الخميس 2018/10/25

من أعاد “هبل” إلى دير الزور؟!

تناقل ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي (معارضةً وموالاة) خبراً مرفقاً بصور وفيديوهات، مفاده عودة تمثال "المقبور" حافظ الأسد إلى مكانه في "دوار السبع بحرات" بمدينة دير الزور، وتراوحت ردود الأفعال بين التنديد والشجب والشتم والسباب من طرف، وفرح وابتهاج مؤيدي بشار الأسد بعودة ما سماه ثوار دير الزور بـ"صنم هبل" إلى مكانه بقلب المدينة.

لم أنظر إلى التمثال، فمعالمه وتقاسيمه محفورة في ذاكرة كل ثائر سعى لإنهاء عصر عبودية آل الأسد وأصنامهم والتي دامت أربعين عاماً، بل نظرت إلى قواعده وأساساته، كتب على قاعدة "صنم هبل" أنها مقدمة من "مجموعة قاطرجي التجارية"، ومن لاحظ ذلك لابدَّ أن يعرف أن من يصنع الطغاة ويرفض إزالتهم هو المستفيد منهم، فبجانب الروس والإيرانيين، من الخارج، تقف هوامير وحيتان الحرب والمال مع بشار الأسد من الداخل، وتحاول جاهدةً أن تستمر في مصِّ دمِ الشعب السوري.

ولمن لا يعرف من هو مالك "مجموعة قاطرجي" ولماذا يصر على تأسيس قواعد تماثيل آل الأسد في عموم سوريا وليس فقط في دير الزور، إليكم هذه المعلومات:

يملكها عضو مجلس شعب بشار الأسد "حسام أحمد قاطرجي" الذي برز اسمه مع بداية الثورة السورية كأحد مسيّري أعمال النظام تجارياً وذلك من خلال علاقاته مع قادة تنظيم الدولة ومليشيا "ب ي د" حيث أخذ دور الوسيط بين الطرفين واستفاد من كليهما، فقد قامت صهاريجه بنقل النفط الذي اشتراه من تنظيم الدولة ومليشيا "ب ي د" كي لاتقف عجلة الحياة في مناطق سيطرة النظام، إذ لا يوجد ما يسد حاجته ومتطلباته، ولاسيما لآلة الحرب التي قتلت السوريين، لأن 90 % من آبار النفط خارج سيطرته، وقام القاطرجي على الطرف الآخر باستغلال حاجة المدنيين المحاصرين في مناطق سيطرة تنظيم الدولة بدير الزور والرقة وصدّر لهم المواد الغذائية بأسعار تصل في بعض الأحيان إلى 100 ضعف، وذلك بتسهيل وتواطؤ من بعض قادة تنظيم الدولة، الذين كان همهم الأوحد من هذه العملية أخذ ما يدعون أنها "زكاة المال" من التجار الذين ساهموا في نهب واستغلال الحلقة الأضعف في هذه الحرب وهم المدنيون.

محافظات دير الزور والرقة والحسكة التي خرجت معظم أراضيها في إحدى مراحل الثورة عن سيطرة النظام، كانت تستطيع إن فرضت حصارها ومقاطعتها للنظام، وقطعت قمحها وخيراتها الزراعية عنه، بالتسبب بجوع عناصر بشار الأسد إلا أنّ القاطرجي عاد مرّة أخرى ليكون "حبل البئر" الذي يروي نظام بشار ويمده بخيرات هذه المحافظات، وأيضاً بتواطؤ وتسهيل من قادة التنظيم و"ب ي د"، فقد قامت شاحنته بنقل حبوب محافظتي الرقة والحسكة ودير الزور على العلن إلى النظام وبحماية و"ترفيق" من "تنظيم الدولة و"قسد".

القاطرجي وأمثاله من تجار الحروب مستفيدون من بقاء بشار الأسد ولذلك يعملون على تمكين حكمه، وعليه فقد أعادوا رموز العبودية إلى منصاتها في حماة وحمص ودير الزور، ولكنَّ السؤال الذي يؤرق الكثيرين هو: ماذا استفاد الدبّيكة والطائفون حول "هبل ديرالزور"، سوى إحكام النير الذي أدمى رقابهم ورغم ذلك قبّلوه وتآلفوا معه، فعبيد الأسد يختنقون إذا لم يستنشقوا ذل عناصره وأزلامه.

يستطيع الأسد وتجار حربه أن يزرعوا التماثيل في كل جزء من مناطق سيطرتهم ولكنّهم لن يستطيعوا تركها بدون حراسة لأنهم يعرفون تماماً أن مصيرها التدمير إذا غمضت عينهم عنها، ويستطيعون كذلك أن يأمروا المؤيدين بالدبك حول أصنام "آل الأسد" إلا أنهم لن يستطيعوا أن يعيدوا الهيبة لنظام تقوم أساساته على دم شعب ثار ضدّ أربعين عاماً من الذل، وتحمّل كل أنواع القصف وجابه تآمر العالم كله ضد ثورته كي يزيل وينزع الرهبة من صدر أبنائه، من الأصنام والجدران والحيوان.