الأحد 2016/12/11

معركة الرقة وسياسة ترامب المقبلة… تحدٍ أم مراهنة ؟

مع تزايد الحديث عن معركة مرتقبة بهدف استعادة مدينة الرقة السورية من قبضة تنظيم الدولة؛ باتت الأنظار تتجه إلى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي ما فتئ يتحدث عن خططه المرتقبة للقضاء على تنظيم الدولة في سوريا والعراق وبين ثنايا هذه الخطط تبرز ضرورة وحاجة ملحة تضع الرجل أمام تحدٍ كبير لا يمكنه تخطيه حيث تعتبر معركة استعادة مدينة الرقة أكبر تحدٍ يمكن من خلاله اختبار قدرات ترامب الدبلوماسية وهذا ما أكدته مجلة فورين بوليسي الأمريكية معتبرة أن معركة السيطرة على الرقة ستختبر قدرة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على إجراء الاتفاقات موضحة أن العملية تحتاج إلى دبلوماسية دقيقة بجانب العمل العسكري.

مراهنة جديدة وأكثر دقة بانتظار ترامب حين يتولى رئاسة البيت الأبيض فهو قد يكون أمام أحدى الخيارين فأما الانخراط العسكري بشكل أكبر في المعركة وأما البقاء في خانة لعب دور القيادة من الخلف كما فعل باراك أوباما وهذا بالطبع يتعارض مع سياسة ترامب التي تحدث عنها خلال حملته الانتخابية لذا يبدو أن الخيار الأول هو الأقرب للتنفيذ ولاسيما أن ترامب أكد مراراً وتكراراً أنه يخطط لإنهاء تنظيم الدولة واصفاً نفسه بأنه الزعيم الذي يستطيع أن يوجه ضربة قاسية للمنظمة المتطرفة لذا وإذا ما خضنا في ماهية هذه المعضلة نجد بأن ترامب سيُجبر على التصالح مع وقائع الحرب المعقدة التي لم يرد أن يعترف بها مشيراً إلى مدينة الرقة العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة التي فشل المسؤولون الأمريكيون في تدميرها لهذا فأنه من الحتمي أن يشارك الجيش الأمريكي في المعركة القادمة.

من هنا يمكن أن ننتقل إلى واقعية أكثر جدلاً خاصة إذا ما اقتربنا أكثر من السياسة المتبعة من قبل حليفي أمريكا الرئيسيين في شمال سوريا والحرب بينهما تعني أن استعادة مدينة الرقة تتطلب أكثر من القدرة العسكرية لواشنطن وهذا قد يعيد طرح استراتيجية جديدة مغايرة لاستراتيجية دعم الولايات المتحدة للعملية التي تقودها مليشيات سوريا الديمقراطية الانفصالية إلا أن الفصائل الثورية المقربة من أنقرة اصطدمت مع مليشيات سوريا الديمقراطية الانفصالية وهذا بالطبع قد يشكل اكبر تحدٍ لدونالد ترامب الذي سيضطر لمواجهة هذا الانقسام بين حليفين رئيسيين له وبالتالي سيكون من الصعب إيجاد قوى على الأرض تدفع باتجاه الرغبة الامريكية القاضية باستعادة مدينة الرقة ولمن ستؤول مسؤولية إدارتها عقب نجاح العملية.

عقدة واحدة من بين الكثير من العقد التي تقف أمام هزيمة تنظيم الدولة ولاسيما حل عقدة التحالف الذي تقوده واشنطن حيث إن كلاً من أنقرة وميليشيات سوريا الديمقراطية مهم جداً للقتال ضد التنظيم بالنسبة لواشنطن ولهذا سيكون ترامب مضطراً لإعادة هيكلة سياسة واشنطن التي ألقت كل ثقلها على حليفين متصارعين يحاول كل طرف منهما خلق حقائق واقعية على الأرض وهو ما يعني دائرة جديدة من التصاعد المشترك بين الأطراف على الحدود السورية التركية.

إذاً حالة من التحدي والرهان تنتظر دونالد ترامب الذي سيكون مضطراً لقبول إرث من الصراعات التي قد تضطره إلى الانخراط أكثر في المنطقة تنفيذاً لسياسته التي أقر أنها ستغير من وجهة واشنطن في المنطقة إلا أن أرض الواقع قد لا تتماشى مع رغبة الرجل المفعمة بالحماس فهناك سياسات قد يكون مجبراً على الإذعان لها في حال غياب أي تسوية سورية من شأنها قطع الطريق على تنظيم الدولة الذي قد يستغل ذلك للصعود مجدداً وهذا كله يعزز فكرة أن الجانب العسكري في المعركة ضد تنظيم الدولة هو الجانب الأسهل والأكثر إيجابية في سياسة دونالد ترامب المتقلبة أصلاً.