السبت 2017/02/25

هل يعود صراع الإمبراطوريات ؟

يبدو أن العلاقات التركية الإيرانية على شفا حفرة، على خليفة التصريحات الحادة المتبادلة بين الطرفين، فتركيا وعلى لسان رئيسها رجب طيب أردوغان اتهمت إيران بالسعي لتقسيم المنطقة ونشر التشيع، بينما قال إبراهيم كالن المتحدث باسم الرئاسة التركية إن إيران تحاول اكتساب نفوذ جديد خارج حدودها وخاصة في سوريا والعراق، ما دفع بالمتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن يقول إن بلاده ترفض تصريحات أنقرة، وإن لصبر بلاده حدودا.

تذكرنا هذه التصريحات بالحرب العثمانية الصفوية عام 1514 والتي استمرت أكثر من قرن، وكان هدفها السيطرة على القوقاز وبلاد ما بين النهرين "أي العراق وسوريا"، وظل الصراع متواصلا بينهما حتى تحولا إلى دولتين.

يمكننا القول إن هذه التصريحات الحادة، بين قوتين كبيرتين "سنية وشيعية" في المنطقة، كلاهما يشارك في الحرب السورية، قد تؤجج الخلاف بينهما وتذهب بهما إلى منحى آخر، ويكون بداية نقطة تحول كبير في المنطقة، وتفعيل لدور "التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب" والذي شكل في الخامس عشر من كانون الأول ألفين وخمسة عشر، وتعد تركيا جزءا منه، بقيادة المملكة العربية السعودية والتي عرفت باستنكارها للدور الإيراني في المنطقة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التدخل العسكري التركي في سوريا والعراق هو جزء من ردة الفعل التركية على توسع النفوذ الإيراني، خصوصا في حلب والموصل وما حولهما من مناطق قريبة من حدودها الجنوبية، هذا بالإضافة إلى دور أنقرة الرئيسي في منع حزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د "، المرتبط بحزب العمال الكردستاني، من السيطرة على مزيد من الأراضي، وإنشاء كانتون يهدد أمنها، وبفضل هذا التدخل تقدمت المعارضة السورية المدعومة من قبل الجيش التركي جنوبا، وتمكنت من طرد تنظيم الدولة من مدينة الباب وقباسين وبزاعة في الأيام القليلة المنصرمة، وقبلها جرابلس والراعي ودابق ومناطق واسعة على الحدود التركية.

الخلاف الإيراني التركي، حول مسألة وقف إطلاق النار في سوريا، والرؤية المستقبلية للبلاد، ظهر جليا، وكان جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي عقب، على حالة وقف إطلاق النار في سوريا، الذي تم برعاية أنقرة وموسكو بالقول "نرى خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، من قوات نظام الأسد وميليشاته ".

وجاء الرد الإيراني سريعا من طهران على لسان رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الدولية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي حينما قال "إن دخول أي قوة أجنبية إلى سوريا غير مقبول ويتناقض مع القوانين الدولية"، حسب تعبيره، متناسيا حضور بلاده العسكري في سوريا، وهو ما يعكس غضب طهران من اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا وعمق الخلاف التركي - الإيراني في هذا الشأن، بينما تؤكد تركيا "أن نشر إيران للمليشيات الشيعية التي تدعمها وتستقدمها من لبنان وأفغانستان قد يكون بداية لتغيير ديمغرافي في سوريا وحتى العراق"، والذي يراه مراقبون السبب الأول لتغذية التطرف بالمنطقة.

أما بالنسبة للمصالح المشتركة بين إيران وتركيا، فقد تطورت في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسبب توجهه الإسلامي بحسب ما يراه مراقبون، ما دفع إيران إلى تطوير مصالحها الاقتصادية مع تركيا، إلى أن بدأت ايران بتوسعة نفوذها في الشرق الأوسط وأصبحت في سياستها الرعناء تشكل خطرا على الأمن التركي، من خلال تدخلها في سوريا والعراق، ما يدل على أن التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، قد تكون سببا لتوتر العلاقات بين البلدان، وبذلك لا نستبعد أن تشهد الأيام القادمة حربا باردة بين الطرفين قد تتطور إلى صدام عسكري مباشر في سوريا والعراق أو حربا بالوكالة من خلال الاستفزازات الإيرانية، عن طريق ميليشياتها في سوريا، وعودة لصراع الإمبراطوريتن "العثمانية و الفارسية".