الخميس 2017/04/13

من منبج إلى الطبقة.. تتكرر الإبادة.. والمجرم واحد

سيناريو انتزاع المليشيات الكردية السيطرة على مدينة منبج العام الماضي من تنظيم الدولة تستنسخه اليوم في مدينة الطبقة أحد أهم معاقل التنظيم في محافظة الرقة، فالمليشيات وبدعمٍ من قوات التحالف اتّبعت طريقة الالتفاف على الخصم بعد أن فشلت في المواجهة الأمامية والاقتحام المباشر، فلجأت إلى اتباع تكتيك ما يعرف بـ " دبيب النملة" وقضم المناطق رويداً من جميع الجوانب حتى الوصول إلى نقطة تفرض الحصار على المنطقة المستهدفة، وكان أسلوبها ناجحاً في ذلك.

مدينة الطبقة التي يعيش فيها نحو 40 ألف مدني وقعت تحت الحصار بعد سيطرة مليشيات صالح مسلم على قرية الصفصافة آخر الطرق التي كانت تربط المدينة بمحيطها الخارجي، قبل نحو أسبوعين، ومنذ ذلك الحين والمدينة تعيش ظروفاً إنسانية غاية في السوء، فالمخزون الغذائي قليل جداً ويكاد ينفد والخضار شبه منعدمة، والكهرباء منقطعة والخدمات الطبية كذلك غير متوفرة، وهناك بعض المواقع في المدينة لا تصلها المياه رغم قربها من سد الفرات الذي يغذي محافظات سورية عدة بالمياه ! ، والذي يتهدده الخطر بسبب العمليات العسكرية للمليشيات في محيطه.

علاوة على ذلك ترفض المليشيات الكردية إدخال المواد الإغاثية إلى المدينة، في حين حاول عدد من الأهالي الخروج من جحيم المدينة التي تشهد مقتلة بكل معنى الكلمة، إلا أن الكثير لم يسلم من نيران الأطراف الثلاثة؛ التنظيم من جهة.. و"ب ي د" والتحالف الدولي من جهة أخرى..، فالتنظيمُ يمنع الخروج من المدينة وألغامه تملأ المنطقة، والمليشيات الكردية تتربص بالخارجين وتحاول تلميع صورتها أمام الإعلام من خلال مزاعم الاستقبال الكريم للنازحين بينما يعاني الآلاف من ممارساتها التعسفية، أما التحالف الدولي فأفرط بحجم غاراته على المنطقة وقتل العديد من النازحين والمدنيين أبرزها مجزرة مدرسة المنصورة التي راح ضحيتها نحو 200 مدني أغلبهم أطفال ونساء، وذلك القصفُ وفقاً لسيناريو منبج نفسِه يأتي بناءً على إحداثيات خاطئة عمداً تقدمها المليشيات الكردية، كمجزرة قرية التوخار التي حصلت قبيل سيطرة المليشيات الكردية على مدينة منبج وقتل فيها أكثر من 200 مدني نازح.

الطبقة الآن محاصرة وخطة المليشيات تعتمد على أمرين؛ الأول توسيع الطوق بشكل أكبر حول المدينة لإبعاد فك الحصار عنها، والثاني إنهاك المدينة بمن فيها من خلال تكثيف النيران عليها وإمطارها بالقذائف لتسهيل عملية السيطرة عليها في وقت لاحق، بعد أن يكون التنظيم قد استُنزف إذ لا خيار لعناصره الذين بقُوا فيها سوى خوض المعارك، ويبدو أن من بقي في المدينة من عناصر التنظيم سيموت فيها كما حصل في مدينة منبج.. لكن السؤال كم حجم الدماء التي ستسفك من المدنيين وكم حجم الدمار المادي والمعنوي الذي سيَطال المدينة وبنيتها التحتيّة حتى يتحقق هدف سيطرة مليشياتٍ انفصاليةٍ كرديةٍ على مدينة عربية، تسعى لأن تضمها إلى كيانها الفيدرالي، غيرَ مبالية بالسكان قتلوا أو جاعوا، بل حتى إنها تمنع دخول الهاربين من " العرب " إلى المناطق التي تحتلها إلا بكفيل.. عكس ما تظهر الآن على وسائل إعلامها الكاذبة.