائها، أم القضائية التي أعدمت واعتقلت مئات الآلاف، وأنت بينهم.

قد لا يلام نواف البشير كواحد من رموز المعارضة السياسة الفاشلة التي لم تستطع تمثيل الثورة، أو مواكبتها وتوجيه حراكها بشكل واعٍ، بعيدا عن الولاءات، لكنه يلام ليس بتهمة "إضعاف الشعور الوطني" التي اتهم بها الأسد كل من عارضه، لكنه ملام – قطعاً – في أنه يحلل بأسلوب نكوصيّ، ويقدم خطاباً تحت عباءة القبيلة، أما بالنسبة لمعارضته سقوط النظام على اعتبار أنه يعني سقوط مؤسسات الدولة فليفصح عن المبدأ السياسي الذي قتل أو قاتل على أساسه أبناء العشائر، إذ ليس هناك احتمالان لهذه "التكويعة"، إما أن الرجل اشتاق لمجلس الشعب، أو أنه يعتقد بأن سوريا دون قبيلة لا تعنيه.

يا شيخ نواف ... ترى عباتك ولّعت بالنار.