الثلاثاء 2016/10/25

ما هو السيناريو الذي يرغب الأسد حدوثه في الموصل؟

قبل الولوج في معركة الموصل وموقف الأسد منها، لا بد لنا من ذكر موقفه من عملية "درع الفرات"، فالعلميتين متشابهتين من حيثُ الأهداف؛ إلا أن الثانية تكتسب شرعيةً أكثر من الأولى، إذ إنها تحارب تنظيم الدولة في الشمال السوري، وكذلك تهدف إلى استئصال شأفة مشروع المليشيات الكردية الذي يهدف إلى تمزيق وحدة الأراضي السورية، وهو ما لا يُلقي له الأسد ونظامه بالاً.

وعلى الرغم من أنّ عملية درع الفرات نجحتْ نجاحاً قياسياً من حيثُ الزمن في دحر التنظيم من مناطق واسعةٍ ورمزيةٍ كدابق وأخترين والراعي فضلاً عن جرابلس، إلا أنها أرَّقت نظامَ الأسد ولم تلقَ استحسانه، ولا سيّما عندما أعلنت أنها ستتوجه لانتزاع منطقة الباب شرق حلب من قبضة التنظيم، ما جعل النظام المتهشم البنيان يقومُ بالتهديد بأنه سيقوم بإسقاط الطائرات التركية حال خرقها الأجواء السورية، وللعلم فإنّ جبهات منطقة الباب بين التنظيم والأسد "شبه نائمة" على الرغم من التماس المباشر بينهما.

فالأسد إذا معارِضٌ وبشدةٍ لتلك العملية ويريد إعاقتها بأي شكلٍ من الأشكال، ولم يخطرْ بباله أو يجري بظنه أنها ستحقق تلك الفاعلية في مكافحة التنظيم، وهنا نتساءل لماذا يرغب النظامُ ببقاء مناطق سوريةٍ بيد تنظيم الدولة؟

ثمةَ فائدتان يجنيها النظام من بقاء التنظيم في سورية، الأولى؛ وجود مبرر يسوغ له وللغرب شن ضربات وهجمات على مناطق خارجة عن سيطرته بذريعة محاربة الإرهاب، وبذلك يخلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح، والثانية وهي الأهم والأكثر فائدةً للنظام؛ أن التنظيم يُقدم خدمةً مجانية لنظام الأسد عبرَ محاربته بكل ما استطاع وأوتي من قوةٍ فصائلَ الثوارِ في جبهاتٍ متعددةٍ من البلاد.

من هذه الرؤية نستطيع أن نصل إلى موقف الأسد من معركة الموصل، وكان قد صرَّح في بداية العملية بأنه يرحّب بالسيطرة على الموصل، مضيفاً أنه سيتعامل مع عبور عناصر التنظيم الفارين إلى سورية بكل قوةٍ، وأن أي محاولةٍ لعبور الحدود هي بمثابة اعتداء، وفي واقعِ الأمر فإن المؤشرات العسكرية تفيد بأن سقوط الموصل بيد حكومة بغداد والمليشيات الطائفية والبشمركة مسألة وقتٍ لا أكثر، ولا سيما بعد تتالي أنباءٍ عن فرار العديد من قادة التنظيمِ إلى سورية.

وهنا تتحقق رغبةُ النظام الحقيقية التي تمكنُ في اشتياقه لهجرةِ التنظيمِ وبشكلٍ جماعيٍّ من العراق إلى سورية دونَ قتال، وإنّ ما أطلقه من تصريحاتٍ حول استهداف الهاربين ما هي إلا دعايةٌ إعلامية، وما يؤكد ذلك ما حصل في العامينِ الماضيين، ولا سيما في العام 2014 الذي يعدُ الأبرز في تاريخ تشكّلِ التنظيم عندما كانتْ أرتاله الكبيرة تعبر من مناطق صحراويةٍ مكشوفةٍ إلى مناطق متعددةٍ في البلاد؛ كما حصل في محافظةِ دير الزور التي شن التنظيم فيها هجومًا شرقاً وغرباً في العام 2014 وأنهى وجود الثورة كلياً في دير الزور، كما قد وجَّه طوابيرَ ضخمة من الآلياتِ والعتاد إلى تدمر، وأخرى إلى ريف حلب وغيرها من المناطق، وكلها كانت تعبر بسلامٍ وأمنٍ وتصل إلى وجهتها، دون أنْ تطالها غارةٌ جويةٌ رغم أنها مكشوفة، وباستطاعة المقاتلات الحربية استهدافها بإصاباتٍ محققة، لكنّ النظام كان يُحجِمُ عن ذلك بهدف تسهيل وصول التنظيم إلى مناطق يُضفي عليها صبغةَ الإرهاب لشرعنةِ حربهِ على الثورة السورية، وهذا ما سيفعله حال قرر التنظيمُ التخليَ عن الموصل والرحيل إلى سورية بهدف السماح له بتجميع قواه وتعزيز صفوفه لمواجهة فصائل الثوار، إضافةً إلى بقاء أوكار له في سورية، وإنَّ السيناريو الذي لا يتمنى له الأسد أن يحصل هو أن تحدث هجرةٌ عكسية للتنظيم من سوريا إلى العراق..