الأثنين 2019/04/22

هل تسعى واشنطن حقاً إلى الإطاحة بالنظام الإيراني؟

على عكس ما يروّج له.. لا يبدو أن العلاقات الأمريكية الإيرانية في أسوأ أحوالها رغم الضجة الإعلامية التي يثيرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين الحين والآخر، حول تداعي النظام الإيراني جراء قرار البيت الابيض الانسحاب من اتفاق فيينا النووي الموقع في عهد أوباما.

تساؤلات عدة تطرح حول فاعلية وجدوى العقوبات الأمريكية ذات الطابع الاقتصادي البحت في لجم طموحات إيران التوسعية وأذرعها التي باتت تطوق كامل الشطر الآسيوي من الوطن العربي، في وقت يدير به الجانبان أكبر شراكة في الشرق الأوسط على كامل أراضي العراق ومناطق واسعة من سوريا.

لبس كبير بين الرؤيتين العربية والأمريكية لمفهوم العداء إزاء طهران، إذا تقوم السياسية الأميركية في الشرق الأوسط على خلق توازنات قوى تُرغِم كافة الأطراف الإقليمية الى احتياج واشنطن، فيما ترى الدول العربية النفطية على وجه الخصوص بطهران شيطانا يهدد وجودها عبر سياستها القائمة على دعم الأقليات الشيعية في الدول العربية ماديا وعسكريا كما هو عليه الحال في مليشيات حزب الله والحوثي والحشد العراقي.

الإدارة الأمريكية التي تتقن لعبة التوازنات الدولية والتكسُّب من الأزمات لا تبدو جادة في قطع أي من أذرع إيران في المنطقة، فالولايات المتحدة لاتزال ترفض رفع الغطاء عن مليشيات الحوثي في اليمن كما ينسق الجيش الأمريكي مع مليشيات الحشد الطائفي العمليات ضد خلايا تنظيم الدولة في العراق في حين يعيث حزب الله فساداً في سوريا ولبنان دون أي حسيب، وهنا لا بد لنا إذا من التساؤل.. هل تهدف إدارة ترامب إلى تغيير النظام الإيراني أم إلى تغيير سلوكه فقط؟

بالتمعن في طبيعة العلاقات الجيوستراتيجية بين واشنطن وطهران تكشف خارطة الشرق الأوسط نقاط تلاق واسعة بين الجانبين أكثر من مواطن الخلاف التي يمكن تلخيصها بنقطة واحدة تتمثل في رفض واشنطن تطوير طهران أسلحة نووية، فيما يصر نظام الملالي على الانتقال إلى نادي الدول النووية ويحاول ابتزاز الغرب للقبول به قوة دولية جديدة عبر الضغط على إسرائيل الطفل المدلل لدى الغرب.

أما نقاط الالتقاء فتمتد على كامل رقعة الشرق الأوسط ووسط آسيا إذا يتشارك الجانبان نهب موارد العراق منذ العام 2003 كما يتقاسمان الشرق السوري بعد سماح واشنطن بتمركز مليشيات إيران في منطقة البوكمال مع الحدود على العراق مانحة بذلك طهران ضوءاً أخضر للتواصل مع مليشياتها في لبنان والداخل السوري، وفي وسط آسيا تلعب طهران دوراً محورياً في كبح جماح النفوذ الصيني والروسي ودعم التوجه الأمريكي، ولاسيما أفغانستان.

غير أن ترامب المتعطش لتحقيق إنجازات ضخمة بعد حملات التشكيك بإمكاناته العقلية خلال رحلة صعوده لسدة البيت الأبيض، وجد نفسه مضطراً لممارسة ضغوط على إيران مقابل صفقات سياسية واقتصادية ضخمة مع عدد الدول العربية،  لكنه في الوقت نفسه أيضاً يدير علاقاته مع طهران بحِرفية عالية إذ لا بد أن تبقى إيران قوية بما فيه الكفاية لإثارة الرعب بكافة أرجاء الإقليم من أجل أن تكون صالحة لابتزاز دول الجوار النفطية لحقب أخرى، كما إن الأنظمة العربية هي الأخرى ولاسيما في دول الخليج لا تريد زوال التهديد الإيراني بمجمله لأن ذلك سيزيل أيضاً ورقة التوت التي تستخدمها تلك الأنظمة القمعية للتسلط على شعوبها.