الخميس 2016/06/02

منظمات المدن المنسية .. روافد

كن لاجئاً أو نازحاً أو مهاجراً أو معتقلاً ولا تكن الخامسة فتهلك..

عبارة تنطبق على كل سوري فرّ من بطش الأسد وأراد أن يكون حراً كريماً، ينام فلا يخاف أن توقظه مخابرات النظام، ويستيقظ فلا يجد نفسه سجيناً بأحد المعتقلات ينتظر دوره للمثول أمام قاضي الإعدام.

قامت الثورة في سوريا دون إذن شهريار البلاد فما كان منه إلا أن سخّر مسرور الجلاد على رقاب الناس وأرواحهم، يقطف منها ما يشاء ويبقي على ما يشاء، فانتشر القتل وعم البلاء وفاحت بل عبقت رائحة الدماء البريئة تملأ الأرجاء.

بعد ذلك ألجأ الناس إلى الهروب، ومن فاته القطار حوصر بلا معين أو معيل، يقتات من حشائش الأرض وبقايا أكوام القمامة ما يجعله يقيم صلبه ويسند فؤاده، على صورة يتألم فيها الجوع إذا ما صور على هيئة إنسان.

الدور الآن والمشهد على الأرض حان لخروج منظمات الرحمة المزعومة العاملة تحت إمرة شهريار الزمان فسخّر الهلال والصليب الأحمر لينقذوا بقايا الانسان، ولو تهيّأ له لما ترك منظمة فاسدة في أيّ مكان إلا وجلبها ، كما هو الحال مع من يقاتلون في صفوف الأسد من ميليشيا ايران وباكستان وأكراد وأفغان.

في ظل هذه الأحداث خرجت منظمات حملت على كاهلها عبء المحاصرين بل ضحّت وغامرت بحياة كثير من أفرادها في سبيل إيصال لقمة خبز لعائلة محاصرة، ولا سيّما في المناطق التي كان لها قصب السبق في هذه الثورة، كمنظمة روافد في ديرالزور، وأيتام في غوطة دمشق الشرقية.

عودة بالزمن:

خلال وجودي في إسطنبول بعد نزوح مرير من بلدي، التقيت بأحد كوادر منظمة روافد وفي حديثه عن هذه المنظمة لمست الألم والحزن باديين في عينيه ونبرة صوته، التي ما زالت تحمل غصة كلما سألته عن نشاطاتها وكيف كانت تساعد أبناء ديرالزور المحاصرين من قبل النظام، قبل أن يقوم تنظيم الدولة بالسيطرة على أغلب أحياء المدينة وكامل الريف .

أجاب بلهجته الديرية المحببة: "احنا منظمة اغاثية، كنا نطعمي 1500 عيلة يوميا من مطبخنا المتواضع، بالإضافة الى توزيع الخبز والهدوم (الثياب) والسلل الغذائية الشهرية"..

لحظات صمت ثم ينطلق قائلاً: تعرَّضنا لحصار 55 يوماً من قبل النظام، استشهد اثنان منا بقصف على مراكزنا، كل العاملين عندنا متطوعون، كان همنا هو إنقاذ أهالي المدينة من تسلط هذا النظام وتحكمه بقوتنا وأرزاقنا، لم نكن نعلم أن الأسوء قادم.

- هل سعيتم لإعادة إحيائها من جديد؟ خاصة أن النازحين كثر وتركيا لازالت تستقبل الآلاف؟

نعم المشروع قائم في حساباتنا، وعندما تتهيأ الظروف أكثر فمن الممكن إعادة افتتاح تلك المنظمة في القسم المحرّر من حلب وإدلب، أما في تركيا فهناك المئات من المنظمات الإنسانية العاملة في أورفا وعينتاب.

- هل تلقيتم مساعدات من الهلال والصليب الأحمر السوري؟

إطلاقاً بل كنا نتجنّبهم، غير أن بعض المساعدات كانت تصل إلينا بين الفينة والأخرى من منظمة  ihh التركية والهلال الأحمر القطري وصندوق إعانة المرضى الكويتي.

سياسة التجويع:

منذ اندلاع الثورة في سوريا وخاصة في ديرالزور، سعى النظام إلى إطفاء جمرتها ووأدها وهي في المهد تارة باعتقالات وتارة أخرى بالقتل وأخيراً بحصار المدن الثائرة.

- كيف كنتم تتدبرون أموركم زمن الحصار؟

"هاي اصعب أيام مرت علينا .. كنا نجيب المواد الاغاثية تهريب بالسفن بالليل، واوقات كان عناصر النظام يرتشون بس لندخل شوية دوا"

وقاحة علنية:

لا يستحي هذا النظام وأعوانه ومعهم المنظمات الدولية التي تدعي مساعدة المدنيين، ففي هدنة داريا والمعضمية مؤخراً طلب النظام من الأهالي والمجلس المحلي للمدينة دفع قيمة المساعدات الإغاثية لأجل إدخالها، في ابتزاز علني ووقاحة غير مسبوقة، طبعا ليس هذا هو المصيبة الكبرى بل عندما فوجئ الناس بأن أغلب تلك المساعدات عبارة عن مواد تنظيف وقرطاسية وشامبوات للقمل والجرب !!! خالية طبعاً من أي مواد غذائية، وكان الأحرى بالأمم المتحدة ألا تنسى مواد التجميل وإكسسوارات النساء.

أما في ديرالزور فالسياسة الإغاثية للمجتمع الدولي مختلفة تماماً.. عندما كان النظام يحاصر المدينة ويقصفها صباح مساء، لم نكن نسمع شيئا عن إلقاء المساعدات عبر الجو مع انها كانت معروفة دوليا، وحين تمكن تنظيم الدولة من السيطرة على أغلبية أحياء المدينة وطرد المنظمات الإغاثية ومن بينها روافد، إضافة الى الاستيلاء على مكاتبها، وحصار المدنيين في حيي الجورة والقصور، فوجئنا بالعالم يدين هذا الحصار ولا سيما روسيا وبدأت المساعدات الجوية بشكل كبير، ليقوم نظام السفاح وأعوانه وميليشياته بالاستيلاء عليها وتوزيعها على الجنود ثم بيع ما زاد لبعض المدنيين العالقين بأسعار خيالية.

df486bb6 c128 4446 b132 e65c07c80ce0

 

1abe13d0 4ca6 493a ae3e 67a651a635eb

 

3be1fcdd 53f1 441c b93d 3ab5421c68b7